بعد اغتيال المعارض اليسارى شكرى بلعيد فى تونس على يد حركة النهضة الإخوانية, تزايدت المخاوف والتوقعات من احتمال أن تشهد مصر موجة اغتيالات للمعارضة, خاصة لأعضاء جبهة الانقاذ, لكن غاب عن أصحاب هذه التوقعات ان مسلسل الاغتيالات بدأ بالفعل, لكن عن طريق اطراف اخرى تقوم بذلك, بالنيابة عن جماعة الاخوان المسلمين, منها الشرطة احيانا ومنها مندسون احيانا اخرى. تاريخ الاخوان فى الاغتيالات يؤكد فى دوافعه السياسية أن الجماعة تفعل ذلك, عندما تشعر بأن خصما لها يريد اقصاءها تماما عن الساحة السياسية, بدليل اغتيالها للنقراشى باشا بعد اتخاذه قرارا بحلها, ومحاولتها اغتيال عبدالناصر فى المنشية بعد عقده النية على حظرها, وهو نفس الخطر الذى يفزع الجماعة الآن, بعد توالى المليونيات المطالبة بحلها, واسقاط حكم دولة المرشد, وحظر انشاء الاحزاب على اساس دينى واسقاط الرئيس محمد مرسى. فبقراءة متأنية لملامح خريطة شهداء الثورة فى عهد مرسى, يتضح ان مسلسل الاغتيالات السياسية فى مصر بدأ مبكرا مقارنة بتونس, ويستهدف نشطاء ثوريين بعينهم, اى يركز على اشد المعارضين لمرسى وللاخوان, ويتم التنفيذ بثلاث طرق, هى: الرصاص الحى, والخطف والتعذيب حتى الموت, والتصفية على يد مجهولين قد يكونون على صلة بالاخوان, وفى الثلاث تحوم الشكوك حول الداخلية فى عهد الرئيس الاخوانى. جابر صلاح الشهير ب"جيكا" نزل الى شارع محمد محمود لإحياء ذكرى الشهداء, الذين سقطوا فى ذكرى الثورة تم قتله فى 19نوفمبر الماضى بطلقات خرطوش, جميعها جاءت له من الأمام وكانت آخر كلمات جيكا التى تركها لاصدقائه على صفحته فى "فيس بوك": لو مرجعتش بقى ماليش غير طلب واحد ان الناس تكمل الثورة وتجيب حق اللى راحوا". الزميل الصحفى "الحسينى ابوضيف" استشهد برصاص الغدر امام قصر الاتحادية وهو يقوم برصد انتهاكات الاخوان المسلمين بالكاميرا الخاصة به, وتعديهم على المعتصمين السلميين امام الاتحادية اعتراضا على الاعلان الدستورى الجائر, الذى اصدره الرئيس مرسى واستحوذ لنفسه على كل السلطات, واستغله فى تمرير استفتاء على دستور غير توافقى وباطل, لإضفاء الشرعية على مجلس باطل, وهو مجلس الشورى ليقوم مقام مجلس النواب لحين الانتخابات البرلمانية القادمة. "محمد الجندى" احد شباب التيار الشعبى تم اختطافه إلي منطقة الجبل الاحمر, وتم تعذيبة حتى الموت وعثر عليه ملقى بجوار مستشفى الهلال الاحمر واستشهد فى 4 يناير الماضى, وكان من اشد المعارضين للرئيس مرسى والرافضين لسياسة جماعة الاخوان, ومحاولات السيطرة على مؤسسات الدولة من جانب الشاطر وشركاه. "عمرو سعد"عضو بحركة شباب 6 ابريل التى ساندت الرئيس مرسى فى الانتخابات الرئاسية, استشهد فى 4 يناير مصابا بطلق خرطوش فى الصدر ورصاصة فى الرقبة. "محمد حسين قرنى" الشهير ب"كريستى" استشهد امام قصر الاتحادية, وهو يهتف "هو المرشد يحكم ليه.. حكم المرشد عار وخيانة" اصيب بخرطوش فى الصدر ورصاصه اسفل الأذن, ولقى مصرعه قبل دخوله المستشفى. "عاطف المنسى" قتل على يد الشرطة بقسم ميت غمر بمحافظة الدقهلية, بعد ان تم تعذيبه حتى الموت ب"كعوب البنادق". الناشط السياسى"احمد نجيب" استشهد خلال الاشتباكات امام السفارة الامريكية, عقب الاعلان الدستورى عن طريق ضربه برصاصة فى الرأس استقرت بالمخ. فضلا عما سبق هناك شهداء ماتوا بعد الاختطاف والتعذيب حتى الموت, وهناك من تم اغتيالهم بطريقة مباشرة اثناء الاشتباكات, بزعم انهم مخربون, وان قتلهم من قبل مندسين, وأظهرت الحقائق أنهم نشطاء مؤثرون فى حركات ثورية مناهضة للاخوان او "ادمنز" لصفحات ضد الاخوان, بما يوحى بأن منفذ الجريمة هو من له مصلحة فى تنفيذها. النائب السابق مصطفى الجندى, عضو جبهة الانقاذ, قال: "بالفعل مصر سبقت تونس فى الاغتيالات السياسية, ففى الأشهر الماضية استشهد العديد من الشباب فى التظاهرات, ولم تكن عمليات تصفيتهم عشوائية, لكن كان يتم اختيارهم بشكل دقيق, فهم شباب مؤثرون فى الكيانات المنتمين لها ومعارضون بقوة لمرسى والاخوان, وكانت معارضتهم للجماعة واضحة للجميع, وكان لديهم اصرار على رحيل مرسى واسقاط حكم الاخوان, فكان جزاؤهم الاغتيال على الرغم من انهم اعطوا اصواتهم فى الانتخابات الرئاسية لمرسى, أملا منهم فى التغيير واستكمال اهداف الثورة. "السيناريو الأسوأ لم يأت بعد وستشهد مصر العديد من حوادث الاغتيالات لشخصيات سياسية بارزة من المعارضة, لأن النظم الفاشية لا تقبل المعارضة وسيكون القتل مغلفا بفتاوى دينية على غرار فتوى الشيخ محمود شعبان الذى أفتى بإهدار دم قيادات "جبهة الانقاذ".. هكذا قال الجندى, مؤكدا ان المعارض التونسى شكرى بلعيد هو "برادعى" تونس. الدكتور سعد الدين ابراهيم, مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية توقع ان تشهد الفترة المقبلة اغتيالات سياسية للنخب السياسية المعارضة للحكم الاسلامى, خصوصا فى ظل الاوضاع السياسية المزرية التى تعيشها البلاد منذ وصول الرئيس مرسى الى سدة الحكم فى مصر. توقعات الدكتور سعد الدين ابراهيم مبنية على حقائق علمية وتاريخية, منها ان مصر لها تاريخ طويل من الاغتيالات السياسية يصل الى نحو 100 عام, ومن اول البلدان العربية التى شهدت اغتيالات سياسية, مشيرا الى ان الاخوان المسلمين لهم تاريخ من الاغتيالات السياسية, التى تم الكشف عنها مثل اغتيالهم ل"النقراشى والخازندار", الى جانب اغتيالات اخرى لم يتم الكشف عنها, كما ان استهداف الشباب الثورى هو نوع من انواع الاغتيالات السياسية باستخدام مؤسسات الدولة. "الاجهزة الامنية تعلم ان الفترة المقبلة ستشهد اغتيالات سياسية لذلك قامت بتشديد الحراسة على قيادات جبهة الانقاذ".. كلمات لها دلالتها الخطيرة حول مستقبل العلاقة بين الاسلاميين والليبراليين, أنهى بها سعد الدين ابراهيم حديثه ل "فيتو".