وزارة الثقافة ما زالت فى غيوبتها.. الشباب غائب ولا أرى فيها إلا المسنين استطاع الشاعر الشاب مايكل عادل أن يحفر لنفسه ممرا يناسبه، ليرضي به موهبته وتجربته كشاعر شاب نصفته المقاهى وشوارع وسط المدينة فى ديوانه الأول "غنيوة وورقة وقلم" ليصبح ميدان التحرير مصدر إلهامه الأوحد فى ديوانه الجديد "س28"، بعد أن رافقته دماء الشهداء وروح الثورة، ليخرج لنا أول توثيق أدبى بالعامية المصرية لأحداث الثورة منذ بدايتها وطيلة أيام المد الثورى، بعد أن أوشكت ثورة ينايرعلي إتمام عامها الثاني. "مايكل عادل" في حواره ل "فيتو"، قال إن ديوان "س 28" تجسيد لعناء وكفاح عام ونصف من الثورة، دماء رفاقنا، مشاعرنا وعاطفتنا الثورية، آلام شعب كامل خلال عشرات السنين، والمزيد من التعب والعرق والدم، معترفا بأنهم من خطوا هذا الديوان، وأنه مجرد كاتب للألفاظ، فالمجد كل المجد لكل شهيد مات فوق أرض وطنه حاميا له، وكل شهيد ينتظر الموت حتى الآن. "س 28" قصائد مختلفة لتجارب حية عشتها كمشاهد يومية داخل الميدان، حدثنا عن سر التسمية، ودور القصائد في توثيق أحداث ميدان التحرير باللهجة العامية المصرية؟ س28 هو اسم النيابة العسكرية التى كانت تجمعنا بعد كل موقعة من مواقع الثورة لنخرج رفاقنا المعتقلين منها، أما الديوان فهو عبارة عن سلسلة من القصائد التى تتناول مشاهد شعورية بحتة للميدان والثورة، كفترة وكأسلوب حياة تبنت المشاهد المرئية والمحسوسة بنوعيها، بمعنى كيف يفكر الثورى فى شأن الوطن، كيف يحب الثورى، كيف يغضب الثورى، كيف يسخر الثوري؟.. وهكذا. هل أنت راض عن تجربة ديوانك الأول "غنيوة وورقة وقلم"، وما الفرق بينها وبين "س28"؟ الديوان الأول كان مناسبا للتجربة وقتها، فهو تحريض وأمل وعشق وعاطفة انطلقت من السكون، لا موقف المتحرك, لذا كانت قصائده دائما تؤكد أن الوطن سيبعث على أرض الواقع، كما بعث داخل جيلنا. حدثنا عن تجربة كتابة الأغنية؟ الموسيقي بالنسبة لى أسلوب حياة وتفكير وفرح وحزن وحب وثورة ووطن، كل شيء فى الدنيا من وجهة نظرى تتناوله الموسيقى، وحين تلحن قصائدى وتغنى لا اهتم باسم وصوت المغنى قدر اهتمامى بعقله وفكره عندما يتضح فى نقله لكلامى من خلال حنجرته. وماذا عن علاقتك بمقاهى وسط المدينة والمبدعين هناك؟ مقاهى وسط المدنية دائما تعطينى مساحة خاصة تسمح برؤية كتابى المفضلين، فمثلا كنت أذهب لمقهى "زهرة البستان" لمجرد أن ألمح الكاتب الكبير إبراهيم أصلان من بعيد, فضلا عن أننى أعشق أصالة الجو فى مقاهى وسط المدينة, والمناقشات فى السياسة والأدب، إنما مع الوقت تحول الأمر ل "موضة"، ولكنها ليست بالموضة السيئة, فالأمر مجرد ابتذاله بالنسبة لى يفقد معناه. بصفتك شاعر وناشط سياسي ما رؤيتك للوضع السياسى الراهن، وتوقعاتك لما ستؤول إليه الأمور؟ يضحك.. "حكاية ناشط سياسى دى بعيدة شوية", فأنا شاعر ومواطن مصرى مشارك فى الحركة الوطنية من الجامعة وحتى الآن, ولم أعمل بالسياسة ولن أعمل بها.. أما عن الوضع السياسى الراهن فى مصر سيئ ومحتقن، وينبئ بانفجار جديد ضد امتداد نظام مبارك، المتمثل فى جماعة الإخوان وحزبهم, السياسة الرأسمالية والدولة البوليسية والاستبداد بالرأى والديكتاتورية وتقديس الحاكم, لا جديد سوى أن الثورة ستحصد رؤوس الظلم والفساد. هل ترى أن وزارة الثقافة تتواصل مع الجيل الجديد بشكل تستحقه هذه الطاقات، أم أنها لازالت فى غيوبتها وتبتعد عن الإبداع الحقيقى لدى الشباب؟ أنا من هذا الجيل، ولم يحدث أى تواصل بينى وبين وزارة الثقافة، ولا أرى فى الوزارة إلا المسنين فقط. ما هى رؤيتك للجوائز الثقافية فى مصر والوطن العربى؟ حتى الآن لم أجد جائزة للشعر العامى ولا اهتمام بالأدب المصرى، رغم وجود مواهب شبابة متميزة للغاية. هل ظهر مايسمى بجيل الثورة فى الكتابة، أم أنت مع الرأى القائل إن ثورة الأدب سبقت السياسة؟ ظهر طبعاً وعلى مستوى الشعر بشكل خاص, ومن أبرزهم: أحمد عبدالحى ومصطفى إبراهيم ومصطفى حجازى ووائل فتحى من أبناء الميدان، وغيرهم فى كل المجالات، وكالعادة لا تقدير للموهبة، وللأسف نستطيع عمل ما نحب حتى الآن. ما الذى يمكن أن تقدمه كشاعر، خاصة بعد عودة الحالة الثورية للشارع مرة أخرى؟ الهتاف، والتبليغ بالثورة فى كل مكان، إلى أن نقتنص ما تبقى من حرية لم نحصل عليها. هل لديك رسالة معينة باسم الجيل توجهها للرئيس مرسى والإخوان المسلمين؟ رسالتى هى "الوطن أو الموت". وماذا عن علاقتك بالناشر محمد هاشم ودار" ميريت"؟ محمد هاشم هو الأب الروحي للثوار والمواهب الفنية والأدبية الشابة, أما دار ميريت، عريقة الاسم والمعنى، فهى بيتنا جميعا، قابلت هناك من نصحني وأخر رشح لى كتب للقراءة، وتعلمت من هذا المكان أشياء كثيرة ساعدتنى كي أكتب واستمر وأقاوم وأثور. أخيرا: خططك المستقبلية ما هى ملامحها؟ ملخصها نقل الشعر من مرحلة القراءة لفئة معينة من الناس، إلى فن سماعى لكل فئات المجتمع، وأعتقد أننى قطعت شوطا يرضينى إلى حد ما فى هذه المنطقة.