الفطرة الطيبة هى ما يخلق عليها البشر وهى أصل كل شىء ولكن هناك دائما من يشذ عن هذه الفطرة الطيبة إذًا فلماذا الحكم على الأصل بفعل من شذ؟ هو وضع خطير بدأ انتشاره فى المجتمع بصورة تبعث فى نفسى قلقا شديدا من امتداد مثل هذا القصور الفكرى المخيف النابع بالأساس عن جهل ثقافى وتراجع ملحوظ للقيم والمبادئ وغياب الأسوة والقدوة الحسنة داخل المجتمع مما نتج منه عدم القدرة على الحكم الصحيح وغياب الرؤية فى أمور الحياة المختلفة الخاصة والعامة وظهور فزاعات دينية وسياسية وانقسامات داخل المجتمع. فعندما نحكم على الإسلام " وما كان لنا أن نحكم على الإسلام فى ذاته لكن لاختلاط الأمور" فبفعل بعض أفراد من جماعات مثل الإخوان أو السلفيين أو حتى من يطلقون على أنفسهم "جهاديون" سواء كانت أفعالهم سليمة أو خاطئة فمجرد وضع أى مجموعة فى كفة ميزان يرجح أو ينقص من قيمة الأصل الصحيح الواضح وهو الإسلام، فهذا خطأ كبير نقع فيه بجهل وتقع فيه هذه المجموعات لأن بمجرد وضع نفسها فى مثل هذا التصنيف يجب أن تراعى كل كبيرة وصغيرة وتتحمل المسئولية عن أفعالها التى تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على كثير من الذين لا يستطيعون أن يفرقوا بين من يحب أو يتبع أصلا سليما قد يخطئ أو يصيب وبين الأصل السليم فى ذاته. وكذلك الحكم على الفن والثقافة بأنهما عبارة عن انحلال أخلاقى وعبث شيطانى وذلك بسبب الحكم أيضا على ما ينبغى أن يكون عليه الأصل بفعل من شذ حيث إن أصل الثقافة والفن هى نشر القيم والمبادئ وإثراء النفس والعقل البشرى من خلال فعاليات مختلفة بصور مقروءة ومسموعة ومرئية والتشديد على قيم ومبادئ مجتمعية أصيلة قد تندثر أو تختفى أو حتى تتبدل من حياتنا ومجتمعنا، هذا هو الأصل وما له من أهمية كبيرة فى بناء عقول لأجيال قادرة على صنع مستقبل نحلم به جميعا، أما من شذ عن هذا الأصل الهادف من الذين يقدمون الابتذال فى صوره والتشديد على قيم ومبادئ مجتمعية أصيلة قد تندثر أو تختفى أو حتى تتبدل من حياتنا ومجتمعنا تقدم شيئا بل تنشر بعض الأفكار المسممة التى تضر بالمجتمع وتبث الخلاعة والانحطاط وتؤثر سلبا على عقول وأخلاق هذا المجتمع سواء بأفلام أو روايات أو أشعار وغيرها من الأحداث المختلفة تحت مظلة حرية الفن والإبداع التى لا يقع ظلها أبدا على من لا يعى ويقدر قيمة الحرية وأهداف الفن والثقافة فمن الخطأ الحكم على الأصل وهو السليم بفعل غير المسئولين لكن يجب علينا أن نضع الصورة فى نصابها الحقيقى وأن نفرق جيدا بين الأصل السليم فى ذاته وغايته وبين من يشذ عن هذا، بذلك نستطيع أن نبدأ فى القضاء على الشذوذ الفكرى الموجود فى مجتمعنا ونعلى قيمة الأصل السليم فى كل أمور الحياة مما يخلق إنسانا.. فأسر.. فمجتمع.. فوطن.. نتمناه جميعا.