يوم السبت الماضى شعرت بقلق مفاجئ من شىء لا أعرفه وشعرت بعينى شغالة «رف».. ولا أعرف لماذا «يأكلنى» قلبى على الدكتور البرادعى ربما لأننى شاهدت وجهه شاحباً وربما لمتابعتى التحركات المريبة والزيارات العديدة لعدد كبير من النشطاء للمرشح المحتمل -أو الذى كان -فى بيته.. لم تدم حيرتى طويلاً، فقد قالها الرجل جريئة وصادمة كما «فردة كاوتشى» وفرقعت .. يا الله، لقد قرر الرجل التنازل عن الترشح للرئاسة ومغادرة السباق قبل أن يبدأ. داخل درب الفشارين اجتمعنا لبحث الأمر، للوصول للحقيقة .. فالرجل ليس بساذج، إذن لابد من «إنّ» كما يقولون فى «فيتو». مكالمة هاتفية واحدة، كانت كفيلة بتدبير لقاء يجمعنى والبرادعى فكان هذا الحوار مع الرجل : فى البداية قلت له: ما سبب هذا القرار المفاجئ يا عمنا؟!! قال: الوضع لم يعد يعجبنى يا عم سحلول لهذا قررت التراجع عن الترشح للرئاسة .. فالأمن غائب بطريقة مشبوهة وكان شيخ الغفر حصل على رشوة، والاقتصاد فى حالة هى الأسوء منذ عهد تحتمس الخامس .. مؤسسات الدولة لم تتطهر بعد من فساد النظام السابق برغم وفرة مياه النيل وكراتين المياه المعدنية، وخاصة القضاء والإعلام .. مصر تدار بعشوائية يا عم سحلول والبلاد يتم دفعها بعيداً عن الثورة وكما قال «سلامة» أقطاى ما متش.. أقول النظام مامتش! قلت له: لكن من دروس التاريخ تعلمنا أن الثورات كلها تمر بمثل هذه المطبات يا دكتور، لكنها فى النهاية تصل لبر الأمان.. وكنا نظنك أنت من ستصل بنا لهذا البر!! قال: وكيف أخوض انتخابات قبل وضع دستور يضبط العلاقة بين السلطات ويحمى الحريات؟!. قلت له: هذا يعنى أنك تريد صلاحيات كاملة للرئيس ولما شعرت بأن هذا لن يحدث فكرت فى التراجع.. وكنت تريد دستور يتم تفصيله على مقاسك؟!! قالى لي: هذا كلام «فاضى» يا عم سحلول أنا أفكر فى مصلحة البلد لا مصلحتى أنا!! قلت له: طالما هذا الكلام «فاضى» فخذ منى الكلام «المليان» والتحليل المنطقى لانسحابك يا عمنا!! قال: شنف أذنى يا سحلول أفندى!! قلت له: بالطبع أنت تعلم جيداً أنك فى حال خوضك انتخابات الرئاسة لن تحصل سوى على الأصوات التى حصل عليها تحالف الثورة مستمرة بعد هذا النجاح الكاسح للإخوان والسلفيين فقلت أنت بيدى لا بيد بديع وطبعاً بعد مداولات استمرت أسبوعا وأكثر مع المقربين أمثال علاء الأسوانى ويسرى فوده وبلال فضل وغيرهم من الدهاة - فى السياسية طبعاً- طرحوا عليك هذه الفكرة الجهنمية كى تحدث جدلاً، بين الشباب ويخرجون فى «جمعة» البرادعى وكأنك عبد الناصر فى يوم تنحيه، يطالبون بك رئيساً للدولة... قبل الإعلان عن بدأ التقدم لانتخابات الرئاسة رسمياً!! تنحنح البرادعى واعتدل فى جلسته وقال لى: هو أنت قابلت علاء الأسوانى يا عم سحلول؟!!! قلت له: لا لم أقابله ولا أحتاج لذلك كى أحلل هذا القرار المفاجئ .. لكننى قابلت جيمى كارتر الرئيس الأمريكى الأسبق ضمن زياراته هنا وهناك اشتممت فى كلامه رائحة ليست ولابد.. رائحة تقول إن الرئيس القادم سوف يكون عسكرياً، وهذا بالتأكيد ما وصل إليك ورفقائك فاتخذتهم هذا القرار كى تثيروا الشباب المتحمس لفكرة البرادعى رئيساً!! قال: من أين لك بهذا الكلام يا رجل ثكلتك أمك؟! قلت له: ويحك وهل يسأل عمك سحلول عن مصادره يا دك؟!!!.. فكيف لك وأنت تعقد انتخابات بين مؤيديك فى جميع المحافظات لاختيار مدراء لحملتك الرئاسية أن تعلن عن انسحابك المفاجئ هذا؟!!! فهل قيل لك إننا ندق عصافير يا عم برادعى؟!!! وهنا وقف البرادعى وسلم علىّ بلا حرارة وقال لى: أستأذنك لأننى فى انتظار شخصية رفيعة ..