- السيسي يواجه أحفاد «البنا» بسيناريو «ناصر 56».. و«المعتقلات» كلمة السر منذ البداية كان المشير عبدالفتاح السيسي واضحًا في موقفه من الإخوان.. لم يراوغ ولم يهادن.. رفض التصالح مع جماعة لوثت أيديها بدم المصريين، أغلق كل الأبواب أمام من يطالبون بعودة الجماعة للحياة السياسية من جديد، وأعلنها صريحة «لن يكون هناك إخوان في عهدى»، وأكد مرارًا أنه لن يسمح بوجود مكتب للإرشاد داخل مصر. يعرف السيسي أكثر من غيره أن الجماعة لن تغفر له تدخله في الإطاحة برئيسها المعزول محمد مرسي، ويدرك جيدًا أن أنصار الإخوان وحلفاءها لن يتركوه يهنأ يومًا واحدًا في الحكم، ومن المؤكد أن مشهد النهاية في حياة الرئيس الراحل أنور السادات يقفز إلى ذهن المشير، وربما يطارده في كوابيسه حينما يخلد إلى نومه نهاية كل يوم، من هنا تؤكد المؤشرات أن الجماعة ستعيش محنة من نوع خاص خلال حكم الرئيس السيسي وتحديدًا في الفترة الرئاسية الأولى التي ستواجه فيها دولة المشير بالقبضة الأمنية ردًا على أعمال العنف التي يمارسها الإخوان في الشارع منذ عزل الرئيس الإخوانى في الثالث من يوليو من العام الماضى. وعلى الرغم من أن الجماعة ومنذ تأسيسها على يد حسن البنا في عام 1928 تجيد اللعب مع السلطة، وتؤمن بمبدأ الدخول في صفقات مع النظام الحاكم، فإنها تجد نفسها مع السيسي في مأزق خطير بعد رفض المشير وساطات عديدة للتصالح مع الإخوان واختياره المواجهة حتى النهاية رافضًا السير على خطى الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي دفع حياته ثمنًا للتقارب مع الجماعة. على خطى الزعيم على الرغم من أن الظروف الحالية تختلف كثيرًا عن فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقت خلافه الشهير مع جماعة الإخوان التي كانت ترغب في اغتياله، فإن المشير يبدو أن لديه خطة أكثر إحكامًا للقضاء على جماعة امتدت بجذور وعمق في الحياة الاجتماعية للشعب المصرى، مع عدم إغفال زيادة أتباع الإخوان وحلفائها وتغيير أدوات التعامل مع من يتبنون أفكارها. كل المؤشرات تؤكد أن المشير يسير على خطى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي أدرك منذ البداية أن الجماعة طامعة وإرهابية ولا يمكن أن يكون لها أمان، فحاول كثيرًا معهم إلا أنهم حاولوا في النهاية اغتياله أكثر من مرة فلم يكن من الزعيم إلا أن يفتح أبواب السجون والاعتقال ضد جماعة فضلت التعامل والتعاون مع جهات خارجية ضد مصر في وقت تبحث فيه البلاد عن الاستقلال، وهو ما دفع عبدالناصر إلى اعتقال قيادات الجماعة وعلى رأسهم سيد قطب وعبدالقادر عودة وغيرهم وحكم بالإعدام على الكثير من اعضائها كما صدر حكم في 13 يناير عام 1954 بحل جماعة الإخوان وحظر نشاطها كما تم حل نقابة المحامين ونقابة الصحفيين حتى لا يتمكن الإخوان من الدخول فيها كستار لهم. شيء مما فعله عبدالناصر مع الإخوان يلوح في الأفق في علاقة المشير بالجماعة، خصوصًا في ظل اختيار الدولة المواجهة الأمنية مع التنظيمات التابعة للإخوان إلا أن إمكانية استمرار نفس السيناريو الأمني قد يصعب؛ نظرا لأن الجماعة أكثر عددًا من سابقتها، ورغم أن البعض يراهن على أن الجماعة لا يمكن مهما كان أن تستمر في تظاهراتها وفى النهاية سترضخ وتصمت وينتهى كل شيء فإن هذا الرهان قد لا يكون رابحًا في حالة توجه مزيد من أبناء الجماعة للخروج عنها والبدء في تشكيل خلايا للانتقام من الدولة، خاصة أن الجماعة في الأساس زرعت بداخلهم فكرة الجهاد ضد الدولة. أخطاء «الرئيس المؤمن» لعل أبرز السياسات التي قد يستغلها المشير عبدالفتاح السيى في حال تعذر القضاء على الإخوان هو المتوقع نظرًا لسوابق تاريخية قديمة، حيث تمتد الفكرة الإخوانية في عمق البناء الاجتماعى المصرى خاصة في الأماكن الفقيرة وبناء الفكرة نفسها واستغلال الأطفال منذ البداية ربما يلجأ المشير إلى إعادة صياغة جيل جديد من الإخوان تدعمه الدولة لكن بصيغة مختلفة عن تلك التي اتبعها الرئيس السادات والتي أسهمت في خلق جماعة متكاملة وجماعات إرهابية غيرها كالجماعة الإسلامية، حيث يمكن الاستعانة بالعديد من المنشقين عن القيادات الإخوانية والإسلامية والتي عرف عنها الابتعاد عن العنف وتأييدها 30 يونيو وللمشير ومنها كمال الهلباوى وثروت الخرباوى وإبراهيم الزعفرانى وكمال حبيب والدكتور محمد حبيب وحتى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسى السابق، وسط رغبة حقيقية من الدولة في دمج كل من يبتعد عن العنف ويعود لأحضان الدولة، وكذلك استغلال الجمعيات الدينية الشهيرة في صياغة مراجعات مختلفة للإخوان إذا ما كان هناك عائدون لأحضان الدولة تائبون عن الإرهاب. موسم الصفقات جماعة الإخوان المسلمين عرفت طوال تاريخها بالبحث عن مصالحها وعقد الصفقات إذا استمر التضييق عليها، وهو ما اتبعه الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك معها في ترك مساحات كبيرة لها للتحرك، وهو ما أسهم في زيادة قوتها لكنه لم يكتشف ذلك إلا أخيرًا مع قيام ثورة يناير، حيث لعبت الجماعة دورًا كبيرًا في الإطاحة بمبارك، وهو الأمر الذي لن يقبل به السيسي الذي لا يريد أن تقوم للجماعة قائمة خلال فترة حكمه بشكل يهدد استقرار الدولة والشعب المصرى، مما يصعب فكرة عقد صفقات مع الإخوان، خاصة أن كبار الجماعة تقريبًا فقدوا السيطرة على الشباب ولا يمكن أن يقنعوهم بالدخول في صفقة بسهولة، على اعتبار أن قواعد الإخوان لن تقبل بالمصالحة مع المشير. شبح «زوار الفجر» يحتاج المشير السيسي إذا أراد نهائيًا القضاء على الإخوان إلى 3 طرق قد تكون خيار المشير نظرًا لكونها الأكثر قدرة على الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين التي كشفت في اعتصاميها ب»رابعة العدوية والنهضة» عن كل الأوراق التي تخفيها بداية من عدد أعضائها وقدراتها التنظيمية وطريقة تفكيرها والإستراتيجية التي تتبعها، ولعل الضربة الأمنية القوية التي وجهتها الأجهزة الأمنية للإخوان بفض اعتصامي رابعة والنهضة أفقدت الجماعة الجزء الأكبر من توازنها وقوتها، حيث يخشى العديد من شباب الجماعة الدخول في تجربة جديدة قاسية عليهم كما كانت رابعة تحديدًا التي ألقى بها الإخوان كامل ثقلهم، وهو الأمر الذي أسهم بشكل كبير للأجهزة الأمنية في تقدير قوة الإخوان العددية وقوتها التنظيمية أيضًا والإستراتيجية التي تتبعها. وفى سبيله لتحقيق ذلك يحتاج السيسي إلى إعادة قوة وزارة الداخلية والتي تتمثل في جهاز أمن الدولة الذي تم تجميده منذ ثورة يناير ولم يعمل إلا على استحياء في فترات زمنية، ويمكن أن يتم ذلك عبر إعادة الجهاز لمواجهة العمليات الإرهابية ومحاولاته لملمة الأوراق في كل المحافظات، وهو الأمر الذي قد يساعد فيه وبقوة جهاز مثل المخابرات العامة الذي يمكنه إعادة المساهمة في تشكيل الجهاز بما يسمح له أن يكون قوة أمنية كبيرة في يد الدولة للحد من خطورة إرهاب الجماعة. الأزهر والأوقاف الإخوان حركة اجتماعية قبل أن تكون حركة سياسية فعلى مدى عقود طويلة أسهم الدور الاجتماعى للإخوان المسلمين في دعم قوتها وانتشارها وسط العديد من الشباب وكذلك باستغلالها دور العبادة «المساجد والجمعيات الخيرية»، حيث تتلقى الجماعة الشباب الصغير في المساجد ثم تبدأ في دمجهم تدريجيًا وتعليمهم مبادئ الجماعة فيخرج متبعًا الإخوان بعد ثلاثة أو أربعة أشهر حافظًا كتب الإخوان معطيًا البيعة للجماعة، وحرمان الإخوان من المساجد سيفقدها وبشكل كبير جدًا قوتها الناعمة التي استدرجت بها العديد من الشباب الصغير خلال كل تلك العقود. يأتى ذلك أيضًا بالتوازى مع دور دعوى توعوي بخطورة الفكر الإخواني في كل المساجد والتحذير منهم، ومن المتوقع أن يقوم بهذا الدور الأزهر الشريف تدريجيًا ومع الوقت في قوافل دعوية أو خطب وغير ذلك، فالحلول الأمنية لن تكون في النهاية الطريق الوحيد للمساهمة في القضاء على الإخوان كفكرة مهما وجهت للجماعة من ضربة فيمكنك قتل الجماعة وليس الفكرة حتى لو كانت الفكرة فاسدة فطبيعى أنها ستجد من يؤمن بها أحيانا. كل ذلك يزيد تأثيره بالتعاون مع الإعلام في توضيح خطورة الإخوان وابراز الدور الذي يلعبة الأزهر والأوقاف مع تبيان حقيقة الجماعة وفكرها الإرهابى الإقصائى الذي يقسم المجتمع. قوة إسلامية جديدة «لا يفل الحديد إلا الحديد».. مثال ينطبق بقوة على عدد من التيارات الإسلامية التي أفردت لها الدولة مؤخرًا مساحة من الحرية في التحرك لمواجهة أفكار الإخوان المتطرفة، ورغم أن الكثير من القوى السياسية والشعبية تعرب عن قلقها من تنامى قوة التيار السلفى وتحديدا حزب النور لا يعرف هؤلاء ربما أن القوى الإسلامية الأخرى ومنها الإخوان والجماعات الإسلامية والجهادية المتحالفة معهم المؤيدون لا يعتبرون حزب النور حزبًا إسلاميًا بسبب تحالفه لعزل الرئيس المسلم على حد تعبيرهم، بالإضافة إلى أن كتلة الدعوة السلفية وحزب النور الثابتة ليست قوية أو أنها ذو عدد كبير لكنها كانت تعتمد في وقت سابق على ما يسمى حزب «الكنبة السلفى» وهم الأشخاص الذين لا ينتمون لتيار أو حزب لكن يتبعون عددًا من مشايخ السلفية، ويبقى للنور استخدام نقطة قوة أخرى وهى أنه حزب إسلامى في الصورة بعيد عن التطرف وأميل للبعد عن نظرية الخروج على الحكام ويرفض التظاهر حزبًا محافظًا يركز على تغيير النفس قبل تغيير الحكام وكل ما يرغب فيه هو تأمين فقط مصالحة لكن وجوده كقوة إسلامية قد يؤكد وجود التيار الإسلامي أمام العالم ويقضى على أكذوبة اضطهاد الإسلاميين كما يروج الإخوان.. فإذا كانت هناك حرب على الإسلام كما تزعم الجماعة فكيف يوجد حزب سلفى على الساحة كما أن المشير يرغب في توازن للقوى الإسلامية ضد القوى الليبرالية والعلمانية أضف إلى ذلك أن حزب النور والدعوة السلفية يدعمان السيسي. العرب عون السيسي الدول العربية لعبت دورا كبيرا جدا في دعم مصر خاصة بعد خيار عزل مرسي ووقفت السعودية والكويت والإمارات موقف قوى جدا ضد الإخوان مع مصر وأيدت السيسي الذي يحظى بحب كبير جدا من الدول العربية، كما مارست دورا كبيرا للضغط على تركيا وعلى قطر الذين دعموا الإخوان وبكل قوة لضرب استقرار مصر. ولعل موقف الدول العربية كان مشرفا كثيرا بعدما قرروا تجميد عضوية قطر بمجلس التعاون الخليجى ومقاطعة قطر لحين تغيير موقفها ضد مصر والتوقف عن دعم الإخوان، وهو ما استمر حتى وقعت قطر على وثيقة اتفاقية الرياض والتي تقضى برفع الدعم القطرى عن دعم الإخوان وتغيير سياسة قطر ضد مصر، وهو الضغط الذي لو استمر سيكون مؤثرا وبقوة خلال الفترة المقبلة والموقف المشابه هنا عندما قرر عبدالناصر الإطاحة بالإخوان فتحت السعودية بابها للجماعة نظرا للخلاف بينها وبين عبدالناصر، وهو ما ساعد الجماعة بقوة في بناء اقتصادى وقوة داخل الخليج. لكن السيسي يسعى بتقليل وإلغاء الدعم القطرى عن الإخوان إلى إلغاء هذه الميزة التي حظى بها الإخوان في وقت عبدالناصر بدعم دولة عربية غنية وقوية.. كما للإمارات أيضًا موقف قوى جدا بعدما جمدت العديد من الاستثمارات في تركيا أكبر داعمى الإخوان أيضا بفضل وجود حكومة إخوانية على رأس السلطة هناك ورغم محاولات الضغط على تركيا فإن نجاح النظام التركى في الانتخابات قد يكون محطة بديلة لقطر أو لاستقبال الإخوان هناك. ولا يمكن تغافل الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية كسلاح يضرب به المشير الإخوان في أوربا، حيث كان للسعودية والدول العربية وتأييدها إرداة الشعب المصرى مما أسهم بشكل كبير في تقليل العقوبات على مصر وسط تحريض إخوانى أمريكى أوربي على مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي بدعم قطرى ويمكن للدول العربية والتي أصبحت تستشعر أن الإخوان خطر كبير وحقيقى ومع حب هذه الدول للسيسي ورغبتها في استقرار مصر قد تسهم وبقوة في القضاء عالميا أيضا على الجماعة.