قال كمال الهلباوى القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور إن الإخوان هم أول من استفادوا من ثورة 25 يناير التى رفعت الظلم عن كاهل الشعب المصرى ولولاها لما وصلت الجماعة للحكم، وأضاف فى حوار مع أكتوبر لا أظن أن فكر الجماعة سينتهى بانتهاء التنظيم مشيرا إلى أن بعض شباب الإخوان يسيرون فى نفس طريق قياداتهم إلى أن تتضح لهم الرؤية وبعضهم ابتعد عن الجماعة حتى تتبين لهم الرؤية وكشف الهلباوى أسباب انفصاله عن الجماعة وأسباب فشلهم فى السياسة وأشياء أخرى كثيرة نوردها خلال الحوار التالى. *بداية هل استفاد الإخوان من ثورة 25 يناير؟ **الإخوان هم أكثر من استفادوا من 25 يناير بإنشاء حزب الحرية والعدالة واعتلاء المناصب وأهمها كرسى الرئاسة وأبو العلا ماضى فى حديث له معى قال انه ظل 16 سنة يحاول الحصول على الموافقة بإنشاء حزب الوسط ولم يوافق عليه القضاء أيام مبارك ولكن وافق عليه بسهولة بمجرد قيام الثورة كان هناك جلسه وأعطى له التصريح. *رأيك بموقف السلفيين بعد ثورة 30 يونيو؟ **ربما يحاولون أن يكونوا بديلا للإخوان المسلمين، لكننى لا أظن أن يوافق الشعب على ذلك لأن الشعب يعتبرها متزمتة كما أن السلفيين بوجه عام لا نستطيع القول إنهم كتلة واحدة وإنما هم طبقات عديدة ولهم أكثر من توجه فمنهم من يؤمن بممارسة العمل السياسى الذى يقبل الديمقراطية والانتخابات وتداول السلطة وهناك فئة أخرى من السلفيين لا تقبل هذا. *بماذا تفسر إصرار قطر على دعم الجماعة؟ **هذا سؤال محير ولكن ربما يكون هذا من البدائل الأمريكية فى المنطقة سواء من جانب قطر أو تركيا ومن الممكن القول أن قطر تنفذ الأجندة الأمريكية وخاصة أن قطر لا تستطيع أن تفعل هذا من تلقاء نفسها «فكيف طفل صغير يحارب بطلًا كبيرًا» فإن ما تفعله بدعم من الخارج. *هل بدأت أمريكا فعلا فى السقوط بعد قراراتها فى الآونة الأخيرة؟ **أمريكا تسير فى الطريق الخاطئ وتسير بقوتها وهذا ينعكس على السياسات والاستراتيجيات لديها ويجب أن تعدل من موقفها حتى تكون قوة عادلة وليست قوة معادية. *هل تدخلت إسرائيل فى إقامة سد النهضة الإثيوبى وإنها وراء فشل المفاوضات الثلاثية؟ **من المحتمل أن يكون هذا صحيح فهذا من الملفات التى لم تكتمل وتظهر نتيجتها النهائية إلى الآن فنحن كمواطنين لا نستطيع أن نعلق عليها تعليقًا نهائيًا إلى الآن فلا يمكن تفسيره بطريقة صحيحة. *لماذا تدعم لندن جماعة الإخوان المسلمين إلى الآن؟ **لا أظن أن لندن تدعم الإخوان أو غيرهم إنما الحريات الواسعة والفهم الخاطئ من الموجودين فى الغرب بأكمله وليس فى لندن فقط هو الذى ساعد الإخوان أن تتحرك كما أن بقاء الإخوان فترة طويلة فى الغرب جعل لها علاقات قوية مع الإعلام. *لماذا كون الدول الغربية هذا الرأى بالنسبة لمصر؟ **هذه نقطة مهمة جدا فالغرب به أحزاب قوية جدا تستطيع أن تحل محل بعضها إذا فشل واحد منهما وهذه سمة الديمقراطية الغربية التى تقوم على حزبين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة على الأكثر فإذا فشل حزب فى إدارة البلاد يديرها حزب آخر، لأن يوجد لديهم البديل لذلك يستبعدون تدخل القوات المسلحة إلا إذا كانت البلاد فى حالة خطر من الناحية الأمنية بينما فى مصر لا يوجد لدينا إلا أحزاب سياسية ضعيفة ما عدا أحزاب الإسلاميين سواء كانت الإخوان أو السلفيين فعندما كان الإسلاميون يقيمون تحالفًا كان ينجح ويكسب به أصوات كثيرة، ومن المفترض أن الأحزاب الموجودة الآن تزدهر وتتقدم لأن هذه الديمقراطية الحقيقية وأن يكون هناك أكثر من حزب يحل محل الآخر إذا فشل. *برأيك ما سر قوة الأحزاب الإسلامية فى مصر؟ **لأن شعب مصر متدين تحركه العاطفة وهذه الأحزاب نظموا أنفسهم منذ سنوات طويلة كما أنهم مختلطون بالشعب من خلال الأعمال الخيرية فلم نسمع أن حزبًا ليبراليًا أو علمانيًا أقام دارًا لتحفيظ القرآن أو قام بجمع الزكاة بينما هذه الأحزاب كانت تقوم بأعمال الخير ويقيمون المستشفيات والمدارس التى يثق فيها الشعب ويحبها ولكن عند دخولهم الحياة السياسية خربوها ولم يديرو البلاد وفقا للمعايير والقيم التى كانوا يدعو بها فى الخطب والمساجد. *وما سبب فشلهم الجسيم فى السياسة؟ **جملة واحدة «أنهم خالفوا القيم التى يدعون إليها نظريا» بمعنى أنهم يقولون مالا يفعلون فكانوا يدعون بحديث الرسول «صلى الله عليه وسلم»: (من ولى أحدا ولاية لصداقة أو لقرابة وفى من المؤمنين من هو أفضل منه أو أولى منه فقد خان الله ورسوله) فهم أول من خالفوا ذلك فعندما تولوا الحكم قاموا بتعيين أقاربهم وأصدقائهم وأهل الثقة، كما رأينا فى الرئاسة وفى المقابل هجروا كل الكفاءات الموجودة إلا «من رحم ربى» فهذا انحراف عن القيم التى يدعون لها وانحراف عن العدل والمساواة فلم يعطوا الصورة الجميلة الموجودة فى الآداب والقيم الإسلامية. *هل غير التنظيم الدولى للإخوان المسلمين من استراتيجيته فى التعامل مع مصر؟ **لأول مرة أرى من شباب الإخوان المسلمين من تلوثت أفكارهم، وتلوث فهمهم للإسلام، بما سمعه من بعض أعضاء التحالف من أجل الشرعية، مثل الإرهابى الهارب عاصم عبد الماجد، الذى قال: «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار» من على المنصة، ولم نسمع تعليقا على هذا الكلام الشاذ ممن يسمون أنفسهم وسطيين وعقلاء، وأيضاً صفوت حجازى الذى قال: «اللى هيرش مرسى بالميه هنرشه بالدم»، ناسيا أن العقاب يجب أن يكون بالمثل، حسب قوله تعالى: «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» وهناك ما هو أكثر أو أقل من ذلك وبعضهم تلوثت أفكاره وفهمه للإسلام، من خلال المفاهيم الخاطئة التى انتشرت فى الحركات الإسلامية، مثل المفهوم الذى يتعلق بتجهيل المجتمع، حيث إن هناك من يرى أننا نعيش هذه الأيام فى جاهلية مثل جاهلية ما قبل الإسلام أو أشد كل هذا نراه ونفهمه وندينه بما يستحق، وهو أمر يستوجب العقاب الرادع، ولكن هناك عقلاء كثر، كانوا فى الكيان المحظور ولا يزالون بخير لم تتلوث أفكارهم. يزورنى بعضهم من حين لآخر للحوار حول الأوضاع القائمة، والمأزق الذى تمر به البلاد وكيفية الخروج من هذا المأزق. وبعضهم - الآلاف–، يرى أن القيادة أخطأت أخطاء تاريخية لم تحدث من قبل، وأنهم كانوا يتوقعون هذا المأزق أو غيره، بسبب ضعف أو غياب الشفافية فى داخل تنظيم الإخوان المسلمين، والتكتلات التى تكونت داخل الجماعة ورباطها المصالح، وليس الأخوة فى الله أو الحب أو مصلحة الدعوة، وهذا ما ظهر واضحا فى مؤسسة الرئاسة، لأنها مرصودة من الشعب ومن العالم أجمع. *هل اتجه الإخوان إلى العنف بسبب تحريف رسالة البنا؟ **حدث انحراف كامل من الإخوان عن المنهج وما فعله الإخوان لا يمكن أن يوافق عليه أحد والدليل على الانحراف عن المنهج عدة أمور الأول أنهم ركزوا على السياسة والسلطة أكثر من الدعوة وهذا انحراف واضح وكبير أيضا أنهم لم يقرأوا الواقع قراءة صحيحة بمعنى أنهم قبل 30 يونيو وحملة تمرد كان عندما يسأل حزب الحرية والعدالة وقيادات الإخوان عن هذا اليوم فيقولون «زوبعة فنجان» وكانوا يقولون إن 30 يونيو انتهى فى حين أنهم كانوا يعتقدوا كما قال خيرت الشاطر لعمرو موسى وأيمن نور عندما ذهب إليهم قبل فترة قليلة من 30 يونيو لن تستطيع تمرد أن تجمع توقيعات أكثر من 150 ألف ولن تستطيع أن تحشد للنزول أكثر من 20 ألف طبعا كان هناك فرق هائل «فمن لا يقبل الواقع لا يمكن أن يبنى المستقبل». *لماذا انفصلت عن الجماعة بعد رجوعك إلى مصر؟ **انفصلت عن الإخوان المسلمين بعد سنة من عودتى إلى مصر وبعد النصائح التى كنت أقولها لهم ولم تستمع أو يعمل بها وأنهم قالوا أشياء وانحرفوا عنها مثل قولهم «لن نرشح أحدًا إلى رئاسة الجمهورية ورشحوا، وتركهم الميدان مبكرا» وركزوا على السياسة والبرلمان ولذلك قلت لهم فى ميدان التحرير بعد عودتى بشهر تقريبا «لو كان حسن البنا حيا فما وسعه إلا أن يأتى ببطانية ويظل فى ميدان التحرير يدعم الجيد منهم وينصح الموجودين ويرشدهم بإذن الله» وإنما عندما انسحبوا من الميدان لكى يحكموا فقد أصبحت لا يوجد دعوة ولا إخوان فقد قمت بالانشقاق عنهم فى 31/3 /2012. *كيف تفسر الاتهامات التى توجه للبنا على أنه كان عميلا للمخابرات الانجليزية؟ **هذا الاتهام يشبه اتهام السيسى بأن والدته يهودية فهذه الاتهامات تخرج من أشخاص ليس لديهم أدب ولا موضوعية ولا دراية بالتاريخ فهذا المجال يحتاج نقاشًا طويلًا فحسن البنا هو من أقام النظام الخاص لكى يحارب به الانجليز وكان معه عبد الناصر وكان يدرب هؤلاء الأشخاص والضباط الأحرار فلا يمكن أن يتهم بأنه عميل للمخابرات الإنجليزية فقيل هذا الكلام لأن حسن البنا قبل 500 جنيه لبناء مسجد من إدارة هيئة قناة السويس ولم يأخذ شيئًا لنفسه فقد قال لى من عاشروه سنوات طويلة «أنهم عندما كانوا يذهبون لمنزل حسن البنا كانوا يخافون أن يجلسوا على الكراسى بقوة حتى لا تنكسر» فلو كان البنا عميلا لعاش فى فنادق وترك أموالًا لأولاده وإنما قضى إلى ربه وهو مديون لكنه خلد حياة للجهاد والكفاح لكن كون أن بعض الأشخاص انحرفوا عن التنظيم الخاص لحسن البنا إلى الطريق السىء هذا لا يتحمل زنبه حسن البنا إلا إذا كان وافق عليه ولكنه قال «على من ارتكب الجرائم البشعة فى ذلك الوقت ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» كالذين حرضوا على ارتكاب الجرائم فى اعتصام رابعة والنهضة و هذا دليل على أنه رجل شريف ونظيف فمن يريد أن يحكم على حسن البنا من الناحية الدينية لابد وأن يكون عاصره. *هل ستعود الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية مرة أخرى بتغيير مسمى حزب الحرية والعدالة؟ **لا يمكن عودتهم مرة أخرى بهذا الشكل لأن المجتمع يرفضهم الآن، المشكلة فى أن الإخوان ليسوا فى عداء مع النظام فقط إنما لأول مرة فى تاريخ الإخوان المسلمين منذ 85 سنة أنك ترى قطاعًا كبيرًا من الشعب ضد الإخوان فهم أصبحوا ضد الشرطة والجيش والإعلام الذى أطلقوا عليه «سحرة فرعون» وضد قطاع كبير من الشعب لم يرض بما فعلوه من سوء إدارة فى الرئاسة رغم أن هذا الشعب هو الذى انتخبهم وجاء بهم إلى السلطة. *هل يسير الأمن فى طريقه الصحيح للقضاء على الإرهاب؟ **نعم يسير فى طريقه الصحيح إلا أن له بعض التجاوزات أتمنى أن يأخذها فى اعتباره ولا يكررها ويعودون إلى إحقاق الحق مرة أخرى. *كيف يمكن التعامل مع قطر؟ **إما أن نرد الهجوم بهجوم وإما أن نترك هذه المسألة لأن قطر لم تؤثر فى مكانة مصر على الاطلاق ونترك ذلك للتحكيم الدولى وهذا يتوقف على موقف السياسة العامة فى الجامعة الإسلامية ومنظمة العدل الإسلامية وعلى رأى وزارات الخارجية والجهات الأمنية إن قطر «بتحوى» إرهابيين. *تسريبات عبد الرحيم على بشأن شباب الثورة و6 أبريل كيف تراها؟ **لم أراها ولكنى قرأت عنها وأنا أرى إن كشف الحقائق للشعب مهم مهما كان ثمنه *هل الدستور الجديد كان منصفًا لحقوق المرأة ؟ **كان منصفًا جدًا وليس للمرأة فقط بل للشباب والأطفال وذوى الإعاقة والمصريين فى الخارج والعمال أيضا فهو منصف فى كل هذه الأحوال وغيرها. *تقييمك للدستور الجديد ككل؟ **هناك فرق كبير وهائل بين دستور الإخوان وهذا الدستور فى تقديم الإسلام الوسطى والمرجعية التى قامت بها مبادئ الشرعية وأحكام الدستورية العليا وبين ترك مصيرنا فى يد حزب النور سابقا والحريات المطلقة والمساواة وحقوق الإنسان وفرق كبير فى التعليم والصحة وغيرها فهناك فرق فى كل الأحوال. *بعد تجربتك الطويلة مع الإخوان المسلمين وانشقاقك عنهم بما تنصح شبابهم ؟ **أنصحهم بمراجعة أنفسهم وأن يقوموا بعمل تقييم صحيح مبنى على أسس صحيحة للتجربة التى عاشوها مع القيادات سواء فى السجن أو خارجه ويتخذون منهجًا وموقفًا جديدًا لمستقبلهم ومستقبل الإسلام وليس لمستقبل التنظيم. أنصحهم بتقييم الأداء لقيادتهم. ماذا تقول لكل من الشيخ يوسف القرضاوى: كنت أتمنى أن تواصل مسيرتك فى الدعوة الوسطية بعيدا عن السياسة الحرجة والاستراتيجيات العميقة الاقليمية والدولية وإنك لتدعو العلماء والفقهاء فى دول الخليج أن يقفوا ضد القواعد العسكرية الأمريكية فى الخليج. عبد الفتاح السيسى: ربنا يكون فى عونك وصحيح أن الإرادة الشعبية تريد أن تكون رئيسا ولكنى أتمنى أن تظل تخدم فى المكان الموجود به الآن وتحافظ على أمن البلد لأنك إذا جئت للرئاسة جزء من وقتك سيضيع فى التشريفات والزيارات الدبلوماسية إلا إذا اطمئننت أن القوات المسلحة وأمن الوطن فى أمان وسلام. شباب الجماعة:ادرسوا وقيموا نية قيادات الإخوان وخاصة بعد موقفهم من ثورتى 25يناير و30 يونيو وما حدث فى رابعة والنهضة واختفاء القيادات الإخوانية فى رابعة وتضحيتهم بشباب الإخوان. قيادات الجماعة التى تحتمى بقطر: لم يكون هناك وطن آخر أحن عليكم من وطنكم الرئيس عدلى منصور:«الله يكون فى عونك» لأنه رجل محترم ولو ترشح لرئاسة الجمهورية سوف أنتخبه وأدعمه. عمرو موسى: جزاك الله خير على مافعلته فى لجنة الخمسين فقد كنت صبورا وحكيما فى قراراتك. وفى النهاية أريد أن أقول ياريت العقل يحكم الأمور وأتمنى أن الوطن يترك الصراع ويبدأ طريق التقدم والتنمية لأننا لم نتقدم مادام هناك صراع فى الوطن واتمنى أن ينجح الأمن فى القضاء على الإرهاب.