لا تزال العقلية المصرية الاحترافية فى التعامل مع كرة القدم فقيرة جدا للغاية. ولا يزال أمامنا الكثير والكثير من الوقت حتى نصل إلى مستوى التفكير الذى سبقنا إليه العديد من الدول والدوريات التى كانت أقل منا بكثير سواء من الناحية الفكرية أو العقلية. نادى الزمالك تلقى إعلانا على فانلة فريقه من شركة «الهلال والنجمة» التى دفعت أموال الرعاية التى طلبتها «وكالة الأهرام». ولكن قامت الدنيا ولم تقعد، بل وانهالت الهتافات والسخريات والنقمات من كل الجماهير التى تتابع كرة القدم، سواء كانت زملكاوية أو غيرها، لينال الرعاة سيلا من السخرية والتفاهات التى لم نسمع عنها أو نَرَها من قبل. وقدم جمهور الزمالك احتجاجه على شركة «الهلال والنجمة» معللين ذلك بأنها شركة لأدوات النظافة، دون النظر إلى ما تقدمه هذه الشركة من منتجات وخدمات مهمة ومتميزة للاقتصاد المصرى. شركات «الهلال والنجمة» تعتبر من كبرى الشركات التى تعتمد على التصدير إلى خارج أنحاء الجمهورية، بل وفى كل بلاد العالم. فهذه الشركة أصبحت ماركة وعلامة مسجلة لجودة السلعة المصرية فى كل أنحاء العالم، وهذا لا يعيب تماما نادى الزمالك إذا حمل شعارها على فانلة فريقه، ليس لأسباب قومية، بل لأسباب احترافية تمنع التمرد على معلن يريد أن يفيد الفريق ماديا، وهذا أول شرط فى نجاح أى بزنس. جمهور الزمالك مما لا شك فيه جمهور عريق وكبير، بل لا أجامل عندما أقول بأنه يحمل فكرا أوروبيا كبيرا من حيث الثقافة، من المفترض أنهم كانوا يتعاملون مع هذا الموقف باحترافية، فالإعلان الذى سيحمله نادى الزمالك، وبالأخص الهلال والنجمة، ليس بشركة تروج لشىء ممنوع أو حتى شىء بغيض، ولكن السخرية هى التى قادت الإدارة والجماهير إلى التمرد. والمشكلة الحقيقية التى قادت الموضوع إلى الاحتجاج، من وجهة نظرى، هى عدم الوعى الكامل بشروط الإعلان أو المعلن من جانب إدارة الزمالك وجمهوره، لأن الوكالة لو كانت متعمدة، كما قيل من قبل، لرفضت إلغاء الإعلان وحملت الزمالك قيمة الغرامة، لأنه فى كل بلاد العالم الإعلانات توضع على قميص الفريق الذى يتعاقد مع وكالة لتسويق فانلته دون اختيارهم. وللأمثلة فى ذلك عدة أندية أبرزها ريال مدريد وميلان اللذان كانا يعتمدان على شركة تسويق واحدة كانت متخصصة فى جلب إعلانات للقمار. أمثلة الإعلانات التجارية فى أوروبا والوطن العربى كثيرة، ومن حيث الهلال والنجمة، فدعونى أخبركم بشعارات عديدة حملتها العديد من الأندية الأوروبية والعالمية. جميعنا يعرف من هو ميكى ماوس، هو الشخصية الكارتونية الشهيرة التى أطلقتها شركة «والت ديزنى» وشهد تميزا فى شعاره، أذنه الكبيرة. هذه الأذن الكبيرة كانت على قميص أحد فرق الدورى الفرنسى لأعوام عديدة، فلم نسمع جمهور الفريق ينادى لاعبيه بميكى أو بطوط! ونفس الكلام بالنسبة إلى شركة «نادك» التى تنتج ألبانا وجبنا، فهذه الشركة كانت على قميص نادى الاتحاد السعودى لأعوام عديدة، فلم نسمع جمهور الاتحاد ينادى لاعبيه باللبانين أو البقالين! ولكن لأننا لا نمتلك الاحترافية، خلطنا السخرية بالجد، فلم نطبق جزءا هاما من أجزاء الاحترافية المهمة فى عالم كرة القدم. وألوم على مسؤولى الزمالك أنهم لم يخرجوا لإيضاح الصورة للجمهور بالنسبة إلى المعلن، فهل هذا لعدم احترافيتهم وعلمهم وفهمهم بقواعد الإعلانات، أم لأن جمهور الزمالك هو الصوت الأكبر والحاكم بأمره فى نادى الزمالك؟! يا حضرات.. إعلان «الهلال والنجمة» ليس إعلانا للخمور أو البامبرز، بل هو إعلان لشركة مصرية متميزة رائدة، زيّها زى أى شركة تانية!