أنا آسف.. لا يمكننى إلا أن أقول لك أنا آسف.. لقد تأخرت كثيرا فى الكتابة عليك وإليك فكان لابد لى مثل ملايين المصريين الذين رأوا مشهد الجبناء وهم يرمون جثتك فى الزبالة، كان لا بد أن أكتب إليك وأنت فى عالم الحق لأقول لك نحن آسفين على ما حدث لك مع أننا نعلم جيدا أنك اُستشهدت ونلت هذه الشهادة وأنت بطل كبير وذهبت إلى دار الحق ورأسك مرفوع وقامتك عالية وبعد الأسف اِسمح لى أن أسألك من أنت؟ هل أنت شاب صغير أم رجل؟ لم نستطع أن نرى وجهك العظيم وهم يسحلونك على الأرض، ولكنى أقول يكفيك أنك مصرى، بطل قدمت حياتك فداء لهذا البلد، ربما تكون طالبا سواء بالجامعة الأمريكية، أو فى إحدى جامعات مصر، ربما تكون موظفا فى الحكومة أو القطاع العام أو الخاص وربما تكون عاطلا عن العمل.. على العموم أنت كل هؤلاء وغيرهم فى النهاية يا سيدى أنت مصرى.. لا تحزن، كل ما نطالبك به أن لا تحزن، بل يجب أن تفرح لأنك جزء من ملحمة مصرية عظيمة قدمت للعالم نموذجا فريدا للثورة والثوار، أنت مثال لكل شباب الجيل فى مصر، لا بد أن يفتخروا بك ويحذوا حذوك ويرفعوا هاماتهم بسببك، أنت جزء كبير من النضال المصرى الحديث قالوا عنا الكثير، إننا شعب يجمعنا المزمار وتفرقنا العصا أنت وأمثالك من شباب مصر العظيم الذين خرجوا بثورة مصر فى الموجة الأولى، وفى الموجة الثانية حطمتم تلك الأمثلة السخيفة لترفعوا اسم بلدكم عاليا خفاقا، لا يمكن أن يغفر شعب مصر كله بشبابه ورجاله ونسائه وأطفاله للجبناء الذين سحلوك ورموك فى الزبالة. نعلم جيدا أن الإلقاء فى الزبالة عمل مهين ولكن معك لا يكون ذلك أنت لم تكن فى الزبالة أنت كنت ملقى على أرض مصرية فداء لها حتى ولوكنت فى الزبالة، فرياحين الثورة بشبابها الشهداء كانت تغطيك وأنت ملقى والذين قاموا بتصويرك وهم يفعلون معك هذا الفعل الجبان فضحهم التصوير الذى جعلنا نراهم على حقيقتهم من الخسة والنذالة ونحن فى أشد الحيرة كيف لشباب مثلك لمجرد أنهم يرتدون ملابس رسمية يقْدمون على هذا العمل الخسيس. إن الآلاف من أمثالك الذين ذهبوا فداء لمصر لا يمكن أن يُمْحَوا من ذاكرة التاريخ المصرى، بل الذى سيمحى ويضرب بالأحذية ولا يتذكره أحد الذين سحلوك وألقوك فى الزبالة وسينتصر التاريخ لأمثالك ولكن هؤلاء سيكونون فى أسفل صفيحة زبالة التاريخ. أخى العزيز يقولون إن الثورة تم سرقتها تحت أعيننا جميعا، ولكنى على يقين أن ثورتنا العظيمة ستظل مرفوعة الهامة بفضل أمثالك من شهدائنا الأبرار. يقولون إن الإخوان سرقوا الثورة ووصلوا إلى البرلمان وأنا على يقين أن الإخوان -مع اختلافى مع منهجهم- على يقين أنهم لن يقدروا أن يسرقوا الثورة ودعونا ننتظر هل يخوض الإخوان المسلمون ثورة يناير وثوارها ويرفضون تطبيق رايتها التى طالبت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، هل سيرضون عن الفساد ويحمونه؟ وهل الإسلام يرضى عن ذلك؟ هل سيغضون العين عن الثأر لشباب الثورة من الشهداء؟ وماذا سيقولون لله -عز وجل- يوم الحساب؟ هل دمك أنت وأنت أحد الشهداء العظام فى رقبة مَن؟! أرى أنهم بعد النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب أن دماءك فى رقبة كل مصرى محترم ومسؤول.. دمك فى رقبة النواب القادمين على كراسى مجلس الشعب، سواء كانوا من الإخوان أو غيرهم لا يمكن لأحد أن يقدر أن يسرق أحلامنا وآمالنا فى ثورتنا العظيمة سنظل نطالب بمطالبها إلى أن نصل إلى تحقيقها.. لا يمكن أن ننسى شهداءها ومن يَنسَهم فسنخرج إلى الميدان لنسحقه، نعم نسحقه لأن من لا يأخذ بحق دماء شهدائنا لا يستحق منا غير السحق ومن يتصور أن دمك -أى الشهيد الذى ألقوك فى الزبالة- سوف يذهب سُدى فهو واهم. إن دماء شهدائنا الذين خرجوا ليتصدوا للرصاص والقنابل من الجبناء سوف يظل فى رقبتنا جميعا ندافع عنه إلى أن نأخذ بثأره يوما ما. أيها الشهيد العظيم كل من يملك ضميرا ودما فى مصر يتقدم إليك بالتحية والإجلال على روحك الغالية التى دفعتها من أجل مصر وسيظل الأبناء والأحفاد يتذكرون هذا المشهد، مشهد السحل والإلقاء فى الزبالة سيتذكرون طوال حياتهم ويحكون عنه لأبنائهم حتى يعلموا أن هناك رجالا فى مصر قدموا الكثير من أجل أن تظل مصر عظيمة رايتها مرتفعة، وإن تصور هؤلاء الجبناء أنهم بفعلتهم الشنيعة هذه كانوا يرغمون الشعب المصرى وبخاصة شبابه، فنحن نتقدم إليهم بالشكر لفعلتهم هذه، لأنهم قدموا إلى شبابنا الحالى والقادم دفعة قوية إلى الأمام بالنضال والعمل. أيها الشهيد العظيم لن يهدر دمك ولا أقرانك من الشهداء، الجميع سيدخل القفص ليحاسب عمّا اقترفه فى حق هذا الشعب، أيها الشهيد العظيم ألف رحمة ونور عليك. هذا الشهيد يستحق أن يغنى له محمد منير وأن ينشد له عبد الرحمن الأبنودى.