مشكلة السلفيين أنهم كانوا يظنون نظام الحكم القمعى الساقط هو اللجام الوحيد فى رقبتهم.. فلما قامت الثوره وأصبحوا منهم للناس إكتشفوا صعوبة إختراق تلك التركيبه الغريبه لذلك الشعب المصرى العجيب وعندها إكتشفوا اللجام الرئيسى فى رقبتهم.. لجام الشعب المصرى ! تقريبا لم يفرح المصريون منذ سقوط مبارك وخلعه من الحكم كما فرحوا بسقوط الشحات وخلعه من مجلس الشعب.. ولولا الملامه يا هوى لولا الملامه لكان المصريون قد نزلوا إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم بهذا الخلع الشعبى الجميل.. فالرجل قد إحتقر الشعب عندما إحتقر الديموقراطيه.. وإحتقر تاريخ هذا الشعب عندما احتقر الحضاره الفرعونيه.. واحتقر ثقافة هذا الشعب عندما احتقر أدب نجيب محفوظ.. شخص إحتقر شعبا بتاريخه وثقافته.. ما الذى يريده شخص مثل هذا من الشعب ؟!.. ألم يكن يجدر بشخص يحمل كل هذا الكم من الكراهيه فى قلبه للشعب الذى ينتمى إليه والأرض التى يعيش عليها أن يبتعد فى صمت عن كل تلك الأشياء التى يكرهها ويحتقرها ؟!.. ما الذى يريده مثل هذا الرجل الممتليء بالكراهيه من هذا الشعب الطيب الممتليء بالحب ؟!.. كرسى.. هذا هو كل ما كان يريده هذا الرجل من البلد ومن الشعب.. مجرد كرسى لن يستخدمه سوى للحرص على جعل الجاهل أكثر جهلا والأحمق أكثر حماقه.. لا تصدقوا سلفى يخبركم بأنه يسعى إلى إصلاح التعليم.. ففى خراب التعليم تكمن نقطة تفوقهم الرئيسيه.. وفى التفكير وإعمال العقل تكمن نقطة ضعفهم القاتله.. لا تتصوروا أن سلفيا يرغب فى أن تتراجع أعداد الجهله فى مصر ليتراجع معها عدد مؤيديهم.. لا تتصوروا أن سلفيا يرغب فى زيادة نسبة الوعى لتتناقص لصالحها نسبة تأييد أفكارهم الظلاميه.. لا تتصوروا أن سلفيا يرغب فى تقدم مصر الحقيقى حيث يتنافى ذلك التقدم تماما مع أساس دعوتهم القائمه على الرجوع بالحضاره إلى الخلف وعلى الإرتداد بالبشر إلى الوراء.. لا تتصوروا أن سلفيا يؤمن بثقافة القطيع قد يرغب فى إستخدام أحد أفراد هذا القطيع لعقله.. فاستخدام العقل عند السلفى يجلب شرورا لا حصر لها يكمن أولها وأبسطها فى إكتشافه مدى ما وصلت إليه حياته من ظلام ومدى ما تراكم بداخل قلبه من كراهيه ومدى ما عشش بداخل خلايا عقله من عنكبوت.. إستخدام العقل عند السلفى يعد مرادفا لخروجه الفورى من ذلك الكهف الكئيب والمظلم الذى قرر تسقيع عقله بداخله فى محاوله منه لإعادة عقارب الساعه إلى ما وراء الوراء.. وهنا تكمن أزمتهم الرئيسيه.. أن عقارب الساعه لا تعود للوراء أبدا ! إنها الثوره الحقيقيه التى يجب أن تبدأ الآن.. ثورة الوعى.. والوعى ليس له علاقه بالتعليم من عدمه.. فكم من متعلمين لا يعون شيئا وكم من جهله يعون كل شيء.. أزمتنا ليست أزمه سياسيه بقدر ما هى أزمه عقليه ونفسيه فى الأساس.. تفسد خلايا العقل فتفسد تبعا لها الروح.. ثم تفسد الروح فتفسد تبعا لها الحياه بأكملها.. ثم تفسد الحياه بأكملها فتفسد البلد.. ذلك هو الترتيب المنطقى وليس العكس.. الحل لأى أزمه يكمن فى تلك البالوظه التى نحملها بداخل جماجمنا والتى إصطلحنا على تسميتها بالمخ.. وتبعا لتعاملنا مع خلايا تلك البالوظه المخيه تتحدد حياتنا ويتحدد شكلها.. الحياه توجد فى الأساس بداخل عقلنا.. بل ربما هى لا توجد بخارجه.. لهذا إذا أردت إفساد حياة مجموعه من البشر قم بإفساد عقلهم أولا.. وهذا هو ما فعله نظام مبارك.. أفسد التعليم إفسادا ممنهجا ومنظما ومقصودا تماما.. فخرب العقل وخربت معه الحياه.. ولولا بقيه باقيه من جينات ورثناها عن أقدم حضاره على ظهر هذا الكوكب.. جينات تحضنا على التأمل بإستمرار واستخدام العقل طوال الوقت وتنقية الروح من الشوائب أولا بأول.. ربما ما استطعنا النجاه من تلك المذبحه التعليميه التى خضناها على مدار سنين بينما لم ينجو منها البعض الآخر.. هؤلاء الذين قرروا ركوب آلة الزمن والعوده للوراء.. تلك العوده التى تستلزم منهم المرور أولا على السعوديه للتزود بالوقود الحصرى اللازم لجعل آلة الزمن تواصل رحلتها بنجاح للوراء ! فى الختام دعونا نمسى على المجلس العسكرى وننهى المقال بطريقه عسكريه.. « مصر ».. للأمام معتدل مارش.. « الشحات ورفاقه» .. للكهف در !