كيف، ولماذا؟ وقبلهما من هذا العبقرى الذى أخرج د.الجنزورى من الكهف، وأمره بتشكيل الحكومة؟! وكيف يُطلقون عليها -من باب العبط والاستعباط معا- حكومة إنقاذ وطنى؟! ولماذا لم يوافق المجلس العسكرى على تشكيل د. البرادعى لحكومة إنقاذ وطنى حقيقية؟! إذا طرحنا مثل هذه الأسئلة على الناس فى شوارع مصر، سنحصل بالتأكيد على إجابات مختلفة، وإذا استبعدنا منها بعض الإجابات الشاذة، أو الشاطحة قليلا أو كثيرا، يمكننا –فى ما أظن- أن نجد مجموعتين كبيرتين من الإجابات المعقولة،الأولى: ترى أن المجلس العسكرى يقود بنفسه الثورة المضادة، ومن ثم يصنع كل ما من شأنه أن يعيق تحقيق أهداف ثورتنا العظيمة وآمالها. ويمكن لهذا الفريق أن يقدّم على رؤيته هذه، عشرات الأدلة، بداية من موقف المجلس العسكرى من الثورة فى ميدان التحرير فى أثناء موقعة الجمل، وفى غيرها من الاشتباكات مع بلطجية مبارك، ثم اتفاق أعضاء المجلس العسكرى جميعا على عدم المساس بمبارك وأسرته! فهذا ما قالوه نصا للثوار بعد تنحى مبارك مباشرة! وما كانت هذه المحاكمة )المتوقفة( أن تبدأ لولا ضغط الثوار من خلال المليونيات الضخمة. وكذلك تمسك المجلس العسكرى بأحمد شفيق، ووزراء مبارك الفاسدين، و... و... والقائمة طويلة جدا. أما المجموعة الثانية: فترى أن المجلس العسكرى لا يقود الثورة المضادة بنفسه، ولكنه واقع فى ورطة كبيرة، فكل أعضاء المجلس بلا خبرات سياسية، ولا يعرفون شيئا عن فن إدارة الدولة، ومن ثم فهم يتخبطون هنا وهناك، ويسمعون ممّن حولهم كلاما مختلفا ومتناقضا، ولا يعرفون كيفية قيادة هذه السفينة العملاقة، وفى الوقت ذاته، لا يريدون أن يتنازلوا عن قيادتها لغيرهم ممّن يمكنهم إنقاذ السفينة من الغرق! وهكذا تجدهم يقولون اليوم كلاما فى بيانات رسمية، ثم يتراجعون عنه غدا، ويقولون كلاما آخر تماما، وهكذا. ولعل أهم ما يمكن أن تتفق عليه المجموعتان، الأولى والثانية، هو حالة الخوف التى تنتاب أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، من فكرة تسليم السلطة لآخرين، لا يعرفون نياتهم، ولا خططهم فى المستقبل، إذ إن الفرعون الأكبر، وكبار أعوانه )الآخرين( يقبعون الآن تحت سيف العدالة، وهذا الوضع الخطير يمكن أن يُسحب إليه أى من القيادات الكبيرة، فجهاز الكسب غير المشروع وحده، يمكن له، إن بدأ بجد فى عمله، أن يجد أمورا كثيرة جدا، جديرة بتحقيقات النيابة، والمساءلة القانونية. ولذلك أصدر المجلس العسكرى –منذ شهور- مرسوما خاصا بمحاكمة العسكريين لأى سبب من الأسباب، وحتى بعد خروجهم من الخدمة، أمام القضاء العسكرى وحده، وليس أمام القضاء الطبيعى! ويظن المجلس العسكرى أن هذه الانتخابات يمكن أن تعطيه بعضا من الشرعية فى إدارة شؤون البلاد، ولكن هذه الانتخابات ذاتها، هى التى ستسحب منه الشرعية تماما، ومن ثم سيسلم المجلس السلطة، أو على الأصح ستنزع منه، وعندئذ ستبدأ المحاكمات الحقيقية.