حاويتان بحريتان وصلتا مصر خلال الكام يوم اللى فاتوا .. إحداهما وصلت ميناء السويس تحمل 7 طن قنابل غاز سام قادمه من أمريكا .. و الأخرى وصلت ميناء دمياط تحمل 17 مليون و 240 الف قرص ترامادول قادمه من الهند .. الشحنتان أثير حولهما الكثير من الجدل من قبل ضباط الجمارك بالميناءين .. إحداهما لم تتأثر بالجدل .. اللى هى حمولة قنابل الغاز القادمه من أمريكا .. حيث دخلت الشحنه البلاد و اتصبرت فى مخازن الداخليه و كله زى الفل .. و الأخرى .. اللى هى حمولة الترامادول القادمه من الهند .. تم التحفظ عليها و منع دخولها البلاد .. إذن نحن أمام نظام حكم يخشى على شعبه من الترامادول من منطلق أنه نازل جدول مخدرات .. بينما لا يخشى عليه من غاز الأعصاب القاتل على الرغم من أنه نازل جدول أسلحة حرب .. هل هذا منطق؟! .. طب فى حالة ما إذا أردت وصف السلطات فى بلدك الآن بماذا سوف تصفها؟! .. بأنها خايفه عليك للدرجه التى تجعلها تمنع عنك الترامادول الضار .. أم بأنها تكرهك للدرجه التى تجعلها تستورد من أجلك غاز الأعصاب القاتل ؟! .. و فى ضوء حقيقه مثل أن كلتا الشحنتين غير قانونيتين .. من منطلق أن إحداهما بمثابة مخدر و الأخرى بمثابة مبيد بشرى .. إذن .. لماذا سمحت السلطات بدخول الأكثر ضرراً بينما منعت الأقل ضرراً من الدخول؟! بعد قليل من التفكير سوف تكتشفون أن السلطات لم يكن أمامها سوى أن تختار حموله واحده من الإثنتين لتسمح بدخولها منعاً للعبث بمقدرات البلاد و درءاً للخلل الذى قد ينجم عن دخول الشحنتين إليها .. فإما تسمح بالترامادول فيغيبب الشعب و يكف عن الخروج للتظاهر والمطالبه بحقوقه و بالتالى يفقد رجال الأمن متعة إطلاق قنابل الغاز القاتل عليه .. وإما تمنع الترامادول فيفيق الشعب من غيببته و يخرج للتظاهر و هنا يجىء دور قنابل الغاز .. أما السماح بدخول الشحنتين فهو تهدير على الفاضى و هرطشه مالهاش لازمه .. فالشعب لو ضرب ترامادول لن يخرج للتظاهر و بالتالى قنابل الغاز حتخزز فى المخازن .. و لو خرج الشعب للتظاهر و اعتاد على رائحة الغاز القاتل سوف يتوقف عن تعاطى الترامادول من منطلق أنه بعد الغاز الترامادول مش حيعمل دماغ و بالتالى الترامادول حيخزز برضه فى المخازن! لهذا .. بعد كمان شوية تفكير .. سوف تكتشفون أن السلطات قد فعلت عين العقل بإختيارها لشحنة الغاز القاتل لتدخل البلاد .. و التحفظ على شحنة الترامادول و منعها من الوصول إلى شعب مصر العظيم .. فمصر بالفعل ليست بحاجه الآن إلى الترامادول بقدر ما هى بحاجه إلى الغاز القاتل .. فنحن و بعون الله البلد الوحيده تقريباً التى قامت فيها ثوره .. ثم إجتمع فيها رهط من البشر الكاره لتلك الثوره و نصبوا مسرحاً ضخماً و أتوا بمكبرات الصوت و أخذوا يشتمون تلك الثوره و هم يرددون .. «ميدان التحرير .. باطل» .. كل هذا تحت صوره كبيره للمشير الذى من المفترض أنه الحاكم الذى تسببت تلك الثوره نفسها – اللى بتتشتم علنى تحت صورته – فى جلوسه على كرسى الحكم .. نحن أيضاً و بعون الله البلد الوحيده تقريباً التى قامت بثوره فذهب من قامت الثوره ضده إلى الجناح الرئاسى الفاخر بالمركز الطبى العالمى و ذهب الثوار الذين شاركوا فى هذه الثوره إلى غياهب الزنازين و السجون .. نحن أبناء تلك البلد الغريبه و العجيبه و المريبه و الساحره و الساخره و الفاجره التى دفعت الدم من أجل التغيير و التقدم للأمام لتجد نفسها فجأه و قد لبست فى حيطه ودخلت فى حاره سد لتعود خمستاشر سنه بحالهم إلى الوراء .. نحن الذين خلعنا محمد حسنى مبارك لنضع بدلاً منه محمد حسين طنطاوى .. نحن الذين خلعنا الحزب الوطنى لنضع بدلاً منه الإخوان و السلفيين .. نحن الذين خلعنا شفيق لنضع بدلاً منه شرف .. و نحن الذين خلعنا شرف لنضع بدلاً منه الجنزورى .. نحن بالفعل لسنا بحاجه إلى أى ترامادول .. نحن بحاجه أكثر إلى قنابل الغاز السام و القاتل والمدمر للأعصاب! يبقى أن ما رأيناه فى ميدان العباسيه يوم الجمعه الماضى قد ألقى بظلال شكوكه على أن جزءاً من حمولة الترامادول قد يكون تم تسريبه .. فلو لم يكن هذا ترامادول .. ترى ماذا يمكن أن يكون؟!