بعد أن سقط عن وجهه قناع حامى الثوره.. وبعد أن سقطت عن وجوهنا أقنعة الغفله.. لم يعد هناك ما يدهشنا فى تصرفات المجلس العسكرى.. لهذا.. لم تدهشنى شهادة الطفل المسكين والخائف – فى معرض اللقطات والشهادات التى تم عرضها فى المؤتمر الصحفى المدرسى للمجلس العسكرى يوم أول أمس – والتى ذكر فيها إسم أستاذ «محمد هاشم» صاحب ومدير دار نشر ميريت الشهيره والعريقه على أساس أنه كان بيوزع خوذ (جمع خوذه) وأقنعة غاز على بعض الأصدقاء من المتظاهرين أثناء إعتداءات رجال الشرطتين المدنيه والعسكريه وقوات البلطجيه عليهم بالطوب والغاز والخرطوش والرصاص المطاطى والحى والسحل والضرب والركل.. إننى حتى لم أندهش من حديث الطفل المسكين عن ال120 بنى آدم الذين يعملون فى الدار والذين يتصفون جميعا بأن ذقنهم منبته وبأنهم يطيلون شعورهم ويربطونها من الخلف ديل حصان.. جميعهم نفس النسخه.. ذقنهم منبته وشعرهم بونى تايل.. لم أندهش من هذا الحديث الذى يعلم جيدا من يعرفون الأستاذ محمد هاشم ومن يعرفون دار نشر ميريت مدى عبثيته وكوميديته.. ربما أكون قد ابتسمت للحظه من فرط عبثيته.. إلا أنى بعدها لم أستطع منع نفسى من الشعور بالمراره وبمدى ما آلت إليه الأمور من فجاجه وبواخه! إذن.. ها هو الطرف الثالث الذى يقف وراء حالة الفلتان الأمنى التى عاشتها مصر على مدار الشهور الماضيه ينكشف.. وها هى الأيدى الخفيه تظهر.. وها هو السبب وراء حريق القاهره الأخير وربما أيضا حريقها القديم بتاع سنة 1942 يميط اللثام عن وجهه.. إنه محمد هاشم.. سوف يبدو لكم الرجل للوهله الأولى صاحب دار نشر محترمه وصادقه تربى على كتبها كثير من هؤلاء الشباب الأطهار الذين اشتركوا فى الثوره.. إلا أنكم بعد تدقيق سوف تكتشفون أنه أبعد من ذلك بكثير.. إنه... إنه... أستميحكم عذرا يا جماعه.. فما فعله الرجل ليس سهلا على البنى آدم منا كتابته.. ولكن سوف أقولها وأجرى على الله.. إنه يدفع البلاد نحو الهاويه.. فبعد أن أعطى صديقا خوذه ليضعها على رأسه إتقاء للطوب المرمى عليه من قبل قوات البلطجيه.. لم يتوقف عند هذا الحد.. ولكنه أيضا قام بإعطائه قناع غاز.. نعم.. قناع غاز يا جماعه.. أعتذر لكم طبعا عن كلمة «قناع غاز» الجارحه.. إلا أن هذا هو ما فعله الرجل.. أعطاه قناع غاز ليتقى به آثار الغاز المسمم والقاتل المرمى عليه من قبل قوات الأمن المركزى أيام موقعة محمد محمود.. حسبى الله ونعم الوكيل فيما يفعله الرجل.. خوذه وقناع غاز كمان.. أستغفر الله العظيم.. ولأن من يفعل هذا فقد يفعل ما هو أنكى.. لهذا.. لم يتوقف الرجل عند هذا الحد.. إلا أنه أيضا أعطاه... أعطاه... أعطاه سندوتش حلاوه يا جماعه.. نعم.. أعطاه سندوتش حلاوه طحينيه.. أعطاه السندوتش على مرأى ومسمع من جميع الواقفين.. مما يدل على أنه خلاص.. ماعدش فيه حيا ولا إختشا.. نعم.. إلى ذلك الحد وصل الرجل فى تصرفاته وفى عدم تقديره للوضع الحرج الذى تمر به البلاد.. فبدلا من إنضمامه لطائفة المواطنين الشرفاء فى تحطيم المستشفى الميدانى مثلا أو تسليم الثوار إلى قوات الشرطه العسكريه لسحلهم.. قرر بكامل إرادته الحره الإنضمام إلى معسكر ثورة 25 يناير اللى خربت البلد.. تماما كما إنضم زمان إلى حركة كفايه وكان من مؤسسيها بدلا من الإنضمام للحزب الوطنى.. إنه دائما لو تلاحظون ينضم إلى المعسكر الغلط ويختار الإختيار الخاطيء.. لهذا.. جاءت شهادة ذلك الطفل القاصر فى تسجيلات الجيش الخاصه لتصحح لنا تصورنا الخاطيء وتخبرنا أن المتسبب فى كل ما تمر به البلاد حاليا من هرطشه هو الناشر الشريف والمحترم والجدع محمد هاشم.. شفتوا بقى مدى ما وصلنا إليه من فجاجه وبجاحه وبواخه وتهريج! لا يتبق أمامنا الآن سوى الإشاده بأصدق ما قيل مؤخرا.. كلمات الدكتور الجنزورى التى قالها أثناء خطابه الأخير.. «إن ما يحدث حاليا فى البلاد ليس ثوره.. وإنما انقضاض على الثوره».. فعلا.. ما يحدث فى البلاد حاليا ليس ثوره وانما انقضاض على الثوره!