تحية تقدير وإكبار وامتنان لأبطالنا المعتصمين أمام مجلس الوزراء، وفى ميادين التحرير، فى طقس شديد البرودة، مع مطر غزير، ربنا وحده يقويهم على العسكر وهذا الصقيع الفظيع. فهل يعتصم هؤلاء الثوار من أجل تشكيل مجلس استشارى للجنزورى والمجلس العسكرى؟! لقد عرض الجنزورى أن يشكل مجلسا استشاريا يضم الأسماء التى رشحها الثوار لرئاسة الوزراء! وعندما قوبل عرضه بالرفض، تقدم المجلس العسكرى بنفس الاقتراح الساذج! فمن يتخيل أن يقبل د.البرادعى، وغيره من المحترمين أن يصبحوا مستشارين عند الجنزورى! إذا كان الجنزورى نفسه مستشارا عند العسكر، فما معنى أن تكون مستشارا لمستشار؟! وفى هذه المواقف يستخدم شعبنا الفصيح كلمة للتعبير عن هذا النوع من الكلام، إذ يسميها: (ملوعة)، وصاحب هذا التصرف يُدعى (ملاوع)، وثمة تعبيرات عامية أشد وقعا على السامع، وأنت تعرفها بالتأكيد يا صديقى، ولذلك فمن الواجب أن نسجل هنا أسماء النخبة التى خالفت ما اتفق عليه الثوار فى ميادين التحرير من رفض لحكومة الجنزورى، وذهبت إلى العسكر، وأعلنت موافقتها على حكومة مرفوضة شعبيا، وهم: عمرو موسى، ود.محمد سليم العوا (وأظن أن شخصيته بحاجة إلى دراسة نفسية لتقلباته العجيبة)، ود.عبد العزيز حجازى، والسيد البدوى، ود.محمد مرسى، وأبو العلا ماضى (حزبه رفض!)، وعماد عبد الغفور، ومنصور حسن، ود.حسام عيسى (أعلن رفضه)، وتهانى الجبالى، وسامح عاشور، ود.محمد نور فرحات، ونجيب ساويرس، ولبيب السباعى، ود.ممدوح حمزة (خسارة). إنها جناية النخبة على شعبنا الطيب مرة بعد أخرى، وثمة مقال مهم لكاتبنا الكبير فهمى هويدى، بعنوان: «اعتصموا وانتخبوا»، ورغم اتفاقى الكامل مع المعنى العام للمقال، فإنه كتب عبارة تتعارض مع روح مقاله، وهى: «أننى لم أفهم تلك الدعوة التى أطلقها البعض لرحيل المجلس العسكرى، دون أن يقدموا لنا بديلا معقولا عنه». فى حين أن هذا الاعتصام من أجل رحيل المجلس العسكرى! وقد كتب قبلها: «لست من أنصار فكرة تشكيل مجلس رئاسى موازٍ للمجلس العسكرى، ليس فقط لأنه إما أن يكون معينا من قبل المجلس، وفى هذه الحالة فإنه سيكون بمثابة حكومة موازية، أو أنه سيضم تشكيلة من القانونيين الذين يتبوؤن مناصب رفيعة فى الهيئات القضائية. ورغم أن ذلك مخالف للإعلان الدستورى، فإنه يورط هؤلاء الخبراء فى الملف السياسى الذى لا دراية لهم به». وهنا يتحدث كاتبنا عن مجلس من رؤساء الهيئات القضائية كبديل مطروح للمجلس العسكرى، وسبق أن كتبت عن ذلك، أما صلة هؤلاء القانونيين ودرايتهم بالملف السياسى فأفضل ألف مرة من العسكر! فما صنعوه بالبلد من خراب فى الأشهر الماضية لا مزيد عليه! والمخرج الوحيد مما تعانية مصر الآن هو أن يسلم المجلس العسكرى سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية إلى من يحقق أهداف ثورتنا العظيمة.