نقلا عن السي إن إن، «منصور ضو»، القائد السابق للحرس الثوري الليبي، يعرف بأنه «الصندوق الأسود» لبعض أحلك أسرار ليبيا وخبايا نظام الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي لازمه منذ كان أكثر قادة العالم خشية وحتى اضطر للبحث عن القوت والإختباء في الأماكن المهجورة بمسقط رأسه «سرت» قبيل مقتله. ويمتلك ضو، باعتباره واحدا من المسؤولين الأمنيين للقذافي، الذي بقي إلى جانبه حتى الساعات الأخيرة لحياته، مشاهدات فريدة للسقوط المدهش لأطول زعماء أفريقيا حكما. حيث وصف «ضو» في مقابلة مع CNN اللحظات الأخيرة للقذافي، قائلا: «كان قلقا للغاية ومتوترا، ربما لأنه كان خائفا، أراد العودة إلى بلدته، ربما أراد الموت هناك أو قضاء لحظاته الأخيرة بها». وأكد أن القذافي أصبح تواقا للسفر إلى بلدة «الجرف» – مسقط رأسه – وتبعد 20 كيلومترا غربي سرت، في رحلة تخوف ضو من أنها «انتحارية». وتحدث «ضو»، المسؤول الأمني السابق، لطاقم CNN خلال مقابلة استمرت ساعة في داخل مركز احتجازه بمدينة «مصراتة»، عن رحلة فرارهم الفوضوية من مسقط رأس القذافي وحتى مهاجمة الناتو للموكب، وهرب بعدها القذافي مشيا على الأقدام عبر أنبوب مجاري حيث قبض عليه مقاتلو المجلس الوطني الإنتقالي، وقتل لاحقا في ظروف لا تزال تفاصيلها ضبابية. وقال «ضو»، إن القذافي غادر طرابلس إلى سرت في 18 أغسطس، قبيل يومين من وقوع العاصمة بأيدي قوات الإنتقالي، وظل هو بالمدينة حتى 22 من الشهر، وغادرها برفقة سيف الإسلام، نجل القذافي، وعبدالله السنوسي، مدير الاستخبارات السابق، بإتجاه بلدة «بني وليد» حيث بقي هناك لأربعة أيام قبيل أن ينضم لاحقا إلى القذافي في سرت. كما ذكر أن الظروف المعيشية تحولت من سيء إلى أسوأ مع تشديد مقاتلي الإنتقالي حصارهم على المدينة، واضطروا للإنتقال بين المساكن المهجورة، دون كهرباء أو مياه أو وسائل اتصال بالعالم الخارجي ثلاثة أو أربعة أيام لتفادي اعتقالهم، والإكتفاء بالقليل من الطعام عند العثور عليه. وعقب قائلا: «حياتنا انقلبت 180 درجة». وأوضح «ضو» أن العقيد الراحل قضى أيامه الأخيرة في الكتابة وقراءة كتب كدسها في حقائبه، وأصبحت عندها تصرفاته غير متوقعة. وبحسب ضو، تضاءل حجم المجموعة المرافقة من نحو 350 رجل إلى أقل من مائتين، مضيفا: «بدأت في التناقص يوميا مع مقتل وإصابة البعض، ومغادرة البعض الآخر مع عائلاتهم». هذا ولفت «ضو» إلى أن القوة، المؤلفة من مدنيين غير منضبطين تحت قيادة المعتصم، افتقرت إلى خطة هروب أو قتال، وتحركت القافلة المؤلفة من أكثر من 40 سيارة قبيل الفجر باتجاه بلدة القذافي، وقرابة الساعة الثامنة صباحا بدأت مقاتلات الناتو في قصفها. وأدت قوة الإنفجارات لفتح وسائد الآمان بسيارة القذافي ما أدى لإصابته في رأسه أو صدره، على حد قول ضو، مستذكرا حالة الفوضى والإرباك والهلع التي دبت بالموكب. وبدأ الثوار في إطلاق النار صوب القافلة أثناء محاولتها الفرار، وعندما استهدفها قصف الناتو مرة أخرى. ووصف ضو الوضع: «عندها سقط معظم الضحايا وتدمرت السيارات، سيارتنا أصيبت بعد ترجلنا منها، كان هناك العديد من الجرحى، كان أمرا مروعا». وأردف: «لم يكن أمامهم أي خيار سوى الفرار، هروبهم على الأقدام انتهى بإطلاق نار كثيف من المقاتلين الذي طوقوا أنابيب المجاري». وقال إنه فقد وعيه عند إصابته بشظية في ظهره، ولا يدري كيفية وفاة القذافي. وعن موقف القذافي من التخلي عن السلطة، أوضح أن القذافي اعتقد بإمكانية بقائه في السلطة، رغم محاولته، والدوائر المقربة منه بإقناعه مغادرة البلاد «حفظا لماء الوجه» منذ مارس. وقال إن أبناء القذافي، وتحديدا سيف الإسلام، رفضوا الفكرة «ليس من السهل على شخص تولى السلطة ل42 عاما الاعتقاد بأن الأمر انتهى في دقيقة» هذا وينتظر «ضو» في معتقله تقديمه للمحاكمة، وقال في رد على سؤال من الشبكة إذا ما كان نادما بأنه جزء من النظام السابق: «أحيانا تندم على كل شئ حتى كونك على قيد الحياة، بالطبع هناك ما يستدعي الندم في حياة الشخص، ولكن بالنظر للخلف، وللأسف، نندم أحيانا في وقت متأخر للغاية».