أعد الملف:أميرة جاد صراع الكرشة والبوفتيك يتواصل فى العيد عيد يعنى لحمة، لكن السؤال أى لحمة؟ لحمة البسطاء تختلف تماما عن لحمة المتيسرين فى مصر شكلا ومضمونا، لحمة البسطاء تباع فى أى مكان وفى كل مكان فى شوادر معلومة ومجهولة الهوية على الأرصفة وأمام محلات الجزارة أو بالقرب منها، على شواطئ الترع وفى غياهب النجوع مختومة بالختم البنفسجى «لحوم مستوردة»، والأحمر تارة أخرى «لحوم بلدية إنتاج محلى» فى قليل من الأحيان أو غير مختومة على الإطلاق. لحمة الفقراء ليست لحمة بالمعنى المعروف للحمة حيث تقول حمدية، بائعة كرشة بزينهم، إن هذه اللحمة هى العفش والسقط «التجويف الداخلى للحيوان» وتشمل الكرشة والزور والدوارية «يطلع منها الممبار» والفشة والعليقة «القصبة الهوائية للحيوان». أسعار هذه الأجزاء تبدأ من 15 جنيها للكيلو وتنتهى فى حدودها القصوى عند 35 جنيها. وبينما يتراوح سعر لحم المتيسرين، الذين هم غلابة أيضا فى حقيقة الأمر، بين 60 و70 جنيها للكيلو، تطل برأسها لحمة الأغنياء فى استفزاز واضح، يعبر عنه الشيف إبراهيم سليمان، أحد العاملين فى محل «ج.إ» قائلا إن أسعار بعض اللحوم المستوردة تصل إلى 500 جنيه للكيلو، وإن اللحوم المباعة فى محله مستوردة من أستراليا حيث يتم معاملة الحيوانات بشكل مميز قبل وبعد الذبح، حيث يتم تربية الماشية فى مراعٍ طبيعية 100% محظور فيها تقديم أى أعلاف تحتوى على مواد كيماوية أو هرمونات، كما يتم إنشاء المزارع فى بؤر معينة بما لا يجعل الماشية تتعرض لأى نوع من التلوث، وقبل الذبح ب120 يوما يطعم المربون الماشية ذرة على أنغام الموسيقى الحالمة. وفى يوم الذبح يتم إدخال الذبيحة فى نفق يخفت نوره تدريجيا يؤدى فى نهايته إلى المذبح ثم توجه إليها «صدمة كهربائية» بعدد محدود من الوات لتفقد الذبيحة الوعى ويتم ذبحها بالطريقة الإسلامية التى تشرف عليها الجالية الإسلامية هناك. سليمان أكد أن المرحلة التالية للذبح تتمثل فى تعليق الذبيحة لتصفية الدم ثم يتم الكشف البيطرى عليها، إذا اكتشف البيطرى أن الذبيحة تعرضت لأى نوع من الضغط أو التخويف أو التشنجات العصبية قبل الذبح يقر بعدم صلاحيتها، لتدخل الذبيحة بعد ذلك الثلاجة بشكل نائم ولا يتم تعليقها حتى لا يحدث شد للأنسجة لمدة 36 ساعة، لتدخل بعد ذلك مرحلة التغليف والتعبئة وتكون مدة صلاحيتها 49 يوما فقط من تاريخ الذبح. هذه اللحوم متعددة الأنواع لكن الدارج منها فى الإنتاج المحلى البوفتيك والبيكاتا والإسكالوب بالنسبة إلى الضانى وتتراوح أسعارها بين 100 و110جنيهات، بينما الكندوز يعبر عنها الفيلتو وعرق التربيانكو والروزبيف بالنسبة إلى الكندوز، بينما تتمثل فى الضانى فى الفخذة وريشة بيت الكلاوى وتصل أسعارها إلى 80 جنيها. ختّام اللحم لا يأكله.. بيتفرج بس عشان مافيش شغل».. بهذه الجملة برر محمد عامل ختم اللحمة بأحد المجازر عمله فى هذا المجال. زى محمد الأزرق وملامحه الصعيدية ويديه الملطخة بالدماء والألوان معا تحكى أسرار شاب تجاوز الثلاثين بقليل يعول أسرة كاملة بينما يتقاضى 170 جنيها فقط راتبا فى الشهر «لأنه شغال بالعقد»، حسب قوله، وهو الأمر الذى يحول بينه وبين شراء اللحمة التى اعتبرها للفرجة والختم فقط.ورغم دخوله المهنة مجبرا لا مخيرا فإنه أتقنها وفهم أسرارها التى تعد الفيصل الأول فى سلامة المواطنين، لأن الأختام هى الضمانة الوحيدة لإخضاع الذبائح للرقابة البيطرية، حيث يتم ختم الذبائح بواسطة عجلة مستديرة مكونة من خمس قطع يكتب على كل قطعة ما يميزها مثل المحافظة والمجزر المذبوح فيه الحيوان ورقم الصالة التى تم فيها الذبح والتاريخ إلى جانب العلامة السرية، وهى الكود السرى بين المجزر، وجهة التفتيش على اللحوم، والتى تكشف ما إذا كانت اللحوم مغشوشة من عدمه. محمد أكد ل«التحرير» استحالة تزييف الختم، حيث توضع الأختام والمواد التى يتم الختم بها فى خزانة الصالة الخاصة بها أو خط الذبح التابعة له، ويتم إغلاق الخزانة وتشميعها بالشمع الأحمر، وتسلم المفاتيح للشرطة الموجود لها نقطة داخل كل مجزر ليتسلمها عامل الأختام مرة آخرها فى الصباح، مع بداية يوم العمل. لحوم من إثيوبيا والبرازيل وكولومبيا والهند لزوم العيد أسعار الضانى نار.. والكندوز حسب طلبك.. والبتلو لا تغيير إذا الشعب يوما أراد اللحوم فلا بد أن يستجيب البقر.. ولا بد للبط أن يختفى ولا بد للوز أن ينتحر.. فقدنا الفراخ وكل الطيور ولم يبق إلا حديث الهبر.. وقالوا ده سعر اللحوم كبير يضر المرتب كل الضرر.. وإن الدراهم لا تشتريه فسعر اللحوم كسعر الدرر.. فقلت وليس أمامى سبيل سآخذ واللحم بعض الصور هى أبيات من الشعر للدكتور محمد فؤاد، من الإسكندرية، امتلأ بها الفضاء الإلكترونى، مؤخرا، ساخرا من ارتفاع أسعار اللحوم قبيل عيد الأضحى. البيانات السوقية تؤكد مصداقية معاناة الشاعر، لافتة إلى ارتفاع أسعار اللحوم بكل أنواعها قبل عيد الأضحى بنسبة بلغ متوسطها 10% عن الشهر السابق، وهو الأمر الذى أكده سيد النواوى عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، ومن كبار تجار اللحوم فى مصر، الذى أشار إلى أن سعر الضانى الصاحى يتراوح ما بين 30 و33 جنيها للكيلو، بما يجعل سعر الخروف يتراوح ما بين 1600 و2600 جنيه، وفقا للوزن، بينما يصل سعر الكيلو من الضانى المذبوح ما بين 65 و70 جنيها للمستهلك، بينما يتراوح سعر اللحم الكندوز «البقرى» ما بين 26 و28 جنيها للكيلو الصاحى، أما الكندوز المذبوح فيختلف سعره وفقا للمنطقة التى يتم القطع منها فى جسد الذبيحة، حيث يبلغ سعر الفلتو 70 جنيها، ونفس السعر للدوش والسمانة «لعمل البوفتيك»، أما الدوش والصرة «منطقة البطن» فيصل سعر الكيلو منها إلى 45 جنيها، بينما شهدت أسعار البتلو بعض الاستقرار هذا العام، وفقا للنواوى، الذى أكد أن العيد تزامن وموسم ولادة جديدة للماشية، فتوفر البتلو، واستقرت أسعاره عند 60 و65 جنيها للكيلو. انخفاض إنتاجية الثروة الحيوانية المصرية خلق فجوة كبيرة بين الإنتاج والاستهلاك، قام الاستيراد بسدها عبر استيراد نحو 240 ألف طن سنويا من اللحوم، عن طريق 70 شركة تعمل فى هذا المجال، بحسب سمير سويلم، رئيس اتحاد مستوردى اللحوم، الذى نفى شبهة الاحتكار فى سوق اللحوم المستوردة. النواوى أوضح أن اللحوم المستوردة تشمل ثلاثة أنواع، هى رؤوس الماشية الصاحية، التى يتم ذبحها فى مصر بمجازر الموانى، مثل مجزر عبد القادر فى الإسكندرية، ومجزر العين السخنة، وسفاجا، وأبو سنبل، والبساتين، ويتم استيراد هذا النوع من السودان وإثيوبيا، وأوكرانيا ليباع ب38 و45 و50 جنيها على التوالى، وتشمل اللحوم المستوردة كذلك اللحوم المبردة، وهى اللحوم التى يتم ذبحها فى الدول المصدرة لها، ويتم تصديرها إلى مصر فى نفس اليوم بالطائرات، إذ يتم استيراد هذا النوع من السودان وإثيوبيا وكينيا، ومدة صلاحية هذه اللحوم 14 يوما من تاريخ الإنتاج، وتساوى فى أسعارها المستورد الصاحى، أما النوع الثالث للحوم المستوردة فهو اللحوم المجمدة، ويتم استيرادها من البرازيل والهند وكولومبيا وأمريكا وأستراليا، وتباع للمستهلك بأسعار تتراوح ما بين 32و 35 جنيها للكيلو من البرازيلى والكولومبى والأمريكى، أما الهندى فتصل إلى 26.5 جنيه للكيلو، وأغلبها يستخدم فى التصنيع. «الإقبال على اللحوم ضعيف»، هكذا قال سعيد إبراهيم تاجر ماشية فى مدبح السيدة زينب، موضحا أنه رغم ارتفاع حجم المعروض من اللحوم الحية والمذبوحة، فإن الاقبال ضعيف، معبّرا عن غضبه من الأحوال الاقتصادية التى دفعت المواطنين إلى الإحجام عن الشراء، مشيدا بالرخص -حسب قوله- الذى تمتعت به مصر أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. أيام راحت أيامها.