بعد تاريخ طويل استغرق من فقهائهم سنوات وأحبارا كحجم البحر، فى الجدل الشفهى والكتابى حول حرمة الفن، دخلت الأحزاب الإسلامية إلى حلبة الفن فى ما بينها، محاولة إظهار قدراتها الفنية فى الدعاية لبرامجها السياسية التى ترفعها فى الانتخابات القادمة، وعلى الرغم من أن للإخوان باعا فى هذا المجال، من خلال الأناشيد والأغانى التى يتم إنتاجها عند كل انتخابات دعاية لمرشحيهم، فإن دخول حزب النور السلفى حلبة المنافسة الفنية من أجل الدعاية والترويج لنفسه ولبرامجه فى الانتخابات البرلمانية يفتح المجال للتساؤل حول التحول الجذرى الذى لحق بحزب النور، فبعدما كان يرفض السلفيون كل ما يخص الفن ورجاله، أصبح الآن يتحدث عن ضرورة الانفتاح على هذا المجال من الأدب، الذى كثيرا ما كان مناهضا الفترات الماضية. حزب الحرية والعدالة، من جانبه، استطاع فى فترة قليلة وتحت إشراف اللجنة المركزية الفنية فى جماعة الإخوان المسلمين أن ينتج ما لا يقل عن 12 أغنية تتضمن موضوعات عن الانتخابات والرموز الانتخابية والدعاية للمرشحين والدعوة إلى مشاركة المواطنين فى التصويت فى الانتخابات، كتبها مؤلفون من الإخوان ومن خارج الإخوان، بالتعاون مع اللجنة الفنية فى جماعة الإخوان وتحت إشراف مكتب الإرشاد مباشرة. ومن الأغانى التى تم تأليفها استعدادا للانتخابات «صوت على كل الشعب ينادى»، وأغنية «يا ابن بلدنا صوتنا أمانة.. راح يحاسبنا عليه مولانا»، وأغنية «نسائم الحرية» والتى تبدأ بمقطع «للحرية نسائم هالّة» وأغنية «حرية وعدالة.. وإيدين شغالة» وأغنية «هلت شمس الحرية.. بالسما عالية مضوية». مسؤول اللجنة الفنية والفرق المسرحية بجماعة الإخوان المسلمين سيد درويش يرى أن الإخوان ينظرون إلى الفن على أنه رسالة يُتعبد بها لله عز وجل، وقربان لنشر الخير للمجتمع، كاشفا عن أن الجماعة، تحت رعاية مكتب الإرشاد وبإشراف اللجنة الفنية، أنتجت ما لا يقل عن 12 أغنية مركزية فى القاهرة، تم توزيعها على المحافظات المختلفة من أجل نشرها وتوزيعها على المواطنين واستخدامها فى الدعاية للحزب فى الانتخابات المقبلة. وقال إن اللجنة عرضت كل المنتجات التى تم إنتاجها على الملحن والموسيقى الكبير عمار الشريعى، الذى قال إن من يغنى للجماعة لا بد أن يدفع أموالا، لا أن يحصل على أجر مقابل غنائه للحزب أو الجماعة، مشيدا فى الوقت ذاته بجودة المنتجات الغنائية التى أنتجها الإخوان فى هذا الشأن، بحسب قوله. درويش أوضح أن اللجنة أبدعت «أوبريت» جيدا عن الوحدة الوطنية تحت اسم «الحلم»، يتناول الوحدة الوطنية والدعوة إليها من أجل مصلحة الوطن، وحول اعتماد اللجنة الفنية بالإخوان على أبناء الإخوان والحزب فقط، قال درويش إن الفن ليس عملا تنظيميا، وبالتالى فالجماعة والحزب يسعون وراء كل ما هو جيد ومبدع للاستفادة منه فى إنتاج منتجات جيدة غنائية ومسرحية للحزب. وحول الدعاية الفنية للحزب، قال درويش إن اللجنة الفنية تبنت مشروعا قوميا ضخما تحت عنوان «أوتوبيس الفن»، يرفع شعار «من فيسبوك إلى فيس تو فيس»، يعتمد هذا المشروع على ما يسمى بال«روود شو»، حيث يتم تنظيم عروض سينمائية ضخمة للمواطنين فى الشوارع وأمام محطات المترو وفى الساحات والتجمعات الكبيرة للتعريف بالحزب وبرنامجه وأهدافه وغاياته، من خلال فقرات فنية تشمل الأغنية والمونولوج والإسكتش ومسرحيات ذات مشهد واحد، يتم تنفيذها فى الشارع. أما الجهة المنوط بها رعاية المبدعين فى الإخوان، بحسب درويش، فهى مؤسسة فنية أنشأتها الجماعة، تحت اسم «المؤسسة المصرية للإبداع والموهوبين»، تم شهرها فى الأيام الماضية من أجل رعاية الموهوبين وتبنيهم ومساعدتهم على الانطلاق فى موهبتهم. حزب النور دخل على خط المنافسة الفنية أيضا، شاب من الحزب يدعى خالد الشافعى قام بإنتاج أغنية تحت مسمى «فى حزب النور» دعاية للحزب، وتُتداول على مواقع الإنترنت و«الفيسبوك» وموقع حزب النور، إعلانا عن بداية دخول النور السلفى حلبة الفن وهدمه كل الثوابت السابقة التى كان يؤمن بها ولا يعترف من خلالها بأى دور يذكر للفن فى الحياة. المتحدث الرسمى للحزب يسرى حماد يؤكد أن «النور» يبحث دائما عن بدائل لا تتناقض مع الشرع، مشيرا إلى أن «النور» لا يرفض الأغانى والأناشيد «ففى صدر الإسلام والعصور التالية، كانت هناك ألوان مختلفة من الأناشيد ذات المضمون الجيد والبعيدة عن الكلمات الهابطة»، وبالتالى ف«النور»، وفقا لحماد، يعود ليستقى من مَعِين التاريخ الإسلامى ما يستخدمه دعاية له. مسؤول اللجنة الثقافية فى «النور» نادر بكار قال إن الحزب يؤمن أن للفن رسالة سامية يبنى من خلالها المجتمع، وأنه يتبنى رؤية أكثر انفتاحا فى هذا الأمر، اختلافا مع الرؤى السلفية الأخرى التى تحرم الفن جملة وتفصيلا. «النور»، بحسب بكار، فى طور تصوير مجموعة كبيرة من الأفلام الوثائقية والتسجيلية والفيديوهات المختلفة التى تتناول برامج الحزب على أرض الواقع، وأغان مختلفة للترويج للحزب فى الانتخابات القادمة تعتمد على مجموعة من الشباب الواعى المحترف، وتحت قيادة مجموعة من الأكاديميين فى اللجنة الإعلامية للحزب، مثل الدكتور ياسر عبد التواب، الأستاذ بكلية الإعلام.