«حكام مصر العسكريون الذين تعهدوا فى فبراير الماضى بأن يحلوا محل استبداد الرئيس السابق مبارك بالديمقراطية، قد اتخذوا خطوة كبيرة نحو عدم الوفاء بهذا الوعد» كانت تلك الرؤية التى تبنتها صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى افتتاحيتها عن الوضع فى مصر. الصحيفة ذكرت أنه يوم الثلاثاء الماضى كشفت الحكومة الانتقالية -التى عينها جنرالات المجلس العسكرى- عن خطة لفرض وثيقة مبادئ دستورية تتكون من 22 بندا، من شأنها أن تفرض قيودا على الجمعية التأسيسية التى تتولى صياغة الدستور الجديد. وأوضحت أن تلك الوثيقة تمنع البرلمان من الإشراف على ميزانية الجيش التى ستبقى سرية، وتعطى القوات المسلحة حق مراجعة أى حكومة بعد إعلانه حاميا «الشرعية الدستورية». وأضافت أن الجيش عدّل أيضَا -بصورة جذرية- خطط اختيار الجمعية التأسيسية المسؤولة عن صياغة الدستور، وبموجب الخطة الجديدة سيتم اختيار 20 عضوا فقط من بين ال100 عضو الذين يشكلون لجنة وضع الدستور من البرلمان، الذى سينتخب فى وقت لاحق من الشهر الجارى، فى حين سيتم اختيار ال80 عضوا الآخرين بمعرفة الجيش، بحسب الصحيفة. الصحيفة لفتت إلى أن هذا البند الذى ينتهك الإعلان الدستورى الذى وافق عليه المصريون فى الاستفتاء الشعبى فى مارس، يأتى بالإضافة إلى بنود أخرى تعطى الجيش حق رفض أى مادة دستورية، ورفض أو حل الجمعية التأسيسية إذا لم تنته الجمعية التأسيسية من دستور يقبله الجنرالات فى غضون 6 أشهر. وأشارت إلى أنه إذا ما تم دعم وثيقة «المبادئ الدستورية» الجديدة، فإن ذلك يعنى قطع شوط طويل نحو الإبقاء على النظام العسكرى الذى حكم مصر منذ عام 1952، وظن المصريون أنهم نجحوا فى إنهائه خلال انتفاضة ال18 يوما. ورأت الصحيفة أن ذلك سيجعل الانتخابات الديمقراطية المقررة لا معنى لها تقريبا، حيث لن يكون لهؤلاء الذين تم انتخابهم الحق فى حكم البلاد أو إعداد دستورها الجديد، محذرة من أنه يمكن أن يدفع إلى انتفاضة أخرى، مشيرة إلى أن الأحزاب السياسية الغاضبة دعت بالفعل إلى مظاهرات حاشدة فى وقت لاحق هذا الشهر. وطالبت الصحيفة الولاياتالمتحدة صاحبة النفوذ على الجيش المصرى أكثر من أى طرف خارجى آخر، باستخدامه لعكس ما يرقى إلى حد الانقلاب، على حد وصفها. واستنكرت «واشنطن بوست» تبرير الجنرالات للمرسوم المقترح الذى وصفته بأنه يبدو مألوفا لأى طالب من نظام مبارك، حيث يدّعون حماية البلاد من المتشددين الإسلاميين الذين من المرجح أنهم سيسيطرون على عدد وافر من المقاعد فى البرلمان. واستذكرت الصحيفة أنه خلال 8 أشهر من الحكم المؤقت، أظهر المجلس الأعلى للقوات المسلحة ازدراء للحريات التى يدعى حمايتها، وحاكم نحو 12 ألفا من المدنيين لمحاكمات سريعة أمام المحاكم العسكرية، كما استدعت النيابة العسكرية يوم الأحد الماضى المدون علاء عبد الفتاح، أحد أبطال الثورة، بعد أن قام بنشر مقال يحمل الجيش مسؤولية العنف ضد مسيرة للأقباط بالقاهرة الشهر الماضى، وعندما رفض السيد عبد الفتاح التعاون تم حبسه. وناشدت الصحيفة الإدارة الأمريكية -وإذا لزم الأمر الكونجرس- بأن تصر على أن تحترم القوات المسلحة وعودها بالتحول الديمقراطى، وأن تحظى الجمعية التأسيسية التى تشكل الدستور بشرعية ديمقراطية، كما يجب الإفراج عن السيد عبد الفتاح وغيره من السجناء السياسيين. وقبل كل شىء لا ينبغى للجيش المصرى أن يسمح باستمرار دوره كسلطة غير خاضعة للمساءلة، فى حين لا يزال يتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية.