تفاصيل جديدة، وتعديلات أشبه بزلزال هزّ الأوساط السياسية فى مصر، تلك التى أضيفت إلى مواد مسودة المبادئ الأساسية أو الحاكمة للدستور، خصوصا فى ما يتعلق بسرية ميزانية الجيش وقصر أحقية الموافقة على أى تشريع يتعلق به على المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وهى التعديلات الوحيدة التى أدرجت على المسودة، التى سبق لممثلى الأحزاب والقوى السياسية الموافقة عليها بشكل شبه كامل، قبل عيد الفطر الماضى، على أن تُرفع فى حينها إلى المجلس العسكرى. التعديلات الجديدة توقيتها ونصوصها وطريقة عرضها على القوى السياسية، كانت سببا مباشرا فى تحول الموافقة إلى رفض شبه كامل لمضمون المادة (9). وذلك خلال الاجتماع الذى دعا إليه الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطى مع ممثلى الأحزاب والقوى السياسية أمس، فى دار الأوبرا، الذى تغيب عنه حزب العدالة والحرية الممثل لجماعة الإخوان المسلمين، وامتد حتى مثول الجريدة للطبع. آراء ممثلى الأحزاب تراوحت بين التأييد التام والرفض التام لمسودة وثيقة المبادئ الأساسية للدستور، ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد. حزب التجمع أعلن موافقته بشكل كامل على جميع نصوص المسودة. بينما رفض حزب الثورة الوثيقة بشكل كامل، وحذر ممثله من اندلاع ثورة جديدة حال إقرار التعديلات على المادة التاسعة، كما شهد الاجتماع انتقادا واسعا لموقف جماعة الإخوان المسلمين من الاجتماع. المادة التاسعة فى مسودة الوثيقة، التى كانت محل خلاف أيضا، تتضمن 3 فقرات، الأولى تنص على أن الدولة وحدها هى التى تنشئ القوات المسلحة، وهى ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها والحفاظ على وحدتها وحماية الشرعية الدستورية، ولا يجوز لأى هيئة أو جماعة أو حزب إنشاء تكتلات عسكرية أو شبه عسكرية. أما الفقرة الثانية فتقول إن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره يختص بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها، على أن يتم إدراجها رقم واحد فى موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره. أما الفقرة الثالثة فتقول إن «رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب». الفقرة الثانية كانت صاحبة النصيب الأكبر من اعتراضات ممثلى الأحزاب المشاركين، وفى مقدمتهم «الوفد»، و«المصرى الديمقراطى»، و«التحالف الشعبى الاشتراكى»، و«الشعب»، و«الأحرار الثوار»، و«مصر الفتاة»، و«الثورة» و«اتحاد الكتاب العرب»، وطالبوا بإعادة النظر فى المادة، وحذف الفقرة التى تمنع الرقابة على ميزانية القوات المسلحة، ودعا البعض إلى تشكيل مجلس دفاع تكون مهمته الرقابة، والإشراف على ميزانية القوات المسلحة. رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، أبو العز الحريرى قال إن تعديلات المادة (9) تعطى سلطة مطلقة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتجعله دولة فوق الدولة، بينما أكد الفقيه الدستورى محمد نور فرحات أن قصر الموافقة على المجلس الأعلى فى إصدار تشريعات القوات المسلحة يعد سلبا لاختصاص البرلمان فى الموافقة على أى تشريع. ودعا فرحات إلى أن تكتسب وثيقة المبادئ الدستورية صفة تشريعية، ويصدر بها إعلان دستورى من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. آراء أخرى شهدها الاجتماع نادت بأن لا تأخذ الصفة التشريعية، وتكون استرشادية فقط، انطلاقا من أن مجلس الشعب هو صاحب تلك السلطات. تعديلات المادة العاشرة من الوثيقة أثارت اعتراض ممثلى بعض الأحزاب. حيث نصت على أن ينشأ مجلس يسمى «مجلس الدفاع الوطنى» يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر إلى الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى، والدفاع عن الوطن وأرضه وفق قانون التعبئة العامة. الدكتور محمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب قال إن المادة (10) تحتاج إلى تفسير أكبر، والمجلس الذى تدعو إليه يشبه مجلس الأمن القومى فى بعض الدول الديمقراطية، لكن لا يتعين أن يتم النص عليه فى مبادئ الدستور، وينبغى أن يترك أمره لمرحلة أخرى قادمة فى ما بعد، حتى نفرق بين الدستور والسياسات. مسودة وثيقة المبادئ الأساسية للدستور تضمنت عشر نقاط، تمثل المبادئ الأساسية للدستور، يعقبها 12 مادة أخرى تختص بالحقوق والحريات العامة. المادة الأولى تنص على أن جمهورية مصر العربية دولة مدنية ديمقراطية. وهى المادة التى أثارت حفيظة ممثلى التيار الإسلامى، خصوصا حزب النور السلفى، وتم شرحها لهم، فجاء استكمال نص المادة الأولى لشرح كلمة «دولة مدنية» بأن «مصر دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة وسيادة القانون وتحترم التعددية وتكفل الحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أى تمييز أو تفرقة، والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة». أما المادة الثانية فتنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الأساسية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ولغير المسلمين الاحتكام إلى شرائعهم فى أحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية. أما بقية نصوص المواد الحاكمة للدستور لم تشهد أى خلاف، حيث نصت فى أغلبها على أن السيادة للشعب، والنظام السياسى للدولة جمهورى ديمقراطى يقوم على التوازن بين السلطات، وسيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، والاقتصاد الوطنى يقوم على التنمية الشاملة المستدامة، وأن تلتزم الدولة بحسن إدارة وحماية نهر النيل، وأن مصر جزء من العالم الإسلامى وضمانة جميع الحقوق والحريات من حفظ للكرامة الإنسانية وعدم جواز إسقاط الجنسية عن أى مصرى إلا بحكم قضائى وحريات الرأى والتعبير. عدد من ممثلى الأحزاب والقوى السياسية طالبوا بتحديد معايير اختيار الجمعية التأسيسية وزيادة نسبة تمثيل الشباب، والمرأة، والعمال، والفلاحين، والاتحادات والنقابات المستقلة، وتقليل عدد ممثلى الهيئات القضائية الذى يصل إلى 15 عضوا بالجمعية.