قرر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف إقامة دعاوى قضائية ضد القنوات الفضائية التى أعلنت عن قيامها بعرض مسلسل «الحسن والحسين» على شاشاتها خلال شهر رمضان الكريم. وقام المجمع بتقديم مذكرة عاجلة يطالب فيها إدارة «النايل سات» بوقف عرض المسلسل، استنادا للقرار الذى سبق وأصدره الأزهر بحظر تصوير وعرض المسلسلات الدينية، التى يتم فيها تجسيد شخصيات من آل بيت رسول الله-صلى الله وعليه وسلم. مسلسل «الحسن والحسين»، من تأليف محمد اليسارى وحمد الحسيان، وإخراج عبد البارى أبو الخير، وبطولة خالد مغويرى (فى دور الحسن)، ومحمد المجالى (فى دور الحسين)، ورشيد عساف (فى دور معاوية بن أبى سفيان)، وعلاء القاسم (فى دور عبد الله بن الزبير)، ومن المنتظر عرضه فى أكثر من قناة فضائية مصرية وعربية. التعليق: الشناوى: عرضت مصر «آلام المسيح» قبل 6 سنوات ولم يعترض الأزهر.. فلماذا الآن؟ طارق الشناوى الناقد السينمائى: فى عام 1926 نشرت الجرائد المصرية صورة يوسف وهبى بالمكياج مع إعلانه عن إنه سوف يلعب دور سيدنا محمد- عليه الصلاة والسلام- فى فيلم (النبى) من إخراج وداد عرفى، وقتها ثار الأزهر لأنه لا يجوز تجسيد الأنبياء على الشاشة، وتراجع يوسف وهبى، مؤكدا أنه لم يكن يدرى أن هذا محرم شرعا. كان التحريم فى البداية يتضمن فقط الأنبياء، بعد ذلك اتسعت الدائرة لتتسع إلى خلفاء الله الراشدين والصحابة والمبشرين بالجنة. منذ الستينيات ومصر تمنع عرض الأفلام التى تجسد شخصية السيد المسيح -عليه السلام- لأن الإسلام يمنع تجسيد الأنبياء، وقبل 6 سنوات عرض فى مصر فيلم «آلام المسيح» وأيضا لم يعترض الأزهر. فلماذا أصبح الأزهر يعترض أحيانا ويغض الطرف أحيانا؟.. رأيى الشخصى أنه لا يستند فى المنع إلى قواعد صارمة، ولكن إلى اجتهادات قد تصيب أو تخطئ، وأصبح عليه الآن أن يعيد النظر فى تلك الاجتهادات، لأن الزمن تغير والفضاء صار مفتوحا للجميع، وعليه أن يستخدم سلاح الدراما فى إظهار الوجه الحقيقى للإسلام. التحليل: «البحوث الإسلامية» يتمسك بفتوى قديمة دون مراجعة أو نقاش.. ألم تصل الثورة إلى هناك؟ يتمسك مجمع البحوث الإسلامية فى موقفه هذا بفتواه التى أصدرها قبل سنوات بعيدة بمنع جواز تجسيد شخصيات الأنبياء وأى من شخصيات آل بيت رسول الله، لأسباب تتعلق بقدسية هذه الشخصيات، ومدى أهلية من يجسدونها على الشاشة من الناحية الروحية. اللافت هنا هو أن مجمع البحوث الإسلامية –رغم ما فعلته ثورة 25 يناير من تغيير عاصف فى العقول- يرفض إعادة التفكير وإعمال العقل مجددا فى هذه الفتوى، رغم مرور سنوات عليها، ورغم تغير الثقافات فى العالم، وتحول الدراما إلى وسيلة مهمة وفاعلة لنشر الأفكار والقيم، ورغم أن مسلسلا يستعرض السيرة الملحمية للحسن والحسين قد يسهم فى تصدير الفكر المستنير فى الإسلام.خصوصاً أن المسلسل حظى بدعم وموافقة عالم كبير مثل القرضاوى ففى عشرينيات القرن السابق رفض الأزهر فيلما عن النبى -صلى الله عليه وسلم- ليوسف وهبى فى وقت كانت السينما المصرية تبحث فيه عن أول فيلم روائى طويل، وبعدها بخمسين عاما وبينما كان العالم يشاهد فيلم «الرسالة» رفض الأزهر عرضه أيضا وسط هجمة من أفلام المقاولات على السينما المصرية، وهو أمر لم يمنع الجمهور المصرى من مشاهدة الفيلم بأكثر من طريقة قبل أنيعرضه التليفزيون المصرى لاحقا، وذلك لأن حالة الجدل هذه التى تصنعها المؤسسات الدينية حول أعمال إبداعية عادة ما تحشد الاهتمام بالعمل الذى تهاجمه، وهو أمر سيتكرر غالبا مع مسلسل «الحسن والحسين