أخيرا تخلصت البشرية من معمر القذافى! فمن يصدق أن هذا المجنون ظل مسيطرا على بلد بحجم ليبيا طوال اثنين وأربعين عاما؟! فكيف لمثل هذا المختل أن يقود شعبا بأكمله إلى الهاوية؟! وكيف صمت الشعب الليبى على كل ما ارتكبه هذا الديكتاتور المعتوه من شرور، وسرقات، وحماقات، وجرائم؟! لكن كل هذه الأسئلة الصعبة وغيرها يمكن أن تنطبق على كثير من الشعوب العربية! فشعوبنا عانت الكثير تحت نظم حكم استبدادية، تحكم بالحديد والنار، وتنفق المليارات من أموال الشعوب على حماية عروشها من ثورات شعوبها. والحمد لله أننا عشنا حتى رأينا ربيع الثورات العربية، فها هى الثورة تنتقل من بلد عربى إلى آخر، وها هى الجماهير الثائرة تنتصر هنا وهناك. فشعوبنا ستنتصر فى النهاية، وهؤلاء الحكام الخونة، مصيرهم جميعا إلى مزبلة التاريخ. وإذ نتمنى أن يفهم باقى الحكام العرب شيئا مما يحدث حولهم، ومن مصير كل من سرق ثروات بلده، وخان شعبه، لكنهم جميعا على نفس العقيدة الفاسدة، فكل منهم يظن نفسه مختلفا عن الآخرين، كما يتخيل أن نظام حكمه الفريد، لا يشبه باقى أنظمة الحكم العربية! فى حين أنهم جميعا متشابهون، أو متطابقون تماما، فكلهم ديكتاتوريون فاسدون لصوص قتلوا شعوبهم، وسرقوا ثروات بلادهم، ودمروا مستقبل شبابهم، ومهدوا السبيل أمام التدخلات الخارجية فى شؤون عالمنا العربى. وها نحن نتابع كل يوم سقوط الشهداء فى سوريا، واليمن، وغيرهما، والنظام البعثى فى سوريا ما زال يواصل -عبر إعلامه الحقير- أكاذيبه المثيرة للاستهزاء والسخرية، بينما عمليات القتل والسحل والاعتقال للثائرين على نظامه الفاشى، ما زالت متواصلة بلا انقطاع منذ شهور عدة! لكن يتأكد، كما سبق وذكرت هذا من قبل، أن بشار الأسد الذى يقتل شعبه، نهايته تقترب يوما بعد يوم، وسيلقى مصير أمثاله من السفاحين، قتلة الشعوب، وهذا هو أيضا نفس مصير السفاح المتشبث بأذيال السلطة فى اليمن غير السعيد. ومن المثير للتأمل أن ديكتاتور ليبيا المريض بجنون العظمة، هو الوحيد بين الحكام الخونة الذى تصرف بطريقة أكثر شجاعة من الآخرين! فإذا كان السفاح صدام حسين، اختبأ فى حفرة، ولم يواجه قوات الاحتلال على أرض بلاده، وسفاح تونس بن على، هرب بجلده وأمواله، فها هو المجنون وحده الذى ظل يدافع عن موقعه حتى قتل بالرصاص! لعله أكثرهم تصديقا لما كان يقوله من تخاريف وخزعبلات! فهل تصرف القذافى هذا، هو عين العقل، أم قمة الجنون؟ ولا يصح أن نختم حديثنا عن مهزلة القذافى ومأساته، دون أن نذكر موقف مثقفينا الذين أقاموا الندوات الأدبية، وكتبوا الدراسات النقدية المعبرة عن إعجابهم وتقديرهم بالمجموعة القصصية الوحيدة للقذافى «القرية القرية. الأرض الأرض. وانتحار رجل فضاء»، لا أريد أن أكتب أسماءهم جميعا، فهم معروفون جيدا بين المثقفين، ودرع اتحاد الكتاب أُهدى لصاحب الكتاب الأخضر! بينما جوائز القذافى، وأمواله المسروقة من الشعب الليبى ما زالت بين أيدى عدد من المثقفين العرب والمصريين!