أيام ويفتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشعب فى 18 سبتمبر المقبل، ومعه مجلس الشورى الذى ورثناه من العهد السابق، والذى يمكن أن نطلق عليه مجلس صفوت الشريف، الذى جعله كيانا سيئ السمعة على الرغم من شهرته.. ومجلسا لشورى التزوير بعضوية فاسدين وهاربين وبلطجية الإعلام الذين تم منحهم الحصانة للدفاع عن الحاكم بالوراثة، والتحكم فى الصحف المملوكة للشعب فى الأساس، والتى أصبحت مملوكة للمجلس، فيعين ذلك هنا أو ذاك هناك، تبعا لقدر الموالاة لأى منهم. مجلس الشورى الذى تم إحراقه بالإهمال.. الإهمال الذى كانوا يديرون به شؤون الناس والبلاد، فلم يكن يهمهم إلا شخوصهم ونفوسهم وأموال البلد لينهبوها، وفيلات يحصلون عليها لأنفسهم ولأولادهم وأحفادهم فى كل مكان فيكى يا مصر.. مقابل التنازل عن الأراضى وحقوق هذا البلد لفئة صغيرة من رجال الأعمال الذين أدخلوهم معهم فى السلطة.. ليعيثوا فى البلاد الفساد هم أيضا. ولعلنا نذكر أن أحد أهم مستشارى صفوت الشريف فى أثناء إعادة ترميم مبنى مجلس الشورى وإزالة آثار الحريق، كان الدكتور على عبد الرحمن، الذى انضم إلى الحزب الوطنى قبل ذلك، وفى أثناء وجوده على رأس جامعة القاهرة.. وهو الآن محافظ الجيزة، بعد ثورة قامت ضد استبداد وفساد هؤلاء. كأننا لا نعيش فى ثورة.. وكأن الثورة لم تقم أساسا.. وكأنه لم يكن هناك شهداء راحت دماؤهم على أرض الوطن.. وكأن... وكأن... فالانتخابات على الأبواب.. ولا أحد يعرف أى جديد عن الدوائر التى صنعوها فى قانونهم الجديد الذى لا يختلف أبدا عن القوانين «المرقعة» التى كان يصدرها النظام السابق.. وكأنهم استعانوا بترزية صفوت الشريف وفتحى سرور ومفيد شهاب، لوضع هذا القانون.. وليستمر الوضع على ما هو عليه.. وربما أسوأ، وسط انشغال بعض القوى فى ركوب موجة الثورة، وجنى الثمار قبل أن تنضج.. فتلك القوى لا تزال تعمل أيضا بعقلية النظام السابق.. ولا تنظر إلى مستقبل هذا البلد.. وإنما كل ما يهمها وجودها الشخصى.. ومن ثم تدخل فى تحالفات غريبة ومريبة مع قوى أخرى لم يكن لها أى دور فى الثورة.. بل كانت على علاقة قوية بالنظام السابق وبرئيس لجنة الأحزاب صفوت الشريف، المسجون حاليا بتهم فساد وكسب غير مشروع، وإن لم توجه إليه حتى الآن تهم بالإفساد السياسى.. فقد كان الراعى الأول والخادم المطيع بالإفساد لنظام مبارك.. وكانت تلك القوى أيضا التى يمثلها أحزابا يحركها ضباط أمن الدولة.. وأسهموا جميعا فى الفساد السياسى وتزوير الانتخابات، ولا يعفى من ذلك حزب الوفد برئاسة السيد البدوى، ذلك الصيدلى الآتى من طنطا، الذى أدار الحزب كأنه إحدى شركاته، التى سقطت على رأسه بشكل سريع.. والذى من الضعف أن لا يعترف بعلاقاته بأجهزة أمن مبارك والعادلى، التى أصبحت معروفة الآن للكثيرين.. تلك العلاقة الخاصة جدا باللواء حسن عبد الرحمن، مدير مباحث أمن الدولة، المسجون بتهم قتل المتظاهرين.. وأيضا علاقاته بالحكومة ووزارة الصحة ليمنحوها تراخيص وأسواقا فى مقابل مساعدتهم فى مصادرة الحريات ومحاولة شراء الذمم والشراكة المالية والإعلامية مع بعض رموز النظام السابق. فهل يمكن للسيد البدوى ومن يتحالف معه الآن العبور من تلك المرحلة إلى مرحلة مصر الجديدة الديمقراطية والمدنية الحديثة؟! أشك فى ذلك، فالرجل يريد دائما المقابل. وللأسف الشديد، يجرى ذلك برعاية المجلس العسكرى، الذى يرى أنه على الشعب أن يكتفى بما حدث وحصل عليه.. ألم يسقط مبارك؟ وألم يأت على سريره من المستشفى إلى قفص المحاكمة لمحاكمته؟ هكذا لسان حالهم.. وكفى من الثورة وأهدافها! تأتى الانتخابات قريبا ولم يحسموا حتى الآن موقف الملايين من المصريين فى الخارج، الذين من حقهم التصويت، وإن كان الأقرب أن يتم إهمالهم، كما كان يفعل النظام السابق بالضبط.. لم يبق سوى أيام على الانتخابات التى كان من المفترض أن يتم بها نقل البلاد نقلة حديثة.. لكن ما فعلوه منذ البداية بالالتفاف على مطالب الثورة من وضع دستور جديد هو الذى يكون بمثابة خريطة طريق.. هو الذى نجنيه الآن من ارتباك وترهل كأننا نعيش فى ظل العهد السابق. لقد أصبحت الثورة هى ثورة المجلس العسكرى وعصام شرف بتاع الثورة وعلى السلمى بتاع حكومة ظل الوفد وظل السيد البدوى (الذى كان ضد الثورة) والمستشار محمد عطية، بتاع الاستفتاء وشرعية المجلس العسكرى. لكن الشعب على الرغم من كل ذلك لن يسمح بذلك الالتفاف، وسيصر على الحصول على حقوقه وتحقيق أهداف ثورته التى دفع فيها كثيرا عبر ثلاثين عاما وفى أيام الثورة. تحيا الثورة.