«فتنة».. أقل ما توصف به المعالجة الإعلامية لأحداث ماسبيرو، التى أعادت للأذهان ذكرى أيام الثورة الأولى، حينما دهست مدرعات الأمن المركزى المتظاهرين، وخروج مذيعى القناة الأولى بصور لصفحة النيل الهادئ، وتبارت القنوات الرسمية والفضائية والمواقع الإلكترونية فى إشعال نيران الفتنة، وتصوير ما حدث باعتداء من جانب واحد، مصابو الجيش فيه وحدهم «شهداء»، وضحايا المتظاهرين الأقباط «قتلى». المرشح لمنصب نقيب الصحفيين، يحيى قلاش، قال إن تغطية الإعلام المصرى أحداث ماسبيرو أكدت أنه يمر بنكسة خطيرة، «إذا كنا نتحدث عن ثورة مضادة لثورة يناير، فالإعلام المصرى يؤدى هذا الدور ويلعبه بشكل كامل»، موضحا أنه فى مصر بعد الثورة، يحكم الإعلام بمنظومة الاستبداد التى كان يتبعها النظام السابق، «إذا كنا نأمل فى انتخابات نزيهة، ونتجه إلى بناء دولة مدنية، فيجب أن تعلم القوى الوطنية أن عماد الدولة المدنية هو استقلال القضاء والإعلام». قلاش أكد أن ما فعله الإعلام المصرى هو تحريض على فتنة مثل الفتنة التى كان يثيرها خلال ثورة 25 يناير، محذرا: إذا استمر الوضع على ما هو عليه لا نأمل ولا ننتظر انتخابات نزيهة، ويجب التصدى لهذه الفتنة. «التليفزيون المصرى يستحق لقب أسوأ تغطية، والأكثر تضليلا».. هذا ما علق به أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، شريف اللبان، واصفا معالجته الأحداث بالمخزية، وأن ما حدث يعد استكمالا لفشل الآلة الإعلامية أيام الرئيس المخلوع مبارك فى تغطية أحداث ثورة يناير، واستمرارا للتغييب الإعلامى للتليفزيون المصرى وتضليل الشعب، «أسامة هيكل تعمد التضليل عبر قناة (العربية)، والتنصل من كل ما حدث من سحل ودهس المتظاهرين»، حسب قوله. اللبان انتقد الإساءة للمتظاهرين الأقباط السلميين، وحث التليفزيون الرسمى للمصريين المسلمين على حماية الجيش، مما زعم أنه اعتداء من الأقباط عليه، وقال إنها سابقة غير معقولة، حيث ينثر التليفزيون بذور الفتنة الطائفية، مستنكرا الإتيان بمجند مصرى يسب الأقباط على شاشات التليفزيون المملوك للدولة، الذى يمول بأموال مسلميها ومسيحييها، موضحا أن الخطأ الأكبر فى معالجة التليفزيون كان اعتبار قتلى الجيش «شهداء»، أما ضحايا المتظاهرين الأقباط فهم «قتلى»، وكأن الجيش يحارب جيشا أجنبيا. عضو مجلس نقابة الصحفيين، جمال فهمى، من جانبه، قال إن الإعلام الرسمى ارتكب جريمة وطنية بشعة، لا تقارن إلا بجريمته فى أثناء الثورة، خصوصا يوم جمعة الغضب.. بل أسوأ، مشيرا إلى أن يوم جمعة الغضب كان تحريض التليفزيون المصرى تحريضا بالكذب والتزييف على قطاع من شعب مصر الموجود فى ميادين مصر، إنما التحريض الآن على تمزيق نسيج الوطن، وتحريض على حرب أهلية، «الإعلام المصرى استغل الطائفية التى هى أسوأ أنواع التحريض»، مضيفا أن الإعلام المصرى يلعب على مشاعر البسطاء من الناس. فى حين أعلن الإعلامى محمود يوسف تبرؤه من تغطية الإعلام المصرى أحداث ماسبيرو، قائلا عبر صفحته الخاصة على «تويتر» إنه يتبرأ مما يذيعه التليفزيون المصرى، اعتراضا منه على ما اعتبره تحيزا واضحا ضد المتظاهرين الأقباط، واستقبال مداخلات هاتفية تحث على إدانة المتظاهرين، والنزول إلى الشارع، لحماية الجيش من الأعيرة النارية التى أطلقها المحتجون.