ترامب يواجه أزمة ذات حدّين قاتلين مع فقدان 16 مليون شخص عمله بعد تقييد حركة البلاد الاقتصادية بسبب الإجراءات المعمول بها للتصدى لأزمة كورونا. حالة من التخبط يعيشها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى ظل أزمة كورونا الكارثية التى تجتاح العالم بسرعة رهيبة، مخلفة عددا كبيرا من الإصابات والوفيات، إذ لا يزال الرجل الأول فى البيت الأبيض يكابر بين الحين والآخر، مقللا من حجم تلك الكارثة، بل كثيرا لا يعترف بها من الأساس، رغم تسجيل الولاياتالمتحدة أعلى حصيلة وفيات فى العالم بعد أن أظهرت الإحصائيات الأخيرة وفاة أكثر من 20 ألف شخص، محققة أعلى معدل وفاة يومى بتجاوزها 2000 حالة. وفى بداية الأزمة كان ترامب متفائلا بأن بلاده ستكون قادرة على إعادة فتح اقتصادها بحلول عيد الفصح هذا الشهر، لكن تلاشى هذا التفاؤل تدريجيا، وعاد يحذر من موت أكثر من مليونى مواطن أمريكى، بسبب الوباء. تسريح وخسائر قياسية لا تقتصر الأزمة على مجرد إحصائيات الإصابات والوفيات، فهناك ضحايا من نوع آخر، إذ يواجه وفى بداية الأزمة كان ترامب متفائلا بأن بلاده ستكون قادرة على إعادة فتح اقتصادها بحلول عيد الفصح هذا الشهر، لكن تلاشى هذا التفاؤل تدريجيا، وعاد يحذر من موت أكثر من مليونى مواطن أمريكى، بسبب الوباء. تسريح وخسائر قياسية لا تقتصر الأزمة على مجرد إحصائيات الإصابات والوفيات، فهناك ضحايا من نوع آخر، إذ يواجه ترامب أزمة ذات حدّين قاتلين مع فقدان 16 مليون شخص عمله بعد تقييد حركة البلاد الاقتصادية بسبب الإجراءات المعمول بها للتصدى لكورونا. وبعدما أثر الفيروس القاتل على كل القطاعات الاقتصادية من سياحة وطيران، تصل الخسائر فى أمريكا إلى أكثر من مليون دولار فى اليوم، وانعكس ذلك على العاملين، إذ تم تسريح أكثر من 500 موظف، كما تنذر الأزمة الحالية أيضا، باحتمالية تكبد خسارة فى بيع فندق الرئيس بواشنطن، بعدما كان من المتوقع بيعه بأكثر من 320 مليون دولار. روجر داو الرئيس والمدير التنفيذى لجمعية السفر الأمريكية، أكد أن الولاياتالمتحدة، كباقى دول العالم، تعرضت لخسائر اقتصادية فادحة منذ تفشى فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى أن الاقتصاد الأمريكى تكبد خسائر بلغت 800 مليار دولار حتى الآن، منها 355 مليار دولار فى مجال صناعة السيارات وحدها، مضيفا أن أزمة كورونا ستزيد من مشكلة البطالة فى أمريكا، فنحو 4.6 مليون عامل فى مجال صناعة السفر سيفقدون وظائفهم، بحسب "سى إن إن". وكشف الرئيس التنفيذى لشركة يونايتد إيرلاينز أوسكار مونوز، أن الأزمة الاقتصادية الحالية أسوأ من الأزمة الاقتصادية التى خلفتها أحداث 11 سبتمبر، إذ قال فى رسالته إلى الكونجرس ووزارة الخزانة، نيابة عن نحو 100 ألف موظف فى شركة يونايتد إيرلاينز: "يرجى التصرف بسرعة لحماية سبل عيشنا، إن التأثير المالى لهذه الأزمة على صناعتنا هو أسوأ بكثير من الانكماش الحاد الذى شهدناه فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر". البورصة الأمريكية كان لها نصيب أيضا من تلك الأزمة، حيث تعرضت لخسائر فادحة خلال الأيام الماضية، بعد تفشى الفيروس فى الولاياتالأمريكية ال50، فقد انهارت بورصة وول ستريت، وسجّل مؤشّرها أسوأ جلسة له منذ الانهيار المالى فى 1987 بخسارته 10% من قيمته، وهوت أسعار النفط، إلى أدنى مستوى فى 18 عاما، فى حين بلغ خام برنت أدنى مستوى فى 16 عاما. البشر أم الاقتصاد؟ فى الوقت الذى يخوض فيه الرئيس الأمريكى حربًا شرسة للسيطرة على تفشى وباء كورونا فى بلاده ولحماية شبكة استثماراته وشركاته الخاصة، ورغم كل تلك الخسائر المتواصلة، فإن ترامب أعلن أنه يدرس قرار توقيت العودة إلى الحياة الطبيعية فى أمريكا، بالرغم من أن البلاد شهدت أكبر معدل وفيات لها. ويبدو أن الرئيس الأمريكى، وجد نفسه أمام اختبار صعب ما بين الحفاظ على حياة مواطنيه أو حماية الاقتصاد الأمريكى من الانهيار، فصدرت عنه عدة تصريحات متضاربة، إذ أكد أنه يريد تخفيف الإغلاق المفروض فى الولاياتالمتحدة فى منتصف أبريل المقبل، محذّرا من أن إغلاقا مطولا يمكن أن يدمّر الاقتصاد الأمريكى، لكن يبدو أن ترامب غير لهجته مرة أخرى، بعد أن قال إنه "فى حالة حرب" ضد هذا "العدو غير المرئى". وعاد ترامب إلى مقارنة الجائحة الحالية بالإنفلونزا الموسمية، إذ قال خلال مقابلته مع مراسل "فوكس" فى البيت الأبيض، إنه يعتقد أن الإغلاق كان رد فعل مبالغًا فيه، مكررًا أن "العلاج أسوأ من المرض نفسه"، مضيفا: "نحن نفقد آلافًا وآلافًا من الناس كل سنة بسبب الإنفلونزا، ولا نغلق البلد ونفقد عددًا أكبر من ذلك فى حوادث الطرق، ولم نقل لشركات صناعة السيارات: توقفوا عن صنع السيارات.. لا نريد مزيدًا من السيارات". تأتى دعوة ترامب لعودة الحياة ورفع القيود وسط تحذيرات من منظمة الصحة العالمية بأن أمريكا تعد البؤرة الجديدة لفيروس "كورونا" القاتل، إلا أن الولاياتالمتحدة تقف عاجزة أمام احتواء الموقف، غير قادرة على السيطرة على تفشى المرض ولا التصدى لتردى الاقتصاد. وفى ظل تضاعف معدل الإصابات الجديدة كل ثلاثة أيام، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الولاياتالمتحدة يمكن أن تتجاوز أوروبا قريبا، وأن تصبح البؤرة الجديدة للوباء على المستوى العالمى، وهو ما حدث بالفعل. سابقة تاريخية وسط التصريحات المتضاربة والمتخبطة لترامب، نجد أنه فى سابقة تاريخية، صنف لأول مرة فى تاريخ الولاياتالمتحدة 50 ولاية تحت حالة الكوارث وليس تحت حالة الطوارئ، لمواجهة تفشى فيروس كورونا المستجد. وقال جود دير، المتحدث باسم البيت الأبيض، إنه "للمرة الأولى فى التاريخ، أعلن الرئيس وجود كارثة كبيرة فى جميع الولايات الخمسين فى آن واحد". والكارثة الكبرى تعنى أى كارثة طبيعية بما فى ذلك أى إعصار أو عاصفة أو مياه عالية أو مياه مدفوعة بالرياح أو موجات المد أو تسونامى أو زلزال أو ثوران بركانى أو انهيار أرضى أو انزلاق طينى أو عاصفة ثلجية أو جفاف أو بغض النظر عن السبب، أى حريق أو فيضان أو انفجار، فى أى جزء من الولاياتالمتحدةالأمريكية، متسببا فى أضرار وتعطل بيئى وخسائر فى الأرواح وتدهور الصحة العامة أو الخدمات الصحية على نطاق واسع، إذا قرر الرئيس الأمريكى أن الأضرار التى تسببها الكارثة "شديدة"، فهو يسمح بتقديم مساعدة كبيرة فى حالات الكوارث من موارد الدول والحكومات المحلية ومنظمات الإغاثة، للتخفيف من الضرر أو الخسارة أو المشقة أو التسبب فيها. ووفقًا للبيت الأبيض، فإن الإعلان عن حالة الكارثة الكبرى تتيح التمويل الفيدرالى لحكومات الولايات والحكومات المحلية، فضلا عن بعض المنظمات غير الربحية، الذين يمكنهم أيضا مساعدة حكومات الولايات على التنسيق مع الموارد الفيدرالية مثل الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، وسلاح المهندسين بالجيش. رفض الانتقادات وفى ظل هذا التضارب تعرض ترامب للانتقادات فى إطار تعامله مع هذه الأزمة، إلا أنه رفض الانتقادات الموجهة إليه، منتقدا عبر ما وصفه "بالأخبار المزيفة" للديمقراطيين ووسائل الإعلام، إذ غرد قائلا: "إذا كان حزب الأخبار المزيفة المعارض يدفع، بكل قوته، بحقيقة أن الرئيس ترامب تجاهل التحذيرات المبكرة بشأن التهديد، فلماذا انتقدنى الديمقراطيون والإعلام بشدة عندما فرضت حظر سفر على الصين؟ قالوا: إنه مبكر وليس ضروريا.. وسائل إعلام فاسدة!". كما وجه انتقادات حادة لمنظمة الصحّة العالمية، متهما إياها بالتقرب من الصين وبسوء إدارة أزمة وباء كورونا. وسلطت وسائل الإعلام الأمريكية، الضوء عبر عدة تقارير، الضوء بشكل مكثف على المخاوف المتزايدة حول كيفية تعامل البيت الأبيض مع الإشعارات الأولية التى تشير إلى أن الجائحة قادمة، والتقليل فى بعض الأحيان من المخاطر على الولاياتالمتحدة والفشل فى ضمان أن الاحتياطيات من المخزونات الطبية كافية. ويبقى المشهد فى الولاياتالمتحدةالأمريكية محفوفا بالكثير من المخاطر فى ظل سوء إدارة وتعامل الرئيس الأمريكى لهذه الأزمة الأولى من نوعها التى تجتاح العالم.