التقت «التحرير» الأستاذ الدكتور إبراهيم نصر الدين أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الإفريقية العليا جامعة القاهرة، لأخذ رأيه بشأن الاتفاق التركي الليبي، والوضع الحالي في دولة الجوار، وما ستؤول إليه الأوضاع، وكان لنا الحوار التالي، الذي أكد فيه على أن أردوغان يعجز عن المواجهة العسكرية، وأن هناك تنسيق إيطالي تركيا في ليبيا، والعالم كله ضد أنقرة، متوقعا أن الجيش الوطني الليبي سيدخل طرابلس قريبا، وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية سيهرب. لماذا اختارت تركيا توقيع الاتفاق في هذا التوقيت؟إنه مجرد تثبيت لوضع قائم بالفعل، فمنذ فترة طويلة جدا وتركيا ترسل الأسلحة الإرهابيين الذين كانوا موجودين في سوريا إلى ليبيا، وبالتالي تركيا تريد توثيق وضعها خاصة أن الأممالمتحدة اتخذت قرارا بحظر بيع السلاح لأي طرف في ليبيا، وتركيا منذ فترة خاصة منذ 2011، لماذا اختارت تركيا توقيع الاتفاق في هذا التوقيت؟ إنه مجرد تثبيت لوضع قائم بالفعل، فمنذ فترة طويلة جدا وتركيا ترسل الأسلحة الإرهابيين الذين كانوا موجودين في سوريا إلى ليبيا، وبالتالي تركيا تريد توثيق وضعها خاصة أن الأممالمتحدة اتخذت قرارا بحظر بيع السلاح لأي طرف في ليبيا، وتركيا منذ فترة خاصة منذ 2011، بدأت تتفاعل مع دول الجوار لمصر، فهي الدولة الوحيدة التي يزور رئيسها الصومال وتقيم معها علاقات عسكرية، كما أن نظام الرئيس السوداني عمر البشير قبل سقوطه منح أردوغان جزيرة سواكن، والسودان كانت طرفا أساسيا في إرسال الإرهابيين (تحديدا الإخوان) إلى ليبيا، بجانب مساعدة تركيا لإثيوبيا في ملف سد النهضة. وبالتالي المخطط في الصدام بين تركيا ومصر، أدى إلى أن تفعل تركيا أشياءً في مقابل مصر، إذ تحاول تركيا أن تحيط بمصر من ليبيا والسودان والصومال، والشيء الغريب أن قطر تسير مع أنقرة في نفس الخط، وأن جامعة الدول العربية من قبل ثورات الربيع العربي تركت إدارة ملف دارفور والساحة الصوماليةلقطر. وبعد أن وقعت مصر اتفاقا مع قبرص واليونان بشأن غاز شرق المتوسط، أصبحت تركيا هي المحاطة. من يحرك تركيا؟ منذ سقوط القذافي وتركيا تريد العودة إلى ليبيا، واستعادة إرثها الاستعماري هناك، والذي استمر حتى عام 1911، كما أن تركيا تطمح في الحصول على البترول الليبي، ومن الواضح أن هناك ثمة تنسيق بين تركيا وإيطاليا -التي كانت أيضا مُستعمِرة لليبيا-، إذ تريد أنقرة مواجهة القاهرة، وتريد روما مواجهة باريس. وجدير بالذكر أن فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي جده تركي ومدفون في تركيا. كيف ستتعامل مصر مع الاتفاق التركي الليبي؟ علاقة مصر وثيقة بكل دول الساحل الإفريقي، وهناك تدريبات عسكرية مشتركة، فالجيش المصري يدرب كثير من قوات دول الساحل والصحراء، لأن القضية لن تكون ليبيا فقط، بسبب ما يجري في هذه المنطقة من تواجد الإرهابيين في إفريقيا الوسطى ومالي والنيجر، وهناك تنسيق على درجة أعلى مع تشاد، وكل ذلك من أجل مكافحة الإرهابيين، ومصر لا تواجه تركيا في ليبيا فقط، بل على مستوى كل دول الساحل بمساعدة كل الدول الإفريقية وذلك بكل أشكال الدعم. وبهذا الشكل يمكن الحديث عن تقارب مصري فرنسي، كما أن مصر وثقت علاقتها مع الكويت والإمارات وآريتريا، فالقضية ليست فقط ضد التغول التركي وإنما بالأساس مكافحة كل الحركات الإرهابية في المناطق المحيطة بمصر. ومصر تنظر بصفة عامة للأمور بصورة كلية، أي مواجهة الإرهاب والذي تدعمه قطروتركيا. هل ستستطيع تركيا تحقيق أغراضها من الاتفاق؟ المنطقة التي حددها الاتفاق لن تسمح لتركيا بتحقيق أي أغراض، فقانون البحار ينص على أن المياه الإقلييمة تعادل 12 ميلا بحريا، ومن الممكن أن تمتد المنطقة الاقتصادية إلى 200 ميل بحري، لكن بطبيعة الحال هناك مناطق مثل البحر المتوسط لا تمنحنا هذه المسافة، والذي يحدث في هذه الحال أن الدول تتفق فيما بينها على الاستغلال المشترك، وتركيا لم تفكر في الدخول في اتفاقيات مع مصر وقبرص واليونان، وبالتالي الاتفاق التركي الليبي لا قيمة له من الناحية القانونية، كما أن البرلمان التركي لم يوافق عليه، ولم يتم إرساله إلى البرلمان الليبي، ووفقا لاتفاق الصُخيرات لا يجوز للسراج إجراء هذا الاتفاق، والذي يقتضي موافقة كل مجلس وزراء الحكومة، وأن يصادق البرلمان عليه، وهو ما لم يحدث. هل ستحتاج مصر للتحرك بقواتها البحرية؟ تركيا تحاول إرسال قوات وسلاح إلى ليبيا، وهذا الأمر مصر لن تقبله وستواجهه، لكن نقطة البداية ستأتي من عند تركيا، فهل ستقدم على ذلك؟ هذا أمر أشك فيه لأنها ليس لديها قدرة، خاصة أن العالم كله ضدها، فالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ضد تركيا، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ورغم اعترافها بحكومة السراج فهي تدعم حفتر. ما هي توقعاتك في المستقبل؟ على الجامعة العربية وهيئة الاتحاد الإفريقي أن تتخذا موقفا وتسحبا اعترافهما بحكومة السراج، كما أن فرنسا وألمانيا ضد تركيا، وبالتالي لن تنجح تحركاتها، وأؤكد ثانية أنه إذا أقدم أردوغان على مواجهة مصر فلن يكون هناك حل غير المواجهة العسكرية، وهو يعجز عنها، بحكم بعد المسافة من ناحية، وبحكم أن الجيش المصري في المرحلة الأخيرة أصبح لديه معدات أقوى، والاتفاق كالعدم، والمسألة لن تتغير إذ كان أردوغان يساعد السراج دون اتفاق. وبالنسبة لليبيا، فإنه في القريب سيتمكن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، بدعم مصري -بشكل أساسي- وأوروبي من دخول طرابلس، وسيهرب السراج إلى خارج البلاد، وسيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون فيها تمثيل للأقاليم الثلاثة، ووضع دستور جديد للبلاد، ولن تعترض الأممالمتحدة المعترفة بحكومة السراج. ما تقديرك للموقف في ليبيا؟ تقديري للموقف الحالي أنه لا يوجد حل سوى الانتهاء من مسألة طرابلس وإلا ستظل المشكلة الليبية قائمة، وبالتالي المتصور أنه بشكل أو بآخر شارفت الأزمة الليبية على الانتهاء.