في الأسبوع الماضي على موقع جريدة «التحرير» تناولنا الحديث عن الأزمة الجزائرية، والتي بدأت مع احتجاجات 22 فبراير 2019، وألقينا الضوء على الجماعات المؤثرة في المشهد الجزائري، وأبرزها: المؤسسة العسكرية، القضاء، النخبة الحاكمة، اتحادات الطلاب، المحتجون، ودور هذه الجماعات في الاحتجاجات، وحجم تأثيرها. وهذه المرة نتناول الحديث عن الانتخابات الرئاسية في الجزائر، والمرشحين الخمسة للوصول إلى كرسي السلطة في قصر المرادية، وهو المقر الرسمي والمركزي لأعلى سلطة في البلاد، ويعتبر أشهر القصور الرئاسية في الجزائر. كان المفترض أن تجرى الانتخابات -التي يحق ل24.5 مليون جزائري الإدلاء بأصواتهم فيها- يوم 18 أبريل الماضي، إلا أن الاحتجاجات ضد العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة حالت دون ذلك، ليتم إعلان موعد جديد هو 12 ديسمبر الجاري، ويتنافس في الانتخابات، حسبما أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالجزائر، كان المفترض أن تجرى الانتخابات -التي يحق ل24.5 مليون جزائري الإدلاء بأصواتهم فيها- يوم 18 أبريل الماضي، إلا أن الاحتجاجات ضد العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة حالت دون ذلك، ليتم إعلان موعد جديد هو 12 ديسمبر الجاري، ويتنافس في الانتخابات، حسبما أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالجزائر، في نوفمبر الماضي، 5 مرشحين تم اختيارهم من بين 22 مرشحا. ويشترط قانون الانتخابات الجزائري، على كل مرشح أن يحصل على توقيع 50 ألف مواطن، ويجب أن تجمع التوقيعات عبر 25 ولاية على الأقل، ولا يقل العدد الأدنى من التوقيعات في كل ولاية عن 1200 توقيع. عبد المجيد تبون نجح عبد المجيد تبون المرشح الحر ورئيس الوزراء الأسبق في جمع أكثر من 100 ألف توقيع، وتولى «تبون» رئاسة الوزراء لمدة 85 يوما في عام 2017، وفي العام 1999 تولى وزارة الاتصال والثقافة، ثم وزيرا للداخلية والجماعات المحلية عام 2000، ووزيرا للسكن والعمران عام 2001، ثم تولى المنصب ثانية بين عامي 2012 و2017. عبد القادر بن قرينة نجح عبد القادر بن قرينة في جمع 83 ألف توقيع، وهو إخواني منشق عن حركة مجتمع السلم (حمس) ورئيس حركة البناء الوطني، وهو حزب إسلامي ينتمي إليه رئيس المجلس الشعبي الوطني، وشغل «قرينة» منصب وزير السياحة من 1997 إلى 1999، وينتمي إلى تيار الإسلام السياسي، إذ أسس مع محفوظ نحناح حركة «المجتمع الإسلامي»، في عام 1989. علي بن فليس نجح علي بن فليس في الحصول على 81 ألف توقيع، والذي تولى منصب وزير العدل ثم ترأس الحكومة مرتين بين عامي 1999 و2000، وعامي 2002 و2003، وذلك قبل أن يقيله بوتفليقة، ومن ثمّ انتقل إلى جبهة المعارضة، وترشح لمنصب رئيس الجمهورية مرتين، الأولى في عام 2004، والثانية في عام 2014، والتي حلّ فيها ثانيا بعد بو تفليقة، وبعدها أسس حزب «طلائع الحريات». عبد العزيز بلعيد نجح عبد العزيز بلعيد في جمع 77 ألف توقيع، وهو أصغر المرشحين للرئاسة سنا إذ يبلغ من العمر 56 عاما، وانتخب نائبا في المجلس الشعبي الوطني الجزائري لفترتين متتاليتين من 1997 إلى 2007، وناضل طول مسيرته في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم قبل أن ينشق عنه لتأسيس حزب «جبهة المستقبل» -المقرب من السلطة- في عام 2012، وهو الوحيد من بين المرشحين الذي لم يشغل مناصب وزارية من قبل، إلا أنه سبق وترشح لانتخابات 2014، وحل ثالثا في الترتيب ب3.3%. عز الدين ميهوبي نجح عز الدين ميهوبي في الحصول على 65 ألف توقيع، وعمل «ميهوبي» مديرا للمؤسسة الوطنية للإذاعة من عام 2006 إلى 2008، وتولى وزارة الثقافة منذ عام 2015 حتى 2019، وحاليا هو الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، والذي رشحه في الانتخابات. ميثاق أخلاق.. ومناظرة تاريخية حدثان هامان على المستوى السياسي، شهدتهما الجزائر للمرة الأولى في تاريخها، الحدث الأول: يوم 16 نوفمبر الماضي، حين وقع المرشحون على «ميثاق أخلاق الحملة الانتخابية» لضمان حسن سير الحملة الانتخابية، والذي تمت صياغته من قبل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وينص على المبادئ التوجيهية والممارسات الخاصة التي تشكل إطار السلوك الأخلاقي المنتظر من الفاعلين والمشاركين في العملية الانتخابية. ووقع المرشحون الخمسة، الوثيقة قبل أن يدلي أي منهم بتصريح، متعهدين بالامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات تنطوي على تشهير وشتائم وإهانات تجاه مرشح آخر أو طرف في العملية الانتخابية وبأي تصريحات أخرى مغلوطة. والحدث الثاني: يوم الجمعة الماضي، أجرى المرشحون الخمسة مناظرة تلفزيونية، في حدث تاريخي بالجزائر، وأدارها عدد من الإعلاميين، إذ تم تكليف اثنين من الصحافة المرئية (واحد من القناة العامة، وآخر من قناة خاصة)، واثنين من الصحافة المكتوبة، ورجل وامرأة من صحف خاصة. وفي المناظرة، تحدث المرشحون عن برامجهم فيما يخص المسائل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما حاولوا إظهار أنفسهم قريبين من الحراك الشعبي -المستمر منذ أكثر من 42 أسبوعا- والذي يرفض إجراء هذه الانتخابات، وكانت المناظرة مخيبة للآمال إذ أنها لم تخرج عن الإطار الضيق المحدد لها، ولم يكن بها أي تفاعلات، واكتفى المرشحون بإعطاء أجوبة عامة على الأسئلة. وأصدرت «مبادرة مناظرة»، ومقرها تونس، بيانا، قالت فيه: «المناظرة لا تستجيب للمعايير الدولية، يبدو أن السلطة الانتخابية في الجزائر تعتزم الإشراف على تنظيم المناظرة دون استشارة المبادرات المدنية». و«مناظرة» منظمة عربية غير حكومية شاركت في تنظيم المناظرات الرئاسية في تونس. المرشحون في اختبار صعب يواجه المرشحون الخمسة اختبارا صعبا، بدأ منذ يوم السبت الماضي، مع بداية الانتخابات في الخارج، والتي شهدت حتى الآن إقبالا ضعيفا، مع اشتعال المظاهرات في عدد من المدن بالخارج، أبرزها العاصمة الفرنسية باريس، إذ وقف المحتجون أمام مبنى القنصلية الجزائرية رافعين لافتات ترفض الانتخابات وكروت حمراء، معتبرين أن جميع المرشحين هم إعادة إنتاج لنظام بوتفليقة، والمعروف أن فرنسا بها أكبر جالية جزائرية إذ يتواجد بها نحو 760 ألف مهاجر. وتستمر العملية الانتخابية في الخارج حتى يوم الخميس المقبل، ومن المتوقع -بعد إعلان النتائج- أن تكون المشاركة فيها ضئيلة، وهو نفس الأمر المتوقع داخل الجزائر، فمنذ إعلان موعد الانتخابات استمرت الاحتجاجات كل يوم ثلاثاء لرفض الذهاب إلى صناديق الاقتراع، في مقابل تظاهرات محدودة تحث الجزائريين على المشاركة والإدلاء بأصواتهم، ما يضع المرشحين أمام اختبار صعب، في قدرة أي منهم على حشد أكبر نسبة من الأصوات التي ستذهب إلى اللجان الانتخابية. إعادة تدوير النخبة اقتناع المحتجين بأن المرشحين ما هم إلا إعادة إنتاج لنظام بوتفليقة، لم يأتِ من فراغ، إذ كان واضحا منذ مارس الماضي، أن النخبة الحاكمة كانت تعيد ترتيب أوراقها، إذ أعلن مسؤولون حكوميون سابقون من بينهم المرشح «بن فليس» ورجال أعمال مقربون من بوتفليقة وأعضاء بالحزب الحاكم، التنصل من الرئيس السابق ودعمهم لمطالب المحتجين في الشارع. ومما سبق يتضح أن المرشحين الخمسة فيما عدا «بلعيد» -الذي كان عضوا بالحزب الحاكم وأسس حزبا مقربا من السلطة-، كانوا مسؤولين في حكومات سابقة، كما أن «بن قرينة» لا يمكن اعتباره مرشحا لجماعة الإخوان المسلمين، إذ اتخذت بعض الحركات الإخوانية، وفي مقدمتها «حمس»، -التي انشق عنها «بن قرينة»-، قرارا بمقاطعة الانتخابات، ما يؤكد أن الأمر هو إعادة تدوير للنخبة داخل الجزائر. فمن من المرشحين يستطيع الوصول إلى كرسي الرئاسة في قصر المرادية؟ وهل يتغير شيئا في المشهد السياسي الجزائري؟