عند دخول مجلس إدارة الأهلى إلى الصالة المغطاة، حيث أقيمت الجمعية العمومية، التى استفتى فيها على شرعية مجلس الإدارة، هتفت جماهير الثورة داخل النادى (الفلول أهم.. الفلول أهم)، وفى نهاية الجمعية السعيدة، التى بصم فيها الشعب الأهلاوى على الميزانية والموازنة ووافق على كل طلبات الإدارة الرشيدة، خرجت الجماهير تهتف (الشعب يريد حمدى والخطيب)، وما بين الهتافين، هناك كلام يجب أن نفهمه ليس من أجل الأهلى، ولكن من أجل فهم مستقبل هذا البلد، فالأهلى ليس مجرد نادٍ كروى كبير وعظيم، الأهلى قطعة لحم من جسم هذا البلد، جزء مهم من تاريخه المعاصر، وقراءة المشهد داخله يمكن أن تكشف وتفسر ما نراه الآن على سيرك الحياة السياسية خارجه. وكما قلت من قبل عقب الجمعية العمومية لاتحاد الكرة وموافقة أعضائه، وفى مقدمتهم أشاوس المعارضة، على الميزانية بعد أن استصدروا لأنفسهم قرارا غير قانونى بصرف إعانة لهم، غصب عن عين اللوائح والقوانين والدولة، إن الوطن لم يتغير وإن الثورة شبه فشلت، وإن النظام لم يرحل، وإن الشعب لم يع مصلحته وإن الفلول الموجودين الآن على مسرح الأحداث باتت لهم شرعية أوسع من قبل، وحصلوا على صكوك براءة من مشاركتهم فى جرائم النظام السابق، وأذكر أننى كتبت أبشر بما سيحدث فى جمعية الأهلى وكان عنوانها (حسن حمدى إلى الأبد.. إلى الأبد)، وقد حدث وسيحدث فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى نفس السيناريو وقوى الثورة وشبابها سيختفون ويتلاشون من مسرح الأحداث، وريما ستعود لعادتها القديمة، ولكن مع تغيير فى الشخوص، هذا هو الواقع، علينا أن نعترف به ونسعى لتغييره قبل فوات الأوان، وإن كنت أرى أن الأوان قد فات، وهذا ما رأيته فى الجمعية العمومية للأهلى، فالفكرة ليست فى اعتماد الميزانية بما فيها من أخطاء منها احتساب عقود اللاعبين من الأصول المتغيرة للنادى، لتعظيم حجم الميزانية بشكل واهمى من جانب، ورفع هذا المبلغ الضخم من ميزانية الكرة فتظهر رابحة أو على الأقل متوازنة، والمهم هنا ليس هذا الخطأ أو غيره، المصيبة أن الناس لم تناقش، لم تطلب أن تسمع التفاصيل، لم تعترض على السفه فى المصروفات، لم تسأل تلت التلاتة كام، فى مشهد قريب من مجالس سالف الذكر فتحى سرور، رفع الأعضاء أيديهم، بالموافقة ومع بعض الصيحات الديكورية فى الكواليس للمعارضة، التى خرجت وتركت القاعة فى هزيمة ساحقة ماحقة من رجل النظام السابق والقادم وبعد القادم الكابتن حسن حمدى (إلى الأبد). وهنا لا يسعنى إلا أن أتوجه بالتحية إلى الرجل الذى حصل على شرعية بقائه من الجمعية العمومية، والأسف على المعارضة والقوى الثورية التى يقتصر نضالها على شاشة التليفزيون وصفحات الجرائد وتنسى أن تتحرك بين الناس مثل أغلب الأحزاب الجديدة والقديمة التى تنظر للجماهير باعتبارها ديكورا تستكمل به العملية الانتخابية وتريد أن تحصل على مقاعد جاهزة فى مجلس الشعب، ولا تمانع لو جاءت بالتعيين، على العكس فإن الفلول تتحرك وتحشد قوتها ولا تظهر على المشهد إلا فى اللقطة الأخيرة وقت إعلان فوزها، هذا ما سنراه فى انتخابات الشعب، وهذا ما فعله حمدى، ظل صامتا، أو بلغة الفلاحين (لابد فى الدرة) ولم يظهر فى التليفزيون والصحف، وظل يحشد رجاله، معتقدا أن الثوار الجدد سيخلعونه كما فعلوها مع مبارك، وحضر رجاله ونسى الثوار أن يحضروا. ولكن حتى نكون منصفين، هل يستطيع أن يقوم حسن حمدى بهذا الدور وحده؟ بالطبع لا، فالكابتن يتحرك فى إطار منظومة من النظام السابق التى تجلس فى مؤسسة الحكم ويمثلها المجلس العسكرى ويدير أعمالها اليومية كبار موظفى حكومة شرف، وكلهم أعضاء مؤسسون فى منظومة الفساد المباركية، والمنظومة تعمل بكد لحماية رموز النظام السابق، أو ما نطلق عليهم الآن الفلول، ويمثلهم فى الرياضة حسن حمدى وسمير زاهر وهانى أبو ريدة وحسن صقر وطابور طويل من رؤساء الأندية، وكما يرفض المجلس العسكرى إصدار قانون الغدر لاستبعاد من أفسدوا الحياة السياسية كذلك ترفض الجهات الرقابية فتح ملفات المخالفات الضخمة لرموز الرياضة فى عهد مبارك، بل إن السكوت عنهم أعطاهم صك البراءة ووضع معارضيهم فى قفص اتهام التعدى على الشرفاء، بل إن الأمر وصل فى النادى الأهلى إلى تحويل من يخالفهم الرأى من أعضاء الجمعية العمومية، حتى ولو كانوا صحفيين للتحقيق، تمهيدا لشطبهم، ولم يكتف السيد وزير الدفاع بالسيطرة على الشأن الداخلى، بل امتد للألتراس وطالبهم بالاعتذار للشرطة والجيش. وأمام كل هذا الفساد الذى زكم أنفى المتعب أجدنى مجبرا لأن أقف وأهتف (الشعب يريد حمدى والخطيب ومبارك لو حابين).