إبيفانيوس أسقف لم يتخلَّ عن نسكه ورهبنته وكان أكاديميا من طراز رفيع.. ابتعد عن الإعلام ولم يكن مشهورا شعبيا.. بعد رحيله التفتت الأنظار إلى علمه ودوره في البحث والترجمة يوم الإثنين المقبل، تحل الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، عن عالمنا، إذ وُجد مقتولا في الطرقة المؤدية إلى كنيسة الدير فجر الأحد 29 يوليو 2018، إلا أن دير الأنبا مقار أقام صلاة قداس الذكرى السنوية على روحه، اليوم الجمعة. وشكَّل مقتله صدمة، خاصةً بعدما أدين اثنان من رهبان الدير بقتله، وتم الحكم عليهما بالإعدام نهاية أبريل الماضي، وأحدهما تم تجريده ويدعى إشعياء المقاري (وائل سعد)، والآخر فلتاؤس المقاري، ويعد موت الأنبا إبيفانيوس حدًّا فاصلا في تاريخ الكنيسة القبطية المعاصر. الأنبا إبيفانيوس هو أحد أبرز تلاميذ الراهب الناسك متى المسكين، الذي رحل عن عالمنا عام 2006، تاركا خلفه مدرسة من الرهبنة في دير الأنبا مقار الذي كان الأب الروحي له، وكذلك تلاميذ يدرسون بشكل أكاديمي ويكتبون اعتمادا على ترجمة كتابات آباء الكنيسة في القرون الأولى، ومن بينهم: الأنبا إبيفانيوس في سطور ولد الأنبا إبيفانيوس هو أحد أبرز تلاميذ الراهب الناسك متى المسكين، الذي رحل عن عالمنا عام 2006، تاركا خلفه مدرسة من الرهبنة في دير الأنبا مقار الذي كان الأب الروحي له، وكذلك تلاميذ يدرسون بشكل أكاديمي ويكتبون اعتمادا على ترجمة كتابات آباء الكنيسة في القرون الأولى، ومن بينهم: الأنبا إبيفانيوس في سطور ولد في طنطا بمحافظة الغربية، وحصل على بكالوريوس الطب، والتحق بالدير في 17 فبراير 1984م، ورُسمَ قسا في 17 أكتوبر 2002، وانتُخب أسقفا ورئيسا لدير الأنبا مقار في 10 مارس 2013. أعماله في الدير وبعض إنتاجه في وقت من الأوقات كان مشرفا على مكتبة المخطوطات والمراجع بكل اللغات في الدير، وكان من الباحثين النشطين في الدير، وقد نشرت له مطبعة الدير أوائل إنتاجه العلمي، وكانت ترجمة من اليونانية القديمة للعربية بعنوان «سفر التكوين والقداس الباسيلي»، ثم سفر الخروج والقداس الغريغوري، والكتاب التاريخي القديم «بستان الرهبان». عُرف عنه اهتمامه بمتابعة وحضور المنتديات العلمية المتصلة بالتراث الكنسي والقبطي، وكان آخرها قبل رسامته أسقفا، المؤتمر الدولي العاشر للدراسات القبطية في روما في سبتمبر 2012. كما أنه أحد المشتركين في تحرير مجلة مرقس الشهرية التي يصدرها الدير. اختياره لرئاسة الدير كان الأنبا ميخائيل مطران أسيوط الراحل، هو المشرف على دير الأنبا مقار، وبعد تنصيب البابا تواضروس، طلب إعفاءه من رئاسة الدير في عام 2012، وكان عمره وقتها 93 عاما، وتم ترشيح 3 رهبان، هم إبيفانيوس وإيسيذروس وبترونيوس، وتم عمل اقتراع سري بين رهبان الدير وكانت النتيجة اختيار إبيفانيوس بالأغلبية، وأيد هذا الاختيار الأنبا ميخائيل مطران أسيوط بتزكية مكتوبة استلمها الراهب إبيفانيوس باليد منه، وسلمها إلى البابا تواضروس. ويذكر موقع كنيسة تكلا هيمانوت أنه في المقابلة الأولى للراهب إبيفانيوس المقاري مع البابا تواضروس الثاني، يوم الثلاثاء، 26 فبراير 2013 (ثاني يوم صوم يونان) بعد إبلاغه باختياره لرئاسة دير القديس أنبا مقار بناءً على حصوله على أغلبية أصوات الرهبان، أوصاه وصية محددة هي «أن يعيد لدير القديس أنبا مقار صورته المشرقة الأولى، ويلمّ شمل الدير». تركة متّى المسكين ورث الأنبا إبيفانيوس عن الأب متّى المسكين، النسك في الرهبنة، إذ بعد مقتله اكتشفوا أن «القلاية» (أي غرفة الراهب بالدير) التي كان يعيش فيها ظلت كما هي حتى بعد أن صار أسقفا. كما ورث عنه العلم ومعرفة اللغات القديمة، فكان يعرف الأنبا إبيفانيوس اللغة اليونانية القديمة وهي أهم لغة لمن يريد الاطلاع على كتابات آباء الكنيسة في القرون الأولى؛ لأنها كانت باللغة اليونانية، بجانب القبطية وعدة لغات أخرى قديمة وحديثة، إلا أنه ورث العداء والكراهية التي تم ترويجها تجاه الأب متى المسكين ورهبان ديره في زمن البابا شنودة الثالث. تمثيله للكنيسة في المؤتمرات اللاهوتية خلال كلمة ألقاها البابا تواضروس في صلاة جنازة الأنبا إبيفانيوس، أوضح البابا أنه كان يستشيره في أمور كثيرة بسبب علمه وحكمته، وانتدبه البابا لتمثيل الكنيسة في مؤتمرات علمية ولاهوتية، وبدأ دخوله في لجنة الحوار مع الكنائس الأخرى بجوار الأنبا بيوشي، مطران دمياط الذي تولى هذا الملف بمفرده طوال 25 سنة. وبعد رحيل الأنبا إبيفانيوس اتضح تأثيره في الأوساط العلمية والأكاديمية، إذ نعته مكتبة الإسكندرية، وشخصيات مهمة على المستوى الأكاديمي ومن كل كنائس العالم. رحيل صادم وإعادة اكتشاف رغم أن الأنبا إبيفانيوس كان قامة علمية وأكاديمية في الكنيسة القبطية، فإنه لم يكن يشعر به إلا المهتمون بالدراسة والبحث، أما على المستوى الشعبي فلم يكن من الأساقفة المشهورين شعبيا، بل عرف الناس أنه رُسم لرئاسة دير الأنبا مقار ولم يشعر بوجوده أحد، فقد كان يحب التواري والدراسة والبحث، ولا يفضل الظهور في الإعلام. وشكّل إعلان موته صدمة، إذ لم يكن معروفا أنه يعاني من أي أمراض، إلى أن أعلنت الكنيسة أن هناك جريمة قتل، وأنه تم استدعاء جهات التحقيق، ومن هنا بدأت الكنيسة فصلا جديدا، وبدأ الموقف يتضح، إذ إن الأب متّى المسكين ومدرسته ممثلة في الأنبا إبيفانيوس ورهبان الدير، كانوا مرفوضين من رأس السلطة في الكنيسة خلال 40 عاما مضت، وجاء البابا تواضروس ولم يكن له هذا العداء معهم ففتح له الباب، وكانت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحرض ضد الأسقف الراحل وتصفه ب«المنحرف عقَديًّا» رغم علمه. ومنذ رحيله بدأ الناس يلتفتون إليه وإلى كتاباته، وتحيي مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسبوع ذكرى رحيله، بعد وقت كان يتم فيه الدفاع عن المتهمين بقتله والمحكوم عليهما بالإعدام من محكمة الجنايات.