الأهالي والشهود: كنا فاكرين النار مولعة في شوية زبالة بس لقينا الدخان طالع من الكنيسة وجرينا عشان نتأكد إن مفيش حد داخل المكان ومشهد النار كان يرعب «حد يتصل بالمطافي في نار طالعة من الكنيسة»، كان هذا النداء الأول الذي أطلقه محمد هلال، أحد شباب شارع «الدويدار»، لينذر بحريق ضخم مروع أمسك بمقر كنيسة الأنبا بولا بمنطقة حدائق القبة الشعبية، انطلقت بعدها شرارة الأهالي الجدعان ليقوم كل منهم بدوره في إلقاء جرادل المياه ناحية الحريق، الذي بدأ صغيرا ثم سرعان ما تحول إلى دخان كثيف وألسنة لهب غطت سماء الحى الشعبي بأكمله، وسط حالة من الذعر والهلع انتابت أهالي المنطقة خوفا من امتداد النيران للعقارات المجاورة أو سقوط ضحايا. بينما كان عم أشرف محروس، يمتلك محل سوبر ماركت، بشارع سكة الوايلي، عائدا من محل عمله، قرب الثانية عشرة والنصف من فجر اليوم الأربعاء، معلنا انتهاء يومه الشاق الذي بدأه في السابعة صباحا، إذا بصوت محمد يدق في أذنيه، يلتفت الحاج الخمسيني الذي يقطن بالشارع محل حريق الكنيسة، ليتحقق من مصدر الاستغاثة، ليرى بينما كان عم أشرف محروس، يمتلك محل سوبر ماركت، بشارع سكة الوايلي، عائدا من محل عمله، قرب الثانية عشرة والنصف من فجر اليوم الأربعاء، معلنا انتهاء يومه الشاق الذي بدأه في السابعة صباحا، إذا بصوت محمد يدق في أذنيه، يلتفت الحاج الخمسيني الذي يقطن بالشارع محل حريق الكنيسة، ليتحقق من مصدر الاستغاثة، ليرى محمد هلال، يصيح بأعلى حنجرته «الكنيسة بتولع يا جماعة، حد يبلغ المطافي بسرعة». لحظات قليلة مرت على عم أشرف، الذي انتبه لصوت الاستغاثة، وقرر أن يتعامل معها بطريقته، فالرجل الذي كان موظفا سابقا بأحد البنوك وخرج منذ سنوات قليلة معاشا مبكرا لظروف مرضه، يمتلك «نوتة» صغيرة في جيبه، يحتفظ فيها بالأرقام الهامة من بينها مرفق إطفاء القاهرة، بسرعة يخرج هاتفه الصغير ويتصل بشرطة الحماية المدنية أملاً في تلبية ندائه على الوجه الأكمل وسرعة الحضور لموقع بلاغ الحريق، إذ منع المرض عم أشرف من الجرى ناحية مصدر الحريق وحمل جرادل المياه مثلما بادر الشباب الصغار من تلقاء أنفسهم. يقول الحاج أشرف، في حديثه ل«التحرير»: «مكنتش متخيل إن الحريق هيكبر بالشكل ده.. افتكرت إن شوية زبالة ولا حاجة ولعت جمب الكنيسة..لأنها مقفولة من فترة كبيرة»، مضيفا أنه شاهد فتاة تقطن في العمارة المقابلة للكنيسة، لم تتمالك أعصابها وهى تنظر من شرفة شقتها تبكي "فين المطافي.. مفيش غير عربية واحدة بس.. طفيها يا رب"، وهنا عاونها جيرانها وغالبيتهم في هذه العمارة من الأشقاء المسيحيين «يا رب يسوع المسيح.. طفيها يارب». «بعدها بدأت عربيات مطافي كتير تيجى تطفي الحريق وشفنا خزانات مياه كبيرة»، يستطرد الرجل الخمسيني حديثه، موضحا أن ألسنة اللهب وكلمات ارتفعت إلى عنان السماء، كان الأهالي يصيحون بأعلى أصواتهم وكل شغلهم أن يدركوا مصدر ومكان انبعاث الحريق الحقيقي من داخل الكنيسة على وجه التحديد، لأنه لا توجد عقارات أو محلات ملاصقة مباشرة لكنيسة الأنبا بولا، وأقرب وحدة سكنية لها تبعد نحو 15 مترا تقريبا. «سمعنا صوت السقف بتاع الكنيسة بيطقطق كأنه هيقع»، تشير سيدة عجوز تدعى أم صباح شارك أبناؤها في تنظيم عمليات إخماد الحريق ومرور رجال الإطفاء لموقع الكنيسة، فالسيدة التي تقطن في نهاية شارع «الدويدار» تعشق جيرانها بشدة «احنا ملناش غير بعض.. وأى حاجة تهون إلا الشدة اللى كنا فيها امبارح.. مكُناش نعرف إن الكنيسة فاضية من جوه مفيهاش ناس، ورغم ده المنطقة كلها جريت تطفي عشان خايفين على بلدنا». «أم صباح» استنكرت في بداية حديثها توافد سيارة إطفاء واحدة في بداية الإبلاغ عن الحريق، رغم قرب وحدة إطفاء متواجدة بشارع مصر والسودان، «هيجرى إيه لو بعتوا 5 عربيات في الأول يعني مرة واحدة عشان يتأكدوا من الحريق كبير ولا لأ؟»، تتساءل العجوز، موضحة أن العناية الإلهية أنقذت المنطقة بأكملها لأن ما سمعوه وقت الحريق من تطاير لألسنة اللهب وأصوات انفجار بعض أجهزة التكييف كان ينذر بكارثة، حتى نجح رجال الشرطة في فصل التيار الكهربائي عن الكنيسة بصعوبة. واختتمت السيدة «المطافي أنقذت الموقف والشرطة جت بسرعة والحمد لله عدت على خير»