لم يستغرق في تأليف لحنه للقصيدة الصعبة إلا 3 أيام فقط، أبدع خلالها، وعزف أجمل موسيقى نالت إعجاب رجال ثورة تحرير الجزائر، ليتراجعوا عن موقفهم الرافض تلحينه للنشيد الوطني كل شيء داخل جبهة التحرير الوطنية بالجزائر كان في حركة مستمرة في هذا اليوم، حضور مكثف من رجالات الجبهة، شبان يتحركون كالموج المتدافع، كلهم حماس ورغبة في كتابة النشيد الوطني للبلاد كي يتم الاستفادة منه في الضغط على المستعمر الغاشم، وسط انقسام كبير عن من يقوم بكتابة النشيد، سرعان ما تدخل عبان رمضان، القائد الثوري المعروف بدوره الكبير في توحيد جبهة التحرير الوطني مع الفصائل السياسية من أجل محاربة الاستعمار، وقطع كل التساؤلات كعادته بإجابة واحدة، تمثلت في طرح اسم مُفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية. البداية في الثالث والعشرين من شهر أبريل، تواصل عبان رمضان مع مفدي زكريا الذي رحب فورا وبعد 48 ساعة فقط كتب النشيد الوطني للجزائر، وبنفس الحماس سافر شاعر الثورة الجزائرية إلى تونس من أجل تلحين النشيد الوطني، ووقع الاختيار على الملحن الجزائري محمد توري، أول من لحن النشيد، وعلى الرغم من فرادة اللحن الذي البداية في الثالث والعشرين من شهر أبريل، تواصل عبان رمضان مع مفدي زكريا الذي رحب فورا وبعد 48 ساعة فقط كتب النشيد الوطني للجزائر، وبنفس الحماس سافر شاعر الثورة الجزائرية إلى تونس من أجل تلحين النشيد الوطني، ووقع الاختيار على الملحن الجزائري محمد توري، أول من لحن النشيد، وعلى الرغم من فرادة اللحن الذي قدمه إلا أن جبهة التحرير كانت ترغب في لحن أكثر قوة. وفي تونس، تمت الاستعانة بالموسيقار على السرياطي الذي قام بوضع لحن جديد، وتمت الاستعانة في تسجيله بفريق غناء جزائري يعيش في العاصمة التونسية، إلا أن اللحن التريكي لم يكن في مستوى قوّة النشيد، ومن ثم بدأت رحلة البحث عن ملحن جديد. الحضور إلى القاهرة وبناء على طلب عبان رمضان، سافر مفدي زكريا إلى القاهرة، وعرض الكلمات على الملحنين المصريين، الذين اجتمعت آراؤهم وقتها على أن كلمات النشيد صعبة للغاية، ووصل النشيد إلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والملحن العظيم على إسماعيل والمبدع محمد فوزي. لم يخطر ببال محمد فوزي عبدالعال حبس الحاو، ابن قرية قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز قطور في محافظة الغربية، أن يأتي اليوم ويلحن نشيد وطني لدولة شقيقة هي بلد المليون شهيد، ففوزي الذي تألق وأبدع وكان في وقته يسبق الملحنين فى عصره بخطوات كثيرة، كان مساندا وداعمًا للثورة الجزائرية كأي مواطن عربي، لكنه حسبما أكد نجله نبيل، في تصريحات سابقة، كان حريصًا على متابعة كل شىء عن جبهة التحرير الوطنية في الجزائر، وعندما نما إلى علمه رغبة الجبهة في البحث عن ملحن لتأليف موسيقى النشيد الوطني للبلاد سارع من تلقاء نفسه وذهب إلى إذاعة «صوت العرب»، وعرض أن يقدّم ألحانا للجزائر، والتقى مع الشاعر مفدي زكريا، الذي منحه كلمات النشيد فألف اللحن في 3 أيام فقط، وأهدى اللحن للشعب الجزائري وثورته. لماذا فوزي؟ ومن المفارقات، حسبما يؤكد الدكتور محمد أبو الفتوح، الذي كان يعمل صحفيا في هذه المرحلة بإذاعة صوت العرب، أن قصيدة «قسمًا» عرضت على عدد من الملحنين من بينهم محمد عبد الوهاب، وعلي إسماعيل، وفوزي، وفي البداية اعترض مجلس قيادة الثورة على قيام محمد فوزي بتلحين القصيدة، لما عرف عنه بأنه مميز في الأغاني الشبابية والرومانسية، لكن لحنه المميز حاز إعجاب قادة الثورة، وكان لهم هو الشيء النفيس الغالي الذي يبحثون عنه لهذه الكلمات القوية. محمد فوزي الذي كان الأول في كثير من الأمور بين الملحنين والمطربين من أبناء جيله أصر أن يكون الأول في تلحين نشيد وطني لبلد عربي وهو ما تحقق، وما يؤكد على أنه كان يحقق أهدافه ويبذل كل ما لديه من أجل الوصول إليها، فقد سجل اللحن الموسيقى على نفقته الخاصة، ودفع للموسيقيين أجورهم من ماله الخاص، ورفض الحصول على أي أموال أو مقابل لما قدمه. النشيد الوطني الجزائري الذي لحنه فوزي تم بثه لأول مرة على الهواء مباشرة عبر إذاعة صوت العرب، في حفل جماهيري أقيم في ساحة عامة بالقاهرة في خريف 1956. التكريم وفي نوفمبر عام 2017، أمر الرئيس الجزائري وقتها عبد العزيز بوتفليقة بإطلاق اسم المغني والملحن المصري الراحل محمد فوزي على المعهد الوطني العالي للموسيقى بالجزائر، ومنحه وسام الاستحقاق الوطني، بعد مرور 51 عاما على وفاته (توفي عام 1966)، ونقلت الاذاعة الجزائرية عن وزير الثقافة وقتها عز الدين ميهوبي، تصريحاته، في ندوة حول التراث المادي واللامادي في العاصمة الجزائرية، التي قال فيها إن هذا التكريم يأتي في إطار تخليد ذكرى مرور 60 عاما على تأليف نشيد «قسمًا»، وكذلك عرفانا من الجزائر بمن قدموا لها الدعم والمساعدة، في وقت كان يتطلب ذلك. في الجزائر، يتم عزف النشيد الوطني الذي لحنه محمد فوزي للتلاميذ في بداية الأسبوع المدرسي كعادة وطنية لتحية العلم، ويرفع العلم ليرفرف، ثم تتم تحيّته مرة أخرى لإنزاله في آخر الأسبوع، حتى ينشأ الطفل منذ الصغر على مفاهيم الوطنية، ويدرك الهدف من وراء ذلك. كلمات القصيدة ويقول النشيد الوطني الجزائري: قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات والبنود اللامعات الخافقات في الجبال الشامخات الشاهقات نحن ثرنا فحياة أو ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا.. نحن جند في سبيل الحق ثرنا وإلى استقلالنا بالحرب قمنا لم يكن يصغى لنا لما نطقنا فاتخذنا رنة البارود وزنا وعزفنا نغمة الرشاش لحنا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا.. يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب يا فرنسا إن ذا يوم الحساب فاستعدي وخذي منا الجواب إن في ثورتنا فصل الخطا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا.. نحن من أبطالنا ندفع جندا وعلى أشلائنا نصنع مجدا وعلى أرواحنا نصعد خلدا وعلى هاماتنا نرفع بندا جبهة التحرير أعطيناك عهدا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا.. صرخة الأوطان من ساح الفدا فاسمعوها واستجيبوا للندا واكتبوها بدماء الشهدا واقرأوها لبني الجيل غدا قد مددنا لك يا مجد يدا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا. كلمات هذا النشيد الحماسية عُزِفت على ملعب استاد الدفاع الجوي، ورددها نجوم المنتخب الجزائري قبل مباراتهم الافتتاحية أمام كينيا، التي أقيمت، الأحد، ضمن مباريات المجموعة الثالثة التي تضم معهما منتخبي السنغالوتنزانيا، وانتهت بفوز محاربي الصحراء بثنائية نظيفة، أحرزها بغداد بونجاح ورياض محرز، ليتصدر محاربي الصحراء المجموعة مع السنغال الذي فاز على تنزانيا بهدفين دون رد أيضا.