منذ أكثر من عام، تبادلت الصينوالولاياتالمتحدة، فرض رسوم جمركية على بضائع الجانبين، في حرب تجارية مستعرة، لكن يبدو أن الصراع الأمريكي الصيني أصبح حربا تكنولوجية في أكثر من مناسبة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن موقفه التجاري المتشدد من الصين يرجع إلى الممارسات التجارية لبكين، والإجراءات التمييزية التي تتخذها لصالح شركاتها، بالإضافة إلى معالجة العجز في الميزان التجاري وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، إلا أن المعركة بين أكبر اقتصادين في العالم أصبحت الآن من أجل السيطرة على تقنيات الاتصالات والحوسبة المتقدمة، حيث دخل هذا الصراع إلى عوالم حساسة متعلقة بالأمن القومي وحقوق الإنسان، مما يجعل التسوية بين البلدين أمرا بعيد المنال، كما أنه يعرض التعاون التكنولوجي بين الولاياتالمتحدةوالصين للخطر. وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن قرار الإدارة الأمريكية بإدراج شركة "هواوي" في القائمة السوداء، بالإضافة إلى قرارات مماثلة محتملة ضد شركات صينية أخرى، يعني أن هجوم الإدارة على الصين من المرجح أن يزداد حدة قبل اجتماع ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينج على هامش قمة مجموعة ال20 في اليابان في نهاية يونيو وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن قرار الإدارة الأمريكية بإدراج شركة "هواوي" في القائمة السوداء، بالإضافة إلى قرارات مماثلة محتملة ضد شركات صينية أخرى، يعني أن هجوم الإدارة على الصين من المرجح أن يزداد حدة قبل اجتماع ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينج على هامش قمة مجموعة ال20 في اليابان في نهاية يونيو المقبل. وقال بول تريولو، الذي يرأس قسم التكنولوجيا العالمية في مجموعة "أوراسيا" للأبحاث: "إن الحرب التجارية تدور في الحقيقة حول التكنولوجيا أكثر من التجارة". وأضاف "أعتقد أن معركة لا هوادة فيها ستبدأ قريبا"، حيث يبدو أن الإجراءات الأمريكية المتصاعدة بدأت في إحداث ألم حقيقي للصين. حيث قالت شركتا اتصالات بريطانيتان، وهي "فودافون" و"بي تي جروب"، يوم أمس الأربعاء، إنهما ستوقفان استخدام هواتف "هواوي" الذكية على أحدث شبكاتهما. في الوقت نفسه، قالت شركة "آرم هولدينجز"، أحد كبار مصممي رقائق الكمبيوتر المحمول، إنها "ستمتثل لجميع القيود الأخيرة التي وضعتها الحكومة الأمريكية". ومع تزايد الخسائر المالية، لا يظهر "شي" أي دليل على تراجعه، ففي زيارة له لجنوب الصين، يوم الأربعاء، حث الناس على الاستعداد للصعوبات التي شبهها ب"المسيرة الطويلة الجديدة"، في إشارة إلى مسيرة الجيش الأحمر عام 1934، والذي اجتاز خلالها أكثر من 5 آلاف ميل، وأصبحت قصته بمثابة إلهام للأجيال اللاحقة. وقال تريولو إنه من المتوقع أن تفرض الإدارة في الأسابيع المقبلة عقوبات على شركة "هانجتشو هيك فيجن" لأنظمة المراقبة كجزء من حملة على الشركات الصينية، وقد تشمل بعض المسؤولين الحكوميين المنفذين لسياسات الحكومة القمعية في مقاطعة "شينجيانج" غرب الصين. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن بعض الشركات الصينية الأخرى المشاركة في توريد الكاميرات وأجهزة الكمبيوتر المستخدمة في نظام مراقبة "الأخ الأكبر" الذي تستخدمه الصين للسيطرة على السكان المسلمين الإيجور في "شينجيانج"، قد تتعرض للعقوبات الأمريكية، وفقا لتريولو وعدد من المسؤولين التنفيذيين المقربين من دوائر اتخاذ القرار في أمريكا. ومن بين الشركات المحتمل استهدافها بالعقوبات، شركة "هانجتشو تشجيانج داهوا"، ثاني أكبر شركة في العالم للمراقبة بالفيديو، التي بلغت إيراداتها العام الماضي 3.4 مليار دولار. هواوي ترد على قرار جوجل بوقف تحديثات الأندرويد (التفاصيل) كان راندال شريفر مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون آسيا قد قال في وقت سابق من هذا الشهر إن نحو 3 ملايين من الإيجور محتجزون في معسكرات حكومية. إلا أن تسوي تيانكاي سفير الصين لدى الولاياتالمتحدة، نفى التقارير التي تتحدث عن معسكرات الاعتقال، ما يدل على قلق شي من أي عقوبات أمريكية مرتبطة بما يصفه المسؤولون الصينيون بشؤونهم الداخلية. وفي الوقت نفسه، تتحرك الإدارة على جبهات أخرى للحد من العلاقات التجارية بين البلدين، ففي وقت سابق من هذا الشهر، صوتت لجنة الاتصالات الفيدرالية بالإجماع لمنع شركة "تشاينا موبايل" من تقديم خدمات الاتصالات في الولاياتالمتحدة. وقال أجيت باي رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية إن اللجنة تدرس تراخيص سبق منحها لشركتين صينيتين أخريين هما تشاينا يونيكوم وتشاينا تليكوم. وتدرس لجنة بقيادة وزارة الخزانة الآن الاستثمارات الصينية المقترحة في شركات التكنولوجيا الأمريكية عن كثب، وتقوم وزارة التجارة بصياغة لوائح جديدة للحد من الصادرات إلى الصين من 14 فئة من التكنولوجيات المتقدمة، بما في ذلك الحوسبة الكمية، والروبوتات والذكاء الاصطناعي. وقبل أكثر من أسبوعين بقليل، كانت الولاياتالمتحدةوالصين قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى ما وصفه وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين بأنه اتفاق تجاري "تاريخي"، إلا أن ترامب قام برفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية بشكل مفاجئ. «هواوي».. آخر ضحايا الحرب التجارية بين أمريكاوالصين وفي 15 مايو الجاري، وقع الرئيس على أمر تنفيذي يمنح وزير التجارة سلطة منع الشركات الأمريكية من شراء معدات اتصالات أجنبية قد تجعل الشبكات الأمريكية عرضة "لتأثيرات كارثية محتملة". لم يتم تسمية شركة "هواوي" في الأمر الرئاسي، لكن محللين قالوا إن هذا الإجراء يستهدف بوضوح شركة الاتصالات الصينية العملاقة، التي بلغت مبيعاتها 105 مليارات دولار العام الماضي. ونقلت "واشنطن بوست" عن ديفيد هانك المحلل في شبكة "فوكس نيوز" قوله إن "انهيار المحادثات التجارية منح صقور الأمن القومي حرية التصرف"، وأضاف أنها تبدو مجرد بداية، حيث "كانت الصين تشن حربا تقنية ضدنا، لكن حتى الآن كانت الحكومة الأمريكية لا تتصرف حيال ذلك". وتقول الإدارة الأمريكية إن هناك ما يبرر اتخاذ إجراءات صارمة لمنع الشركات الصينية من دمج منتجاتها في الشركات التكنولوجية الأمريكية، بطريقة تسمح لبكين، بالتجسس على الأمريكيين أو تعطيل الخدمات الأساسية، في حالة نشوب صراع. وفي عام 2017، أمر الجيش الأمريكي بوقف استخدام الطائرات بدون طيار التي تصنعها شركة "دي جي آي" الصينية الرائدة في مجال المركبات الجوية غير المأهولة، وسط تحذيرات من الحكومة الأمريكية من أنها ترسل بيانات إلى خوادم الكمبيوتر في الصين. أنكرت الشركة هذه التقارير، لكن وزارة الأمن الداخلي حذرت هذا الأسبوع الشركات الأمريكية من "المخاطر المرتبطة باستخدام الطائرات دون طيار المصنعة في الصين". 3 أسلحة من هواوي الصينية للرد على جوجل الأمريكية وتعتمد الشركات الصينية بشكل كبير على الموردين الأمريكيين للحصول على العديد من المكونات المهمة، بما في ذلك أشباه الموصلات، فعندما منعت وزارة التجارة العام الماضي الشركات الأمريكية من تزويد شركة الاتصالات الصينية "زد تي إي" بأشباه الموصلات، كان يُنظر إلى القرار على أنه حكم بالإعدام على الشركة، إلا أن ترامب ألغى الحظر بعد طلب شخصي من "شي" واتفاق الشركة على دفع غرامة بقيمة مليار دولار. وفي الوقت الذي لا تتمتع فيه الصين بوسائل ضغط مماثلة، لكن السلطات الصينية يمكن أن تضر شركات التكنولوجيا الأمريكية إذا اختارت ذلك. حيث تعد الصين مصدرا لأكثر من 90% من الإنتاج العالمي للمعادن النادرة المستخدمة في الهواتف الذكية والبطاريات والصواريخ الموجهة وغيرها من المنتجات. ويقول روب أتكينسون رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار، إن ذلك "يمكن أن يكون الآن سلاحا قويا لأن هذه المعادن النادرة تعد من المدخلات الرئيسية في العديد من المنتجات المتقدمة". يمكن للصين أيضا الانتقام من الإجراءات الأمريكية باستخدام البيروقراطية، فحسب التقديرات التي أجرتها غرفة التجارة الأمريكية في الصين، فإن واحدة من كل 5 شركات أمريكية تعمل في الصين قد شهدت بالفعل عمليات تفتيش حكومية إضافية أو تباطؤا في التخليص الجمركي خلال الحرب الجمركية. إلا أن معظم المحللين يقولون إنهم يعتقدون أن ترامب لا يزال يريد عقد اتفاق تجاري مع الصين، قبل نحو 5 أسابيع قبل أن يجتمع مع نظيره الصيني، حيث لم يعلق على قضية "هواوي" على تويتر كما اعتاد، في الوقت الذي منحت فيه وزارة التجارة الأمريكية ترخيصا مؤقتا يسمح للشركات الأمريكية بمواصلة التعامل مع "هواوي" لمدة 90 يوما، أي بعد اجتماع ترامب مع شي.