? بالرغم من صعوبة تصنيع الفحم، إلا أنه الملاذ الوحيد للعاملين فيه بعدما فقدوا الأمل في الحصول على وظيفة حكومية، وفشلوا في إيجاد وظيفة تُمكنهم من الإنفاق على أسرهم دخان يملأ السماء، ورائحة احتراق شديدة تنتشر في الأركان، وتلال من بودرة الفحم تملأ المكان، وأطنان من الأخشاب متراصة فوق بعضها البعض تنتظر مصيرها، وبين كل ذلك ينتشر ما يقرب من 30 عامل ملطخة أيديهم ووجوههم باللون الأسود، فمنهم من يرص الأشجار، والثاني يُغربل الفحم، وآخر يرشه بالماء، وآخر يشعل النيران في الأخشاب، هنا عمال مكامير الفحم بالفيوم. وتشتهر قرية فانوس التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم، بصناعة أجود أنواع الفحم التي تخصصوا فيها منذ ما يقرب من 40 عامًا، حتى أصبح فحمهم مشهور في جميع المحافظات، إلا أنّهم يعانون من تسلط البيئة والضرائب عليهم. ويقول محمد عادل أمين 40 عامًا، أنّهم يعانون الأمرين، وبالرغم من صعوبة مهنتهم الشاقة إلا أنّ مسؤولي البيئة والضرائب لا يرحموهم، فالبيئة تحرر لهم المحاضر وتفرض عليهم غرامات بحجة تلويثهم للهواء، أما موظف الضرائب فيمر عليهم يوميًا وكأنهم يستخرجون الذهب، مؤكدًا أنه يستغرب مطاردة المسؤولين لهم فعندما تأتي ويقول محمد عادل أمين 40 عامًا، أنّهم يعانون الأمرين، وبالرغم من صعوبة مهنتهم الشاقة إلا أنّ مسؤولي البيئة والضرائب لا يرحموهم، فالبيئة تحرر لهم المحاضر وتفرض عليهم غرامات بحجة تلويثهم للهواء، أما موظف الضرائب فيمر عليهم يوميًا وكأنهم يستخرجون الذهب، مؤكدًا أنه يستغرب مطاردة المسؤولين لهم فعندما تأتي حملة تطاردهم وكأنهم إرهابيين رغم أنهم لا يفعلون شيئًا إلا السعي وراء أرزاقهم، ولتوفير قوت يومهم. ويضيف أمين، أنّ الحكومة تطالبهم بتطوير المكامير، ولكنهم لا يملكون ما يطورون به، فهم يتعرضون لسرقة كمية كبيرة من الأخشاب يوميًا من قبل الأهالي بسبب ارتفاع أسعار الغاز فيستعين الأهالي بالأخشاب لطهي طعامهم بالطرق البدائية، دون دفع أي مقابل، بالإضافة إلى الغرامات المستمرة التي يدفعونها للبيئة، قائلًا: "الحكومة بتدعم صناعات كتير زي الفخار وتجفيف البلح، ليه ميساعدوناش إحنا كمان ويساعدونا نطور مهنتنا، كلنا فاتحين بيوت وعندنا أطفال". وطالب أمين، اللواء عصام سعد، محافظ الفيوم، بتوفير قطع أراضي من أملاك الدولة بعيدًا عن الكتلة السكنية، ويصل لها المياه والكهرباء، لنقل مكاميرهم إليها والتخلص من تعنت البيئة معهم، مُشددًا على أنهم مستعدون لدفع الرسوم اللازمة لإيجار الأرض أو شرائها، وتكلفة نقل الأخشاب والفحم إليها، لكنهم يحتاجون من ينظر إليهم بعين الرحمة والرأفة، بدلًا من إيقاف تصنيع الفحم، وجلوسهم على المقاهي، أو قيامهم بالسرقة لتوفير قوت يومهم. ويشير إلى أنّه يعمل في صناعة الفحم منذ 15 عامًا، وينتجون أجود أنواع الفحم التي أصبحت معروفة على مستوى الجمهورية، ويأتي إليهم التجار من كل مكان لشرائه منهم، موضحًا أنهم يستخدمون أشجار المانجو والكافور والبرتقال والزيتون والجازورين لصناعة الفحم، ولكن أرخصهم وأفضلهم في التصنيع هي المانجو لأنها لا تستغرق وقت طويل لتجف، كاشفًا أنهم يستخدمون الأشجار المصابة أو التي لا تطرح ثمار بدلًا من رميها، كي لا يضرون البيئة. وكشف أحمد محمود أحمد 40 عامًا، أنّ كل مكمورة فحم يعمل بها من 10 إلى 15 عامل، حيث يقومون بنشر الأخشاب في الشمس لمدة تتراوح بين 25 إلى 35 يومًا لتجف حسب نوع الشجرة، ثم يتم دفنها في حفرة كبيرة في الأرض ويوضع فوقها قش الأرز والتراب ويشعلون النيران فيها لمدة 25 يومًا، وبعد ذلك يزيلون التراب ويرشون المياه فوق الفحم ويغطى بمشمع بلاستيكي، ثم يقوم العمال ب"هز" الفحم بالغرابيل لإزالة الشوائب منه وبعد ذلك يتم تعبئته في الأجولة حتى يأتي التاجر ويشتريه منهم ب 3300 جنيهًا للطن. وطالب محمود، البيئة باصطحابه إلى أي مستشفى وعمل الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة، ولن يجدوا عنده أية أمراض رغم أنّه يعمل في صناعة الفحم منذ 20 عامًا، وذلك سيثبت للبيئة أنّ الفحم لا يتسبب في إصابة أي مواطنين بالأمراض فالفحم دائمًا يكون مغطى ولا يتصاعد منه غازات كثيفة تسبب أمراض صدرية، ولكن شكاوى الأهالي ضدهم تحريضية لأنهم يمنعون الأهالي من سرقة الأخشاب. على جانب آخر، قالت نسرين سعد إسماعيل، رئيس الوحدة المحلية بفانوس، أنها تسعى إلى تطوير مكامير الفحم بالقرية التي يبلغ عددها 11، إما عن طريق توفير قطع من أملاك الدولة بعد موافقة المحافظ، أو عن طريق توفير أفران لحرق الأخشاب بالسولار أو الغاز. وأضافت، أنها أخطرت أصحاب المكامير للتقدم بطلبات إلى الوحدة المحلية، تمهيدًا لبدء عملية التطوير، وتقدم واحد منهم فقط حتى الآن نظرًا لأنهم يخشون التكلفة العالية للتطوير، مؤكدة حرصها على توفير الدعم اللازم لتطوير هذه الصناعة التي تفتح بيوت 200 أسرة بالقرية.