تهاني قاسم متخصصة نفسية عانت من اضطراب نفسي نتيجة أنها أجبرت على اللجوء.. وياسر فراج محام مصري يتحدث باللهجات الإفريقية ومتخصص في هذا النوع من القضايا كشفت دراسة حديثة أجراها معهد الأبحاث الجنائية في ولاية سكسونيا السفلى الألمانية، عن أن اللاجئين المنحدرين من إفريقيا يواجهون خطورة أكبر في التعرض لصدمات نفسية مقارنة بالعرب، مشيرة إلى أن طالبي اللجوء، خصوصًا المنحدرين من وسط إفريقيا، يعانون بصورة أكبر من اضطراب التوتر التالي للصدمة النفسيَّة. كانت تلك الدراسة دافعنا إلى معرفة الطريقة، التي يفكر بها اللاجئ الإفريقي بعد رحلته غير الشرعية، وما العوائق التي تمنعه من الاندماج في الجنسيات الأخرى؟ وكيف يتأثر بالظروف الصعبة التي شهدها في وطنه؟ اتجهنا إلى شارع قصر النيل في وسط القاهرة، كنا نقصد مكتب «حق»، المختص بمتابعة قضايا اللاجئين الأفارقة، وتقديم الدعم النفسي لهم، يديره ياسر فراج، رجل مصري، عاش فترة طفولته في السودان، اندمج سريعًا في المجتمع السوداني، ومن ثم تعرف على الثقافة السودانية، هو الآن يتحدث لغتهم، كان رئيسًا لاتحاد اتجهنا إلى شارع قصر النيل في وسط القاهرة، كنا نقصد مكتب «حق»، المختص بمتابعة قضايا اللاجئين الأفارقة، وتقديم الدعم النفسي لهم، يديره ياسر فراج، رجل مصري، عاش فترة طفولته في السودان، اندمج سريعًا في المجتمع السوداني، ومن ثم تعرف على الثقافة السودانية، هو الآن يتحدث لغتهم، كان رئيسًا لاتحاد الطلاب في الثانوية العامة، رغم أن عدد الطلاب المصريين بالمدرسة السودانية خمسة فقط. فراج يقدم المساعدة القانونية لكل اللاجئين الأفارقة، تخصص في ذلك بعد دراسة مستفيضة للثقافات، التي تميز كل دولة إفريقية، حتى يستطيع فهم عاداتهم، هو أحيانًا يقدم المشورة القانونية دون مقابل لمعرفته ظروف اللاجئين الأفارقة، وعندما يكتشف أن المشكلة القانونية يندرج تحتها أزمات نفسية، يحيل اللاجئ إلى متخصص تأهيل نفسي، إذ توجد طبيبتان للعلاج النفسي في المكتب نفسه. يقول مدير مكتب «حق»، إن المجتمعات الإفريقية في مصر مغلقة، تخاف من الاندماج في المجتمع المصري، يجدون صعوبة في التعامل مع المصريين، لذا فإنهم يعانون صعوبة الحصول على العمل، وإن وجدوه يحصلون على رواتب متدنية، كما أنهم لا يحصلون على عقود عمل، وبالتالي فإنه لا يوجد سند قانوني للحصول على حقوقهم في العمل. اكتفينا بذلك الحديث مع الرجل، الذي يجيد اللهجات الإفريقية، لنجلس مع الدكتورة تهاني قاسم، المعالج النفسي للاجئين الأفارقة بمصر، التي أشرفت على علاج الفتاة السودانية زينب البشير. تقول قاسم، إن معظم اللاجئين يعانون من صدمة نفسية، لكنها تنقسم إلى مستويات (A)، وهو الشخص الذي تعرض إلى مشكلة نفسية أو أحد من معارفه، والمستوى (B)، وهو الذي أخبره أحد بتعرض أسرته لمشكلة، أمَّا المستوى (C) فهو أزمة نفسية مركبة، إذ إنه تعرض لأزمة، وسمع أن أسرته لديها مشكلة. وتشير المتخصصة النفسية إلى أن آثار الصدمة النفسية قد تستمر 40 عامًا، إذا لم يخضع الشخص للعلاج، وأنا أتعامل مع كل لاجئ حسب ثقافته، لذلك لا يمكن للاجئ إفريقي أن يعالج من طبيب غير مطلع على الثقافات الأخرى. الملفت في حديث الدكتورة تهاني قاسم ما تقوله عن أنها تعرضت إلى أذى نفسي كبير، عندما خرجت من بلدها: «كنت حاسة باضطراب نفسي، لأنني كنت مجبرة على ترك بلدي، كنت خائفة من الاندماج في المجتمع المصري، لكنني عالجت نفسي من خلال علاج الآخرين، فكنت أحدث نفسي قبل أن يكون كلامي موجهًا إليهم». السيدة السودانية درست علم النفس في بلدها، واكتسبت خبرة كبيرة في تخصصها بعد مقابلة مئات الحالات من اللاجئين، الذين يعانون من أزمات نفسية جراء رحلاتهم القاسية، وهي تقول إن ما يقرب من 75% من اللاجئين يعانون صدمات نفسية. خرجنا من المقابلتين بنظرة مختلفة عن المشكلات، التي يعانيها اللاجئون، وأنه إذا كان العرب القادمون من دول: سوريا والعراق واليمن إلى مصر لديهم ثقافة قريبة تمكِّنهم من العمل والاندماج داخل المجتمع المصري، فإنه من الناحية الأخرى هناك لاجئون أفارقة لا يجدون عملًا لصعوبة التأقلم مع المصريين، نتيجة اختلاف الثقافة. لقراءة بقية القصة «العبور أو الموت».. لاجئون أفارقة على أبواب المفوضية (الحلقة الأولى) ناجون من «رحلة الموت».. من هنا يمر الأفارقة لمصر (الحلقة الثانية) «ضحايا الصدمات النفسية».. معاناة اللاجئين خارج الوطن (الحلقة الثالثة) «التأهيل النفسي للاجئين».. هنا يبدأ التعافي (الحلقة الرابعة)