الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    مواعيد إجازة البنوك خلال عيد الأضحى    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    جامعة القناة ترسم البهجة على وجوه أطفال دار أيتام بالإسماعيلية    10 خطوات لزيادة الاستثمارات الأجنبية بمصر وتخفيف أعباء المستثمرين    ارتفاع الفول والجبن.. أسعار السلع الأساسية اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    تراجع المؤشر الرئيسى للبورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    مد فترة الحجز لشقق "سكن لكل المصريين 7" لمتوسطي الدخل حتى 18 يونيو    أسعار النفط ترتفع بأكثر من دولار بعد قرار «أوبك+» زيادة الإنتاج    «التنمية المحلية» تشيد بما حققته الموجة 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    «المركزي» يعلن موعد إجازة البنوك بمناسبة عيد الأضحى    ارتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    547 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى اليوم    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الصين تتهم الولايات المتحدة بتقويض التوافق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات جنيف    مجلس الأمن الأوكرانى: دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    صحف قطرية: القاهرة والدوحة تسعيان لتذليل أى عقبات تواجه مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    بألوان المجد، الأهلي يعلن عن قميصه الأساسي موسم 26/25    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    رسميا.. الأهلي يعلن عن الطاقم الأساسي لموسم 2025/26 (صور)    بعد تسريبه، تعليم أسيوط تقرر استبدال امتحان الجبر للشهادة الإعدادية وتأجيله للفترة الثانية    وصول أكثر من 1.4 مليون حاج إلى السعودية استعدادًا لموسم الحج    تعليم الغربية: التقدم لرياض الأطفال حتى 30 يونيو بالموقع الإلكترونى الموحد    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    صندوق التنمية الحضرية: حدائق تلال الفسطاط ستشهد إقامة مهرجانات كبرى    مجلس الوزراء : إصدار 198 قرار علاج على نفقة الدولة خلال شهر مايو الماضى    طارق يحيى لإدارة الزمالك: «انسوا زيزو وركزوا في كأس مصر»    شاب ينهي حياة والده بطعنة زجاج بسبب خلاف على «توك توك» في شبرا الخيمة    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    دنيا سامي تكشف كواليس دخولها مجال التمثيل    فريق من النيابة الإدارية يواصل الاستماع لأقوال مسئولى ثقافة الأقصر اليوم    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    فوز المرشح القومي كارول ناوروتسكي بالانتخابات الرئاسية في بولندا    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    خبير لوائح: هناك تقاعس واضح في الفصل بشكوى الزمالك ضد زيزو    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    مسؤول بيراميدز: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز والبطولة مجهود موسم كامل    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذهاب بلا عودة.. صنايعية مصر «سواقين توك توك»
نشر في التحرير يوم 30 - 01 - 2019

فى عام 2005لم يكن يتوقع أحد أن مهنة العمل على "التوك توك"، التى كان يحتقر الناس من يعمل فيها ستصبح هى المقصد الأول للصنايعية ليصل عدد المركبات ل3 ملايين
مشاكل "التوك توك" لم تتوقف عند تنفيذ جرائم القتل، والاختطاف، والاغتصاب، وتوزيع المخدرات، بل وصلت لضرب قطاع من أهم القطاعات الحيوية، وهو قطاع العاملين فى "الصناعة، والورش، وأصحاب الحرف من، النجارين، والسباكين، والحدادين، والنقاشين، والميكانيكية." أن يتخلى الرجل عن صنعته ليعمل على "توك توك"، وهو وسيلة النقل التى كان يحتقر الناس من يعمل بها مع ظهوره فى مصر عام 2005، حيث كانوا يعتبرون "التوك توك" مهنة من لا مهنة له، هو أمر يستحق البحث، فعدد كبير من المصانع والورش تبحث وبشكل يومي عن عاملين وحرفيين، بعد أن غادر الآلاف أعمالهم واتجهوا ل"التوك توك".
ظهور التوك توك فى مصر فى عام 2005 وبالتحديد فى مدينة السنبلاوين التابعة لمحافظة الدقهلية شمال شرق الدلتا، ظهر أول توك توك فى مصر، حينها كان يطلق عليه الأهالي هناك، "الخنفس"، نظرا لصغر حجمه وقدرته على التسلل بين السيارات وفى الأماكن الضيقة، لكن لم يمر عام حتى أصبحت مدينة السنبلاوين هى مركز توزيع
ظهور التوك توك فى مصر
فى عام 2005 وبالتحديد فى مدينة السنبلاوين التابعة لمحافظة الدقهلية شمال شرق الدلتا، ظهر أول توك توك فى مصر، حينها كان يطلق عليه الأهالي هناك، "الخنفس"، نظرا لصغر حجمه وقدرته على التسلل بين السيارات وفى الأماكن الضيقة، لكن لم يمر عام حتى أصبحت مدينة السنبلاوين هى مركز توزيع "التوك توك" على محافظات الجمهورية.
استلفت ومابقتش عارف هارجع الفلوس إزاي
مصطفى هو رجل تخطى العقد الرابع من عمره، يقول "كنت شغال فى مصنع، وقعدت فيه 3 سنين، بأخد 2500 جنيه، طيب دول هيعملوا إيه، المصنع كان موفر أتوبيس بياخدنا يودينا ويرجعنا، لكن والله كنت بستلف كل شهر ضعف المرتب ووصلت لمرحلة إن مش عارف هرجع الفلوس اللى أنا مستلفها إزاي، لحد ما واحد صاحبي قالى انسى قصة المصنع دي وتعال نشتغل على توك توك وربنا هيفرجها، وعلى الأقل مفيش حد هيعمل ريس علينا ولا يقولنا حضور وانصراف"
"هيبقى مدير نفسه ومحدش هيعمل ريس عليه"
نجلاء سامي، نقيب نقابة العاملين بالدراجات البخارية، والمعروفة إعلاميا باسم نقيب "سائقي التوك توك"، قالت إن عددا هائلا من أصحاب المهن الحرفية، والعاملين فى المصانع تركوا أعمالهم وهربوا للعمل على "التوك توك"، وإن فئة النجارين خاصة العاملين فى مجال الإنشاءات المعمارية هى الأعلى بين المهن التى تركها أصحابها، وقرروا العمل على "التوك توك".
سامي أضافت فى حديثها ل"التحرير"، الناس كانوا يحتقرون من يعمل على التوك توك، لكن فى الوقت الحالي فإن الحصر غير النهائي يكشف عن وجود أكثر من 3 ملايين مركبة "توك توك" فى مصر، بما يعني أننا نتحدث عن 4 ملايين عامل على أقل تقدير، لأن التوك توك يعمل على مدار اليوم.
واعتبرت سامي أن السبب الرئيسي وراء هروب أصحاب المهن من أعمالهم ومن المصانع التى كانوا يعملون فيها، هو عدم قدرتهم على العمل فى ظل الرواتب المتدنية التى يحصلون عليها، كما أن عددا كبيرا من المصانع توقف خلال المرحلة الماضية، مؤكدة أن السائق الواحد يمكنه أن يوفر أكثر من 3 آلاف جنيه فى الشهر، علاوة على أنه "هيكون مدير نفسه، وماحدش هيعمل ريس عليه وكله بيقلب رزقه".
الناس بتتأمر علينا ومعنديش بديل
منتصر هو شاب ثلاثيني امتهن واحترف العمل فى مهنة النقاشة، وعمل بها لفترة تجاوزت العشر سنوات، يقول "مطلوب مني كل يوم 100 جنيه علشان أقدر أصرف على عيالي الأربعة، وشغل النقاشة مبقاش جايب همه، والناس بتتأمر علينا، وممكن بعد ما تخلص شغلك تقعد تلف سنه علشان تأخد فلوسك من الزبون، طيب هأكل عيالي إيه؟"، معتبرا أن قرار ترك الصنعة والعمل على التوك توك، لم يكن له بديل.
سوء العلاقات العمالية فى مصر
لا أحد ينكر حجم المعاناة التى يتعرض المواطن بشكل يومي من أجل توفير متطلبات أسرته، ومع الدخول المتدنية للعاملين فى الورش والمصانع، وفى ظل العلاقة الطردية بين العامل وأصحاب رؤوس الأموال، أصبح لا مفر من البحث عن عمل يوفر دخلا أكبر، ولا يحمل المزيد من المشقة.
عبد المنعم الجمل، رئيس نقابة البناء والأخشاب، ونائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، حمّل رجال الأعمال مسئولية هروب الصنايعية والعمال واللجوء للعمل على "التوك توك"، بسبب عدم شعور العامل بالأمان الوظيفي داخل الكيان الذي يعمل به، وسوء العلاقات العمالية فى مصر، علاوة على تراجع الأجور بشكل لا يتماشى مع طبيعة المرحلة التى تعيشها البلاد.
وطالب الجمل خلال حديثه ل"التحرير"، الدولة، بضرورة التدخل وفورا لوقف التجاوزات التى يقوم بها أصحاب الأعمال، لمواجهة هذه الظاهرة، وإدخال تشريعات تضمن حق العامل فى المعاملة الطيبة، وحصوله على مستحقاته المالية، وتشعره بالأمان الوظيفي بإقرار التأمين الصحي، مشيرا إلى أنه عندما تتحقق هذه المطالب فلن يترك العامل موقعه أبدا.
"المعاملة السيئة، وضياع حقوق العمال، وعدم الشعور بالأمان"، كلها أسباب دفعت العمال، وحسب نائب رئيس الاتحاد العام لعمال مصر، لترك المصانع والوروش للعمل على التوك توك، نظرا لأنه يعمل بحريته، ويحدد الوقت الذي يعمله فيه، ويمكنه أن يجني مزيدا من المال.
الجمل حمّل أيضا أصحاب المصانع والورش نتيجة ما آلت إليه الأمور، وعليهم أن يراجعوا تصرفاتهم تجاه العمال، وأن يتوقفوا عن الادعاءات التى يطلقونها دائما بأنهم لا يجدون عمالة، مطالبا، فى الوقت ذاته بأن لا يقل أجر العامل عن 4 آلاف جنيه، فى الشهر حتى يتمكن من مواصلة العمل ومواجهة التحديات الاقتصادية، وأن يتخلوا عن الأنانية وتكوين الثروات، ومعاملة العامل على أنه "تحت رجليهم".
وانتقد الجمل أيضا مشروع قانون العمل الجديد، الذي يناقش فى مجلس النواب، واصفا إياه ب"قانون رجال الأعمال"، لأنه يضر بالعامل، ولا يوجد به أمان وظيفي، وسيزيد من فرص تسرب الصنايعية والعمال للعمل على التوك توك باعتباره الطريق الأسهل لجني الأموال.
الحال واقف وعندي عيال
يعرفه السائقون فى موقف "التوك توك" الكائن فى منطقة الطالبية فى الجيزة بأبو شهد، كان أحد أسطوات المحارة إلا أن حالة الركود التى يتعرض لها القطاع العقاري، دفعته للعمل على "التوك توك"، يقول "والله يعز عليا أسيب صنعتي وأقف فى الموقف علشان أشتغل على توك توك، لكن هعمل إيه الحال واقف وعندي عيال، لو مشتغلتش هياكلوا تراب، ومراتي ممكن ترجع بيت أبوها تقولهم مش قادر يأكلني".
مقدرش أمشي من غير ترامادول
"ولاد الحرام مخلوش لولاد الحلال حاجة، تخيل يا أستاذ إن حباية البرشام بقت ب70 جنيه، طيب أنا كنت شغال في مخزن أسمنت وآخر اليوم كنت ممكن أعمل 150 جنيه، وكنت عايش والدنيا ماشية، لكن مرة واحدة الترامادول اتعفرط، والشريط بقى ب70 جنيه، وأنا مقدرش أمشي من غيره، طيب شغل إيه غير التوك توك، اللى ممكن يجبلي علبة سجاير، وحباية كل يوم وأكل وشرب"، هو ما قاله الشاب الثلاثيني الذي رفض الإفصاح عن اسمه.
ظاهرة تستحق الدراسة
الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير مركز إنسايت للصحة النفسية وطب الإدمان، والمدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى العباسية، قال إن ترك الصنايعية المصانع والورش تحول لظاهرة خطيرة جدا ومزعجة، وعلى الدولة أن تنتبه وبشكل جاد لهذا الأمر.
وأوضح حماد ل"التحرير" أن هذه الظاهرة لها تفسير، وهو أن أغلب الصنايعية كانوا يتعاطون جرعة من الترامادول، كانت تمنحهم مزيدا من الوقت فى العمل، ومع الوقت بدأوا يفقدون هذا الشعور بالنشاط، فإما يترك الصنايعي العمل بإرادته، لأنه يرى أنه غير قادر على بذل المجهود المطلوب، أو مع الوقت يبلغه صاحب العمل بالاستغناء نتيجة الغيابات المتكررة والذهاب للعمل بعد الوقت المحدد.
وأكد حماد، أن المهنة التى يسارع إليها الصنايعية دائمًا هى العمل على توك توك، نظرًا لأنه عمل خفيف، مقارنة بأي أعمال أخرى، علاوة على أنه يدير دخلا كبيرا مقارنة بأجر الصنايعي فى الوقت الأخير، كما أن وجوده فى الشارع يسهل عليه عملية الحصول على الترامادول.
حماد حذّر من أن أعدادا كبيرة من الصنايعية، وبعد أن لجأوا للعمل على "التوك توك" تحولوا لموزعي وتجار ترامادول، مؤكدا أن هذه الظاهرة أصبحت مزعجة وتستدعي تدخل الدولة وبشكل عاجل، مطالبا بإخضاع جميع العاملين فى الورش والمصانع غير التابعة للدولة لتحليل المخدرات وتقديم العلاج لهم مع رعاية أسرهم وقت الخضوع للعلاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.