سيؤثر تغير المناخ على كل مناحي الحياة في مصر ومن ذلك احتمال فقدان قرابة 276 ألف منزل بحلول عام 2030 ويرتفع هذا الرقم ليبلغ 338 ألف منزل بحلول 2060 قرب البحر المتوسط بدأت أمس فعاليات مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ في كاتوفيتشي، بولندا بالتركيز على تقليص انبعاث الكربون والمساواة بين الجنسين في سياق مكافحة التغيرات المناخية. تعد مصر من أبرز الدول التي ستتأثر بظاهرة التغيرات المناخية، إذ للظاهرة عوامل عدة ستؤثر سلبا على عدد من المحافظات المصرية وسكانها كما تؤثر أيضا على الاقتصاد المصري وقطاعات المياه والزراعة. وكشفت دراسات أن مصر ستواجه مخاطر متعددة كنتيجة لتغير المناخ حيث من المتوقع ارتفاع درجات الحرارة وتغير تدفق نهر النيل وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤدى إلى خفض كمية المياه التى تصل مصر من النيل. فقدان مساحة من الأراضي الزراعية والمناطق المأهولة بالسكان بالمناطق الشمالية من البلاد، قد يؤثر بالسلب على الاقتصاد والصحة والبيئة في مصر بصفة عامة، ويرتبط التكيف مع آثار تغير المناخ بخيارات ومسارات التنمية بمصر، ومن هنا فإنه يتضح أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لمصر أن تعمل على رفع مستوى تفهمها فقدان مساحة من الأراضي الزراعية والمناطق المأهولة بالسكان بالمناطق الشمالية من البلاد، قد يؤثر بالسلب على الاقتصاد والصحة والبيئة في مصر بصفة عامة، ويرتبط التكيف مع آثار تغير المناخ بخيارات ومسارات التنمية بمصر، ومن هنا فإنه يتضح أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لمصر أن تعمل على رفع مستوى تفهمها للمخاطر المتوقعة من تغير المناخ ووضع الآليات المناسبة للحد من الآثار الناتجة. وكانت مصر فى الطليعة من بين الدول العربية التى وقعت على المبادرات الدولية بشأن تغير المناخ، حيث صدقت على اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) وبروتوكول كيوتو، وعلى المستوى المحلى فإن مصر تبنت العديد من المبادرات لمواجهة تغير المناخ، حيث تم تشكيل اللجنة الوطنية المشتركة لتغير المناخ في عام 1997، كما تم أيضا إنشاء المجلس الأعلى للطاقة ولجنة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، كما قامت مصر بإعداد وتقديم التقريرين الأول والثانى للجنة الاتصال الوطنية في عامي 1999 و2010، حيث تضمن التقرير تقييم آثار تغير المناخ على العديد من القطاعات الرئيسية فى الدولة والنتائج المتوقعة من زيادة في تكاليف المعيشة وأسعار المواد الغذائية، وتدهور إنتاجية الأراضي في المناطق الساحلية الشمالية، كما أوضح التقريران أن موضوع تغير المناخ لا يحظى بالاهتمام الكافي ضمن قائمة الأولويات الوطنية لمتخذى القرار. فقدان في الأرواح هناك توقعات بأن تتأثر المناطق الساحلية في مصر بارتفاع منسوب سطح البحر الناتج عن تغير المناخ والتي من الممكن أن تضعف أعمال الحماية القائمة سواء الطبيعية منها أو الصناعية، وفي نهاية المطاف فإن هذه التوقعات قد تقود إلى حدوث فيضانات تؤدى إلى فقدان فى الأرواح، وتسرب للمياه المالحة، وإحداث أضرار اقتصادية. وتشير دراسة أعدتها منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع وزارة البيئة المصرية بعنوان " نحو استراتيجية التكيف مع التغير المناخي لقطاع المياه في مصر" إلى احتمال فقدان قرابة 276 ألف منزل بحلول عام 2030 ويرتفع هذا الرقم ليبلغ 338 ألف منزل بحلول 2060 بالمنطقة الشمالية المتاخمة للبحر المتوسط. كما أشارت الدراسة إلى فقدان مساحة من الرقعة الزراعية تبلغ 4.10 كم مربع بحلول 2030 وتزداد هذه المساحة لتبلغ 6.35 كم مربع بحلول 2060، وعند تحويل هذه الخسائر إلى لغة الأرقام فإن الخسارة المتوقعة تصل إلى قرابة 20 مليار جنيه فى عام 2030 و25 مليار جنيه فى عام 2060 ستكون هى محصلة الخسائر التي ستلحق بالمنازل والطرق الواقعة فى زمام اجتياح مياه البحر، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخسائر إلى ارتفاع معدل استيراد المواد الغذائية وارتفاع أسعار الغذاء وارتفاع مستوى البطالة الحالى ونقص الإنتاج المحلى. تقلص المساحة المزروعة وتؤكد الدراسة أنه من المتوقع أيضا أن تتأثر الزراعة سلبا بارتفاع درجات الحرارة حيث من المتوقع أن تنخفض إنتاجية المحاصيل الزراعية، وفقدان بعض الأراضي الزراعية في دلتا النيل، وتقدر نسبة الانخفاض في العائدات من المحاصيل الرئيسية بنسبة بين %1 إلى %17، بالإضافة إلى فقدان نسبة صغيرة من الأراضي الزراعية في شمال دلتا النيل كنتيجة للغمر بمياه البحر.
وهكذا أظهرت نتائج الدراسات أن العوامل المذكورة أعلاه مجتمعة بالإضافة إلى الزيادة السكانية المتوقعة قد تؤدي إلى انخفاض متوقع بنسبة %12 في الإنتاج الزراعي بحلول عام 2030، وزيادة %16 في قيمة أسعار الشراء، مع فقدان فرص عمل بنسبة %2 من إجمالى العمالة الحالية، وباتباع السيناريو الأكثر تشاؤما، فإنه بحلول عام 2030 من المتوقع أن ينخفض الإنتاج الزراعي بنسبة %23 مع زيادة نسبة البطالة وارتفاع الأسعار ورغم أن ارتفاع الأسعار قد يتيح للمزارعين فرصة زراعة محاصيل أكثر ربحا، فإن هذا بالطبع سوف يخل بميزان المكاسب لهم على حساب خسائر المستهلكين كنتيجة لارتفاع فى الأسعار، وعلى الأرجح فإن ارتفاع الأسعار وتزايد نسبة البطالة سيؤدي إلى مزيد من الفقر وسوء التغذية. وأشارت الدراسة إلى أنه وبحلول عام 2060 من المتوقع زيادة الأثر السلبي الناتج عن تغير المناخ، خاصة مع الزيادة السكانية المتوقعة وانخفاض تدفق مياه نهر النيل، وفي إطار السيناريو الوسط فمن المتوقع أن تؤدي هذه الآثار -جنبا إلى جنب مع زيادة الانخفاض في الإنتاج الزراعي وارتفاع الأسعار- إلى انخفاض معدلات الإنتاج بنسبة %27 والاستغناء عن العمالة بنسبة %18، مع ارتفاع الأسعار بنسبة %40، أما فى حالة السيناريو الأكثر جفافا فمن المتوقع أن ينخفض الإنتاج الزراعي بنسبة %43، مع انخفاض في نسبة العمالة الزراعية بنسبة %37 وارتفاع في الأسعار بنسبة %65، يلفت النظر هنا إلى أنه حتى فى حالة عدم حدوث تغير فى المناخ فإنه من المتوقع تراجع فى الإنتاج الزراعي بنسبة %9 وفقدان فرصة العمل بنسبة %5، في حين ترتفع الأسعار بنسبة %12 وذلك حسب الدراسة. نقص المياه أوضحت الدراسة أنه حتى دون تأثير تغير المناخ، فإن مصر ستواجه نقصا في المياه والذي سوف يقلل من حصة الفرد من المياه إلى أقل من 500 متر مكعب في السنة بحلول عام 2050، ومن هنا فإنه فى حالة حدوث السيناريو الجاف، بغض النظر عن مستوى نقص التدفق، فعلى مصر أن تواجه نقص المياه من خلال سياسات مائية مثل الخطة القومية التى وضعتها وزارة الموارد المائية لمواجهة الزيادة في الطلب ومحدودية الإمدادات، وقد يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم المشكلة ولكن السياسات المائية الحالية تشمل العديد من الاستراتيجيات التي يمكن أن تكون بمثابة التكيف مع نقص المياه لأي سبب من الأسباب. وأوصت الدراسة بضرورة تقليل الفاقد من مياه الزراعة عن طريق تحسين وإعادة تأهيل نظام الري والصرف وتطوير نظام الري والاستبدال بالمحاصيل ذات الاستهلاك المائى المرتفع، مثل قصب السكر والأرز، محاصيلَ ذات استهلاك مائى منخفض، مثل بنجر السكر والذرة وتطوير أصناف جديدة من المحاصيل التي تستهلك كميات أقل من المياه كما أوصت بمعالجة مياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية لمنع المياه الملوثة من الوصول إلى المصارف الزراعية وإلزام المنشآت الصناعية بمعالجة النفايات الصناعية والسيطرة على التلوث الذي لا يمكن معالجته، وتحديد وظيفة لكل مجرى من المجارى المائية مع وضع معايير لجودة المياه على أساس هذه الوظائف.