فى «لوكربي» عانى الليبيون من الحصار الدولي عليهم ودفعوا تعويضات لأسر الضحايا.. وفى مقتل «خاشقجي» أوقفت ألمانيا صفقات السلاح.. وهددت فرنسا بفرض عقوبات تمنع سفر السعوديين «لغز قتل خاشقجي».. الأيام الماضية حملت مفاجآت كثيرة فى قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، جعلتها محط اهتمام كافة وسائل الإعلام العالمية منها والمحلية، في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، الأمر الذى أعاد للأذهان قضية جرت أحداثها قبل 30 عاما، عندما انفجرت طائرة ركاب أمريكية، فوق قرية «لوكربي» LOCKERBIE غرب إسكتلندا، أسفرت عن مقتل 259 شخصا كانوا على متن الطائرة و11 آخرين من سكان البلدة التى وقعت بها الحادثة، ورغم مرور كل تلك السنوات فإن ملابسات هذه القضية تبقى غير واضحة تماما، مما يطرح تساؤلا بشأن التشابه بين القضيتين وهل تلقي نفس المصير أم لا؟ البداية في مساء يوم الأربعاء 21 ديسمبر 1988 انفجرت طائرة البوينج 747، التابعة لشركة پان آميركا، أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي غرب أسكتلندا، متجهة إلى مطار كينيدي في نيويوركبالولاياتالمتحدة الأميركية، بعد حوالي نصف ساعة من إقلاعها من مطار هيثرو بلندن، أسفر الانفجار عن وفاة جميع من كانوا على متنها، البداية في مساء يوم الأربعاء 21 ديسمبر 1988 انفجرت طائرة البوينج 747، التابعة لشركة پان آميركا، أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي غرب أسكتلندا، متجهة إلى مطار كينيدي في نيويوركبالولاياتالمتحدة الأميركية، بعد حوالي نصف ساعة من إقلاعها من مطار هيثرو بلندن، أسفر الانفجار عن وفاة جميع من كانوا على متنها، إضافة إلى آخرين من سكان قرية لوكربي التى وقع بها الحادث. وسرعان ما أصبحت «لوكربي» تتصدر عناوين الأخبار بأغلب صحف العالم، وتفجرت معها قضايا وتكهنات وتهم ونظريات تجاه الحدث. أما فى قضية الصحفى جمال خاشقجي، فقد دخل القنصلية السعودية بتركيا، بعد ظهر يوم الثلاثاء 2 أكتوبر في أسطنبول للحصول على وثيقة رسمية للزواج من التركية خديجة جنكيز، وبعد مرور ساعات اتصلت بصديقه ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية، وأبلغته بالوضع بناء على طلب «خاشقجي» الذى طلب منها ذلك حال أن شعرت بتعرضه لأي مكروه، ثم أعلنت السلطات التركية أن المعلومات التي لديها تفيد أنه مازال في قنصلية بلاده، لتصدر بعدها القنصلية بيانا تقول فيه إنه اختفى بعد خروجه منها، ويؤكد ذلك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ثم تعلن مصادر أمنية تركية أنه قتل داخل قنصلية بلاده. وسرعان ما أصبح اسم «خاشقجي» يتصدر عناوين الأخبار بأغلب صحف العالم، وتفجر مع القضية تكهنات وتهم ونظريات وسط تفاعل الكثيرين تجاه الحدث. تطورات سريعة وقتلة مارقين بعد تفجير طائرة «لوكربي» أثيرت تساؤلات عديدة حول التفجير وأسبابه ومن يقف وراءه من حيث التخطيط والتنفيذ، وتنقلت أصابع الاتهام بين عدة جهات وفق حسابات مصالح الأطراف المعنية بها وخاصة أميركا بوصفها المتضرر الأكبر في القضية، منها منظمة تحرير فلسطينية ثم إيران، ولكن فى النهاية رست على ليبيا تحت حكم الرئيس معمر القذاقي، لأن النظام الليبي تورط قبلها فى أكثر من عملية عنف فى أمريكاوبريطانيا، ووجدت ليبيا نفسها في مواجهة أكثر حدة مع الغرب، فتارة ينظر إليها على أنها دولة راعية للإرهاب وتارة أخري أنها دولة مارقة. وفى قضية «خاشقجي» بعد الإعلان عن مقتله من مصادر تركية، أوضحت تلك المصادر مرة أخري أن جثته تم تقطيعها ووضعها في صناديق لنقلها خارج القنصلية السعودية، لتعلن بعدها الأممالمتحدةوبريطانياوفرنساوألمانيا عن قلقهم إزاء ما حدث، ثم تسمح السلطات السعودية للمحققين الأتراك بتفتيش القنصلية، وينشر الإعلام التركي صورا ل 15 سعوديا يعتقد أن لهم صلة باختفائه، ثم ينفي وزير الداخلية السعودي الاتهامات الموجهة لبلاده، ويتوعد الرئيس الأمريكي بعقاب شديد للسعودية لو ثبت تورطها في قتل خاشقجي، وترفض السعودية التهديدات الموجهة لها وتؤكد أنها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، ليقول «ترامب» إن هناك قتلة مارقين ربما وراء مقتل خاشقجي. من الفاعل؟ فى نوفمبر 1991 بعد تحقيقات ليست معلنة، وتكهنات من وسائل الاعلام بتحميل المسؤلية بين دول مختلفة وحركات تحرير يجمع بينها رابط العداء لأمريكا، صدر أمر من الولاياتالمتحدةوبريطانيا بالقبض على مواطنين ليبيين يشتبه في مسؤليتهم عن تفجير الطائرة كونهما يعملان بمكتب شركة الخطوط الجوية الليبية بمطار لوقا بمالطا، وبمعرفتهما تم شحن حقيبة متفجرات، وهما «الأمين خليفة فحيمة، وعبد الباسط علي المقرحي»، إلا أن ليبيا رفضت الطلب وبدأ القضاء الليبي التحقيق في الاتهام، وطلب من الدولتين تقديم مالديهما من أدلة ضدهما. وفى قضية «خاشقجي» أظهرت التحقيقات الأولية للنائب العام السعودي وفاته في القنصلية السعودية، وأكد النائب العام قوله أن المناقشات التي تمت بين المواطن جمال خاشقجي وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مما أدى إلى وفاته. وبالتزامن مع إعلان النائب العام، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أوامر ملكية بإعفاء أحمد عسيري نائب رئيس المخابرات السعودية من منصبه، ليصرح بعدها الرئيس الأمريكي بقوله أنه غير راض عن الرواية السعودية التي تفسر مقتل خاشقجي، ثم تطالب بريطانياوفرنساوألمانياالرياض بكشف ملابسات الواقعة ودعم رواياتها بحقائق موثوقة. العقوبات في بداية عام 1992 أصدر مجلس الأمن قرارين يطالب فيهما السلطات الليبية باعتقال الشخصين المذكورين وتسليمهما للمحاكمة في أسكتلندا، وتحمل المسؤولية عن الحادثة، ودفع تعويضات لأهالي الضحايا، والتعاون في التحقيقات، والمساعدة في مكافحة الإرهاب، وهدد «ليبيا» بفرض حظر جوي عليها في حالة عدم امتثالها لمطالبها، إلا أن العقيد القذافي، رفض الطلب، الأمر الذى أدي فرض حصارا على ليبيا تضمن حظر الطيران من وإلى ليبيا ومنع الاستيراد، مما أدى إلى عزلتها عن أغلب دول العالم، وارتفاع نسبة البطالة في البلاد، وأوقع خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات. وبعد 6 سنوات فى 1998، وافقت ليبيا على تسليم مواطنيها «فحيمة والمقرحي» بوساطة من السعودية وجنوب إفريقيا، مشترطا أن تجري المحاكمة في مكان محايد، مقابل تعليق العقوبات الدولية المفروضة عليها بما فيها الحظر الجوي، وأجريت المحاكمة في معسكر «كامب زايست» بهولندا، على مرأى ومسمع العالم مستغرقة حوالي عامين، وتم تعليق العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا. وفى قضية «خاشقجي» دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السعودية إلى تسليم ال 18 شخصا الذين يعتقد بمسؤوليتهم عن مقتل الصحفي السعودي لمحاكمتهم في بلاده، قائلًا: «كل أولئك الذين لعبوا دورا في جريمة القتل يجب أن يعاقبوا»، مؤكدا "تلك الجريمة خطط لها قبل تنفيذها بأيام"، وطالب بالكشف عن المسؤول الذي أعطى الأوامر إلى الفرقة المكونة من 15 شخصا المشتبه بهم في عملية القتل. وأعلنت الحكومة الألمانية، توقفها بالكامل عن توريد الأسلحة إلى السعودية على خلفية مقتل خاشقجي، وهدد وزير الخارجية الفرنسي، بأن بلاده ستقرر عقوبات على السعودية منها فرض حظر السفر على الأفراد السعوديين. التصالح وارد في أغسطس 2003، أعلنت ليبيا مسؤوليتها عن حادثة «لوكربي» وسلمت رسالة رسميا بهذا الاعتراف إلى مجلس الأمن الدولي، مقابل تعويض ضحايا الطائرة، بلغت 2.7 مليارات دولار أميركي، بمعدل 10 ملايين دولار لكل واحد منهم، على أن تقدم 4 ملايين فى البداية لكل شخص، وبعد رفع العقوبات الأميركية عليها تدفع 4 ملايين أخرى، وعند إلغاء اسم ليبيا من قائمة الإرهاب، تدفع باقي المبلغ. وفى قضية «خاشقجي» قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب: «تواصل وكالاتنا الاستخباراتية تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جدا أن يكون ولي العهد على علم بهذا الحادث المأساوي، ربما كان وربما لم يكن»، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة تعتزم أن تظل «شريكا راسخا» للسعودية، وأنها ليست لديها النية لإلغاء عقود عسكرية مع الرياض قائلا «إذا أقدمنا بحماقة على إلغاء هذه العقود، ستكون روسيا والصين أكبر المستفيدين، والولاياتالمتحدة ترغب أن تظل شريكا راسخا للسعودية لضمان مصالحها ومصالح شركائها». وفي النهاية يعد هذا أحد السيناريوهات المطروحة حول قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وفى انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة بشأن تلك الواقعة.