كان عبد المنعم إبراهيم يعشق المسرح القومي، ويعتبره بيته، وحينما شعر بدنو أجله، أوصى بأن تخرج جنازته منه، وأن يُدفن في قريته ميت بدر حلاوة بالغربية. في كتابه "المضحكون"، يقول الكاتب محمود السعدني، إن الكوميديان عبد المنعم إبراهيم، المولود في 24 ديسمبر 1926 لأسرة تنتمي لقرية ميت بدر حلاوة بالغربية، كان أقل المضحكين الكبار حظًا وأقلهم فرصة، وأقلهم شهرة، وسماه ب"الخواجة"، حيث تلمح وتشم فيه رائحة لوريل زميل هاردي، وشدّد على أنه لو وجد في إنجلترا مثلًا لشق طريقه بسهولة، ولو كان ظهر أيام السينما الصامتة لاستطاع أن يُضحك الناس أيضًا، وأكد أنه سيظل أكثر المضحكين احترامًا وأعظمهم مكانة، ووصفه ب"حجر ياقوت في زنزانة مساجين كلهم يبحثون عن سجائر، وبئر بترول في صحراء يبحث سكانها عن زجاجة مياه مثلجة". بداية تكوين الكوميديان عبد المنعم إبراهيم كانت مبكرة، حيث شُكّل وعية التمثيلي في عمر التسع سنوات، حينما كان يصطحبه والده إلى مسرح علي الكسار، بعدما انتقلت الأسرة للقاهرة، ما دفعه لتقليده، وفي المدرسة أُسند إليه تقديم تمثيليات من تأليفه يُلقيها على الطلاب في إذاعة المدرسة، ثم في المرحلة الثانوية تلاقى بداية تكوين الكوميديان عبد المنعم إبراهيم كانت مبكرة، حيث شُكّل وعية التمثيلي في عمر التسع سنوات، حينما كان يصطحبه والده إلى مسرح علي الكسار، بعدما انتقلت الأسرة للقاهرة، ما دفعه لتقليده، وفي المدرسة أُسند إليه تقديم تمثيليات من تأليفه يُلقيها على الطلاب في إذاعة المدرسة، ثم في المرحلة الثانوية تلاقى بزميله عبد المنعم مدبولي، وتشاركا سويًا في تأسيس فرقة مسرحية للهواة، وقدّما عددًا من المسرحيات، بدآها ب"الضحية" على مسرح الأزبكية، ومن هنا انطلقت رحلة الثنائي. في منتصف الأربعينيات أُعيد افتتاح معهد الفنون المسرحية، تقدم إبراهيم ومدبولي إلى اختبارات المعهد، واستطاعا أن ينضما بعد أن نجحا أمام لجنة مكونة من زكي طليمات وجورج أبيض ونجيب الريحاني ويوسف وهبي، وذلك رغم تعرض إبراهيم لمصيبة كبرى أثناء هذه الاختبارات، وهي وفاة والدته، وتفرقت السُبل بالثنائي بعد التخرج، حيث اختار مدبولي المسرح ليكون ساحته، بينما توجه إبراهيم للسينما رغم اشتغاله في مسرح إسماعيل ياسين ثم بالمسرح الحديث الذي أصبح فيما بعد المسرح القومي، وكان أول ظهور له في العام 1951، من خلال فيلم "ظهور الإسلام". شارك عبد المنعم إبراهيم في عشرات الأفلام، وعمل مع مخرجين كبار أمثال صلاح أبو سيف وحسن الإمام وفطين عبد الوهاب، ولعب دور صديق البطل الذى يُضيف خفة ظل في العديد من الأعمال، في أفلام لعبد الحليم حافظ وإسماعيل ياسين وفريد الأطرش وكمال الشناوي وغيرهم، ورغم موهبته الكبيرة، كان يقبل أدوارا عديدة بسبب حاجته الشديدة للمال، وكان يقول: "الفنان مثل الصنايعي، إذا طرق بابه من يطلبه سيعمل، وإذا لم يطرق بابه أحد فلن يعمل"، وقام ببطولة فيلمين فقط، هما الأشهر له "سر طاقية الإخفاء" وقام بدور "عصفور أفندي"، و"سكر هانم". تزوج "الضاحك الباكي" قبل دخوله مجال الفن، حيث رشح له أحد أصدقائه فتاة، فذهب لرؤيتها ولكنه أُعجب بشقيقتها، وبالفعل تزوجا وأنجب منها 3 بنات وولدًا "سمية، سلوى، سهير، طارق"، وكان يحبها بشدة، وقبل أن يتجاوز عمر ابنه الأصغر عامًا واحدًا، أُصيبت الزوجة بالسرطان، وأكد الأطباء له أنها لن تعيش أكثر من 6 أشهر، وكان هذا الحدث كالزلزال الذي هزّ كيان إبراهيم، ورغم ذلك لم يخبرها بحقيقة مرضها، واصطحبها لأداء فريضة الحج، وكانت هذه الفترة من أصعب أيام حياته حتى رحلت في عام 1961. ومن المفارقات الغريبة في حياة عبد المنعم إبراهيم، أنه تزوج شقيقة زوجته التي ذهب لخطبتها قبل زواجه من أم أبنائه، حتى ترعى الأبناء، لكن الأغرب أنه طلقها بعد 10 أيام، لأنه لم يستطع استكمال حياته معها، وكان سيصاب بانهيار عصبي لأنها كانت تشبه شقيقتها الراحلة لدرجة كبيرة، ولم يجد حلًا سوى أن يلحق فتياته الثلاث بمدرسة داخلية، ومنح ابنه "طارق" لشقيقة زوجته الكبرى ليعيش معها، وبعد ذلك تزوج من سيدة لبنانية تُدعى "عايدة" تولت رعاية الأبناء، وأنجبت له فتاة رابعة "نيفين"، وتحمل شقيقه مسؤولية رعاية الأبناء معها أثناء انشغال إبراهيم بأعماله. استمرت معاناة عبد المنعم إبراهيم الشخصية، بعدما أُصيبت زوجته "عايدة" بسرطان الطحال، وخلال هذه الفترة تزوج من الفنانة كوثر العسال، ولكنه لم يصارح زوجته اللبنانية بهذا الزواج حتى وفاتها، حرصًا على مشاعرها، خاصةً وأنها تولت رعاية أولاده وكانت صديقة لهم، وظل متزوجًا من العسال حوالي 20 عامًا حتى رحيله. ظل إبراهيم يؤدي أدواره باقتدار وموهبة كبيرة رغم كل معاناته الشخصية، والتي لم تتوقف عند هذا الحد، فمن أهم نكباته، أنه أثناء قيامه بالمشاركة في مسرحية "عيلة الدوغري" توفى والده، ودفنه وتحامل على أحزانه ووقف على المسرح في اليوم نفسه، وبعد وفاة والده تحمل مسؤولية إخوته، لأنه كان الابن الأكبر، وله أخت وأخ أشقاء، و4 إخوة من الأب، وتولى رعايتهم جميعًا. كذلك عندما توفى شقيقه الذي كان يعول أبناءه في غيابه، وذلك أثناء عرضه مسرحية "سكة السلامة"، واضطر للوقوف على خشبة المسرح في نفس اليوم، كما توفى زوج شقيقته وترك لها 6 أبناء، فتولى عبد المنعم إبراهيم مسؤوليتهم، كما تحمل أيضًا مسؤولية رعاية حفيدة زوجة أبيه اليتيمة بعد وفاة والديها. كان عبد المنعم إبراهيم يعشق المسرح القومي ويعتبره بيته، وحينما شعر بدنو أجله، رغم أنه لم يمرض مرضًا شديدًا، أوصى بأن تخرج جنازته منه، وأن يُدفن في قريته ميت بدر حلاوة، وكان يعمل حتى آخر أيام حياته، حتى بعدما أُصيب بمياه على الرئة، وأثناء قيامه بدوره في مسلسل "أولاد آدم" (1986) كان يذهب له الطبيب ليعطيه الحقن خلال التصوير. بعدها بشهر وفي أثناء عرض مسرحية "5 نجوم" على مسرح السلام، قال لابنته "سهير": "أنا سددت فلوس الجزار والبقال وماعلناش فلوس لحد"، وقال لشقيقته: "نفسي آكل الأرز بتاعك"، فطبخته وأكل منه، ثم أراد النزول للمسرح، وأثناء ذلك سقط مغشيًا عليه، وتم نقله للمستشفى، ولكنه توفى في 17 نوفمبر عام 1987 عن عمر يناهز 62 عامًا، ودُفن بقريته إلى جوار والده ووالدته وشقيقه.