قصة ولا أروع بطلها طفل صغير يقوم بالتعليق على المباريات لوالده أشهر مشجع زملكاوي، الكفيف الذي يرى الفريق بقلبه وليس بعينيه يروي للتحرير سبب عشقه وحبه للقلعة البيضاء لم يشعر لحظة واحدة أنه كفيف، ولم يمنعه غياب بصره عن تشجيعه ناديه الأبيض الذي عشقه منذ الصغر.. حبه الزمالك قاده لكسر المستحيل والوصول لحلمه.. هذا هو حال الرجل الثلاثيني محمد عبد اللطيف، المشجع الكفيف الذي لفت الأنظار بحماسه لناديه بين صفوف الجماهير البيضاء، وفي لحظة إنسانية معبرة، أثناء سير مباراة الزمالك والاتحاد السكندري، في ذهاب دور ال16 من بطولة كأس زايد للأندية الأبطال، ظهر وبجواره، نجله عبد اللطيف، أصغر معلق زملكاوي الذي جسد مقولة «سند أبوه ونور عينه»، حيث كان يعلق له على أحداث وتفاصيل المباراة ليثبت أن كرة القدم أكثر من مجرد لعبة. «التحرير» انتقلت إلى الإسكندرية في حي المنتزه وتحديدا في منطقة العصافرة بشارع جمال عبد الناصر من أجل التعرف على قصة هذا المشجع الزملكاوي، بعدما تحول إلى أشهر مشجع كروي في مصر بعد اللقطة التي ظهر خلالها في مباراة الزمالك والاتحاد في ذهاب دور ال16 للبطولة العربية، إضافة إلى نجله الصغير «التحرير» انتقلت إلى الإسكندرية في حي المنتزه وتحديدا في منطقة العصافرة بشارع جمال عبد الناصر من أجل التعرف على قصة هذا المشجع الزملكاوي، بعدما تحول إلى أشهر مشجع كروي في مصر بعد اللقطة التي ظهر خلالها في مباراة الزمالك والاتحاد في ذهاب دور ال16 للبطولة العربية، إضافة إلى نجله الصغير الذي بات أصغر معلق زملكاوي يجلس في المدرجات كي يصف لوالده المباريات:
البدايات
«أنا محمد عبد اللطيف عبده إبراهيم من مواليد 26-9 - 1988، من إسكندرية حي العصافرة، والدي الحاج عبد اللطيف عبده رجل كفيف مثلي».. هكذا بدأ المشجع الزملكاوي، حكايته مع «التحرير»، قبل أن يكشف لنا سبب فقدان بصره.
«الميس في المدرسة ضربتني بالعصاية على رأسي».. يقول عبد اللطيف: «أنا اتولدت طبيعي، وكنت باشوف عادي.. وبعد دخولي المدرسة ب3 أسابيع وأنا في أولى ابتدائي، تعرضت للضرب على راسي بالعصا من الأستاذة في الفصل، وهو ما تسبب في تعرضي لانفصال في الشبكية، ونظري راح وربنا كتب عليا كدة».
«والدي عاش حياته ليا وكان أهم حاجة في حياته إني أرجع أشوف من تاني»..
وتابع أشهر مشجع زملكاوي: «قبل أن أفقد نظري كنت أعاني من مرض وراثي عن والدي في العين، ومع ضربة الأستاذة فقدت كل شيء.. وأجريت 3 عمليات جراحية في حوالي شهر وطلعت منهم مابشوفش».
«علمني والدي قيادة العربيات، واشترى لي عجلة».. هكذا حاول والد عبد اللطيف - الذي فقد هو الآخر بصره وعمره 21 عامًا- أن يساعد ابنه في أن يتخطى إعاقته، وعاد عبداللطيف بذاكرته قائلاً: «وأنا صغير كنت بلعب كورة، وكانوا بيجيبوا الكورة “الكفر” ويقطعوها ويحطوا فيها مسامير علشان ألعب معاهم وبعدين يخيطوها».
عشق الزمالك
«عائلتي كلها زملكاوية».. بدأ المشجع الكفيف، في سرد تفاصيل حكايته وحبه مع الزمالك: «وأنا صغير كانت العائلة تتجمع في مباريات الزمالك عندنا في البيت وكبرت على كده.. وقبل ما أفقد بصري شاهدت أشرف قاسم، وكابتن إسماعيل يوسف، ونادر السيد، وحسين السيد، وحسام وإبراهيم حسن.. وأتذكر آخر مباراة شاهدتها للزمالك كانت في الدور الثاني من دوري 1994 أمام الأهلي، وخلصت بنتيجة (1-0) للأبيض بهدف كابتن أيمن يونس.. وهو ما كان دافعا لي لتشجيع الزمالك بجانب الجينات الزملكاوية».
«الموضوع كبر معايا واحدة واحدة لحد ما بقى عشق للفانلة البيضاء» يحكي عبد اللطيف: «أول مباراة حضرتها في الاستاد وأنا كفيف كانت عام 2001 للزمالك في استاد الإسكندرية.. واللي ساعدني أني أروح كان مصطفى عارف ابن عمي أصغر مني ب3 سنوات، وكان أكثر من "أخي".. وثاني مباراة حضرتها للزمالك في الاستاد في القاهرة أمام الرجاء البيضاوي في نهائي إفريقيا، كان سني صغير بس كنت رايح بدافع أننا هناخد البطولة، ورجعت مبسوط لأن فريقي المفضل كسب».
«العوائق المادية والصحية لم تقف أمام أحلام مكفوف البصر».. يقول: «بالنسبة للتكلفة والراحة أنا لا يهمني أي شيء سوى إني أروح أشجع الزمالك والفريق يكسب، سواء تركت الشغل أو البيت أو الأسرة.. المهم الزمالك يكسب».
علاقته بلاعبي الزمالك
«شيكابالا حدوتة تانية، اعترض الأمن ونزل جري من أتوبيس الفريق علشان يتصور معايا حضني وباس دماغي وقالي أهم حاجة أنك تمشي مبسوط».. هكذا يروي عبد اللطيف، تفاصيل علاقته بلاعبي القلعة البيضاء: «حصل تواصل ما بيني وبين العديد من لاعبي نادي الزمالك والمنتخب الوطني، أبرزهم كهربا وشيكابالا ومحمد صلاح».
«كهربا قابلته هذا العام وأتواصل معه كثيراً وعندي على الفيسبوك وأحفزه قبل كل مباراة، وكان نفسي يحرز أي هدف في آخر مباراتين علشان تبدأ الدنيا تبدأ تمشي معاه.. كهربا لا يحتاج إحراز هدف وينضم للمنتخب وحياته كلها تتغير»، يتابع المشجع الزملكاوي: «شيكابالا بقى حدوتة تانية، أول صورة اتصورتها معاه كمشجع عادي كانت في غرفة الملابس، وتاني صورة كانت بعد نهاية مباراة الزمالك والمصري، وأثناء خروجه مع الأمن الخاص به، كان معايا واحد صاحبي وشاور له بس لقيناه نزل جري من أتوبيس الفريق عشان يتصور معايا والأمن منعه ينزل بس لقيته أصر على النزول وأخذني بالأحضان وقبل رأسي وقال لي أهم حاجة أنك تمشي مبسوط».
ويتابع عبداللطيف: «محمد صلاح أول مرة قابلته فيها أيام ما كان محترف في بازل السويسري، وكان في إحدى مباريات المنتخب مع الأمريكي بوب برادلي عام 2013، وقتها كان هناك منع للجماهير، ولأن جميع العاملين في استاد برج العرب متعاونين معايا، كنت أحضر جميع مباريات المنتخب في الاستاد، وبعد مواجهة سوازيلاند اللى كسبناها (10 صفر) نزلنا أرض الملعب لقيت قدامي محمد صلاح، ولما طلبت منه أتصور معاه رحب جدا».
«بعد مرور عام واحد كنا بنلاعب منتخب توجو في ماتش ودي، في حضور الجماهير.. وقتها لم أكن أعلم إن الجماهير بتنزل عشان تتصور مع صلاح، وكان في إقبال كبير عليه، ناديت عليه في وسط الناس والحراسة لأن كان وقتها محترف في روما، لقيته ترك كل الناس وحضر لي وقال لي أنت معاك حد، قولت له معايا مصطفى ابن عمي ووصاه عليا وطلب منه يخلي باله مني كويس».
«وبصراحة محمد صلاح من اللاعبين اللى الاحتراف مغيروش، الصورة الثالثة معاه كانت في معسكر المنتخب لمباراة النيجر الأخير، وحضرت التمرين الرئيسي وطلبت منه أتصور معاه قالي بعد التمرين، وبعد انتهاء التمرين أجيري طلب إخلاء الملعب عشان التمرين سري وفي يوم المباراة خلوني أرتدي زي الصحفيين، وبعد انتهاء المباراة لقيته شاور لي واتصورت معاه».
أصغر معلق زملكاوي
«دائمًا أتواجد مع بابا في مباريات الزمالك وتقريباً أقوم بدور المعلق وأصف له المباراة».. هكذا بدأ عبداللطيف محمد عبداللطيف، أصغر معلق زملكاوي حديثه للتحرير وتحدث نجل المشجع الزملكاوي الكفيف عن والده: «أنا أسمي عبداللطيف وعندي 12 سنة أعشق الزمالك لأن كل عائلتي زملكاوية وبابا يصطحبني معه في كل مباريات الزمالك ودوري التعليق على المباريات ووصفها له بدقة، لو الكرة في نصف الملعب أقوله مع طارق حامد ومرر الكرة إلى فرجاني ساسي وحتى لو الكرة خطفها لاعب من المنافس بوصفها لي بالظبط... أنا تعرضت للإصابة في عيني لما كنت بلعب في فريق الاتحاد السكندري وقتها كنا بنلاعب فريق أكبر من مرحلتنا السنية وأنا ماشي بالكرة عديت واحد والتاني حط رجله قدامي نزلت على دماغي وعيني نزفت دم لكن الحمد لله ربنا كرمني وأجريت أكثر من جراحة وعاد لي بصري مرة أخرى ومن يومها زاد حرصي على أن أكون عيني والدي التي يرى بها كل ما يعشقه ويحبه وأكيد أكثر شيء بيحبه هو نادي الزمالك".