مقترح البرلماني جون طلعت بإلغاء عقوبة تعاطى المخدرات، واستبدال إحالة المتعاطى إلى المصلحة العلاجية بها يثير جدلا.. وخبراء نفسيون يختلفون حول ما إذا كانوا مجرمين أم ضحايا فجر مقترح مشروع القانون، الذي أعلن النائب البرلماني المهندس جون طلعت اعتزامه تقديمه في دور الانعقاد الحالي للبرلمان، بإلغاء عقوبة تعاطى المخدرات، واستبدال إحالة المتعاطى إلى المصلحة العلاجية لعلاج الإدمان بها لفترة زمنية محددة من 3 ل6 أشهر، لعلاجه من إدمان تناول المخدرات، قضية جدلية أخرى وأكثر خطورة تكمن في تباين الرؤى حول ما إذا كان متعاطي المخدرات "مجرما" أم "ضحية". وتحولت تلك القضية الشائكة إلى محور جدل واسع خلال الأيام القليلة الماضية بين مؤيد ومعارض. يرى فريق من المؤيدين أن متعاطي المخدرات مجرم يجب أن يقع تحت طائلة القانون ويستوجب عقابه، بينما يرى فريق آخر أن تلك الفئة ضحية لمافيا وسماسرة السموم، وبالتالي لا يجب مساواتهم في مقدار العقوبة والعمل على تأهيلهم وحمايتهم نفسيا حتى لا يضيع مستقبلهم ويخرجوا من السجون أكثر تعقيدا. ويحتل الترامادول المركز يرى فريق من المؤيدين أن متعاطي المخدرات مجرم يجب أن يقع تحت طائلة القانون ويستوجب عقابه، بينما يرى فريق آخر أن تلك الفئة ضحية لمافيا وسماسرة السموم، وبالتالي لا يجب مساواتهم في مقدار العقوبة والعمل على تأهيلهم وحمايتهم نفسيا حتى لا يضيع مستقبلهم ويخرجوا من السجون أكثر تعقيدا. ويحتل الترامادول المركز الأول فى الانتشار بين المدمنين، ووصلت إلى 51% من نسبة المدمنين، أما الحشيش فهو رقم واحد بين المتعاطين، وهناك بعض الفئات المجتمعية يعانون من انتشار حقيقى للمخدرات فيما بينهم، وهم فئة السائقين المهنيين والحرفيين، حيث انتشرت المخدرات بين السائقين بنسبة 24% والحرفيين 19% من نسبة المدمنين فى مصر. تأثيرات المواد المخدرة ويقول الدكتور محمود عمرو مؤسس المركز القومي للسموم، إن مقترح النائب البرلماني جون طلعت بإعفاء المدمن من العقوبة واستبدال وضعه داخل مصحات لعلاجه بها أمر غير منطقي، نظرا لأن المخدرات تختلف نوعياتها وتأثيراتها بنسب متفاوتة حسب استعداد الشخص وقدرة عقله على التحمل ونوع المواد المخدرة، قائلا "من يتعاطى كوكايين وهيروين ليس مثل من يشربون الحشيش"، منوها بأن المواد المخدرة تؤثر على الأجهزة العصبية وتحدث اضطرابات نفسية وسلوكية وتأثيرات على الجهاز العصبي والتنفسي ويعقب ذلك الكبد والكلى، مشيرا إلى أن الحشيش أقل المواد المخدرة تأثيرا والكوكايين أكثرها خطورة. ونوه بأن المدمن ضحية إذا أقدم على العلاج وفشل، ولكن متعاطي المخدرات حينما يقدم على الإدمان يكون عاقلا في البداية، ولذلك يستوجب معاقبته. خضر: علينا أن نكون أكثر قسوة في التعامل مع تلك الظاهرة بينما تقول الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، إن المجتمع يجب ألا يتعاطف تماما مع قضية الاتجار في المخدرات، مستطردة "عايزين نكون أكثر قسوة في هذا الأمر، لأنه أضاع الكثير من شبابنا، ونحن نعيش حاليا حالة حرب حقيقية"، منوها بأن 60% من المجتمع شباب بحاجة إلى اعادة تقييم وبناء مرة أخرى وليس لدينا رفاهية وضع الشباب في مصحات نفسية. وأضافت خضر ل"التحرير": أرفض أية أفكار تزيد من الظاهرة وتعمل على تفاقمها وتشجع الشباب على التمادي في تعاطي المخدرات. فرويز: المدمن يتحمل جزءًا من المسئولية بينما يرى الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، أننا يجب أن نتفق على أن متعاطي المخدرات مضطرب نفسيا، موضحا أن المدمنين ضحايا ولكنهم يتحملون جزءا من المسئولية، منوها بأنه لا يجب إعفاؤهم من المسئولية نهائيا، مشيرا إلى أن الدولة يجب أن تفكر في حلول جدية لمواجهة الظاهرة بكل قوة لمنع تفاقمها وانتشارها في المرحلة القادمة. وأضاف فرويز ل"التحرير"، أنه يجب التفكير في إنشاء مصحات علاجية تستهدف علاج المتعاطين وفي نفس الوقت يقوم بتقديم خدمات إنتاجية للدولة، مردفا "أرفض علاجه بالمجان ويجب على الدولة أن تستفيد منه". وبحسب تصريحات صحفية سابقة من الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، فإن نسبة الإدمان فى مصر تبلغ 2.4%، ونسبة التعاطى بلغت 10%، وهى تتعدى نسبة التعاطى العالمية التى تسجل 5%، ويبدأ الشباب فى مرحلة التعاطى من عمر 11 عاما وهو ما يثبت تراجع دور الأسرة، حيث إن 58% من المدمنين يعيشون مع أسرهم بشكل طبيعى بدون مشكلات أسرهم، مما يدل على تراجع دور الأسرة بشكل كبير، فوجود الأب والأم مع أبنائهما ما هو إلا وجود جسدى وليس تفعيلا لدورهم التربوى واحتوائهم نفسيا. وتنص المادة "39" من قانون العقوبات على: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه، كل من ضُبط فى مكان أعد أو هيئ لتعاطى الجواهر المخدرة، وذلك أثناء تعاطيها مع علمه بذلك، وتزداد العقوبة بمقدار مثليها، سنتين، إذا كان الجوهر المخدر، الذى قدم، الكوكايين أو الهيروين". وكانت وزارة الصحة قد أدرجت 11 مادة من المواد المخدرة من أنواع الحشيش الصناعى بالقسم الثانى من الجدول الأول الملحق بقانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 من ضمنها "الإستروكس". وتصل عقوبة الاتجار وحيازة المواد المخدرة المدرجة بالجدول الأول من ضمنها "الإستروكس"، إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وفقا للمواد: "33، 34، 37، 38، 44، 45"، من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960، بالإضافة إلى غرامة مالية تصل إلى نصف مليون جنيه، وذلك حال استيرادها أو تصديرها للخارج. أبو اليزيد: سيزيد من انتشار تعاطي المخدرات وعن موقف البرلمان، يقول النائب البرلماني عمرو أبو اليزيد، عضو مجلس النواب، إن مقترح الاستبدال بعقوبة الإدمان علاج المتعاطي، والذي تقدم به النائب جون طلعت مرفوض تماما، مؤكدًا أنه لا يصلح تطبيقه في مصر. ونوه بأن السنوات الأخيرة شهدت زيادة شديدة في عدد متعاطي المخدرات، مشيرًا إلى أن ذلك يستوجب تغليظ العقوبة بدلا من إلغائها. وتابع بأن إلغاء العقوبة سيفسح المجال لجميع المواطنين وبالأخص الشباب، للتمادي في الإدمان أو التجربة، بما أنه لا يجد عقوبة رادعة لتلك الجريمة، مستطردا "المجتمع لن يقبل تلك الفكرة على الإطلاق وستؤدى إلى مشكلات متفاقمة". فوزي: القضية تحتاج إلى دراسة دقيقة وليست متعجلة وعن الشق القانوني، يقول الفقيه الدستوري وعضو لجنة الإصلاح التشريعي الدكتور صلاح فوزي ل"التحرير"، إن الدستور نص على أنه لا جريمة أو عقوبة إلا بقانون، بما يعني أن القانون هو الذي يحدد العقوبات المقررة وفقا للجريمة التي وقعت. وأشار إلى أن مثل تلك القضايا تحتاج إلى دراسة متأنية ودقيقة ولا ينبغي التعجل فيها، لمعرفة الأسباب التي تدفع لتعديل العقوبة وإلغائها والاطلاع على دراسة إحصائية للمتعاطين وشرائحهم العمرية، وأعداد المتعاطين، والآثار المترتبة على ذلك، مستطردا "لا يجب التعجل أو اتخاذ إجراءات سريعة في تلك القضايا".