شيخ العمود «إلكتروني».. شرح 60 كتاباً على يد كبار العلماء أسبوعياً بالأزهر    جامعة كولومبيا تعلن فشل المفاوضات مع الطلبة المعتصمين تضامنا مع فلسطين    «صديقة الخباز» فى الصعيد.. رُبع مليار دولار استثمارات صينية    الغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يقتدي به    مقتل 45 شخصا على الأقل إثر انهيار سد في الوادي المتصدع بكينيا    جلسة تحفيزية للاعبي الإسماعيلي قبل انطلاق المران    غزل المحلة يفوز علً لاڤيينا ويضع قدمًا في الممتاز    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة يعزز التعاون بين البلدين    البنوك المصرية تنتهي من تقديم خدمات مصرفية ومنتجات بنكية مجانا.. الثلاثاء    السفير محمد العرابي يتحدث عن عبقرية الدبلوماسية المصرية في تحرير سيناء بجامعة المنوفية    مستشهدا بالقانون وركلة جزاء معلول في الزمالك| المقاولون يطلب رسميا إعادة مباراة سموحة    بالنصب على المواطنين.. كشف قضية غسيل أموال ب 60 مليون بالقليوبية    استعدادًا لامتحانات نهاية العام.. إدارة الصف التعليمية تجتمع مع مديري المرحلة الابتدائية    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    لجنة الصلاة الأسقفية تُنظم يومًا للصلاة بمنوف    الأزهر يشارك بجناح خاص في معرض أبوظبي الدولي للكتاب للمرة الثالثة    محمد حفظي: تركيزي في الإنتاج أخذني من الكتابة    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    فرقة ثقافة المحمودية تقدم عرض بنت القمر بمسرح النادي الاجتماعي    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    تحذير قبل قبض المرتب.. عمليات احتيال شائعة في أجهزة الصراف الآلي    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    تهديدات بإيقاف النشاط الرياضي في إسبانيا    كرة اليد، جدول مباريات منتخب مصر في أولمبياد باريس    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    مايا مرسي: برنامج نورة قطع خطوات كبيرة في تغيير حياة الفتيات    محلية النواب تواصل مناقشة تعديل قانون الجبانات، وانتقادات لوزارة العدل لهذا السبب    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    خالد عبد الغفار يناقش مع نظيرته القطرية فرص الاستثمار في المجال الصحي والسياحة العلاجية    طريقة عمل الكيك اليابانى، من الشيف نيفين عباس    الكشف على 1270 حالة في قافلة طبية لجامعة الزقازيق اليوم    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    «العالمي للفتوى» يحذر من 9 أخطاء تفسد الحج.. أبرزها تجاوز الميقات    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف الطيب.. صعيدي وقف ضد الحكومة بالسينما
نشر في التحرير يوم 05 - 10 - 2018

عاطف الطيب أحد أهم مخرجي السينما المصرية في القرن الماضي، والتي لازالت أعماله حاضرة تلخص واقع مصر في الفترة التالية لثورة يوليو 52، ومنها "البريء، وضد الحكومة"، وغيرهما.
عاطف الطيب.. الفلاح القادم إلى القاهرة من الصعيد الجوّاني ليصنع نقلة سينمائية في تاريخ الفن المصري، صاحب "البريء" و"التخشيبة" و"ضد الحكومة"، شكّلت رؤيته النقدية الجذرية لنظام الحكم والمجتمع مادته الأساسية، سينماه امتلئت حيوية وإيقاعًا وصوتًا خاصًا لا يشبه أحدًا، صوت الوطن، والألم، مخرج سينما البسطاء الذي ?أعادها لتيار الواقعية بعدما سيطر عليها جيل الحداثة والاقتباس من الخارج، قيل وسيُقال عنه الكثير، لكنه يبقى أحد أهم مجددي السينما في القرن الماضي.
ولد في مركز المراغة التابع لمحافظة سوهاج في 26 ديسمبر عام 1947، وبحثًا عن ظروف معيشية أفضل انتقل مع أسرته إلى القاهرة ليقطن حي بولاق الدكرور، لم يجد الأب فرصة عمل فقام بإنشاء محل لبيع الألبان، وكان عاطف يساعد والده في تجارته، لكن سرعان ما انهارت وخرج الابن باحثًا عن كسب الرزق، فعمل كنادل بإحدى صالات
ولد في مركز المراغة التابع لمحافظة سوهاج في 26 ديسمبر عام 1947، وبحثًا عن ظروف معيشية أفضل انتقل مع أسرته إلى القاهرة ليقطن حي بولاق الدكرور، لم يجد الأب فرصة عمل فقام بإنشاء محل لبيع الألبان، وكان عاطف يساعد والده في تجارته، لكن سرعان ما انهارت وخرج الابن باحثًا عن كسب الرزق، فعمل كنادل بإحدى صالات الأفراح، وحينها كان طالبًا في المرحلة الثانوية، والتي فور أن أنهاها التحق مباشرة بالمعهد العالي للسينما، وهناك درس في قسم ا?خراج على يد صلاح أبو سيف ويوسف شاهين وغيرهما، وتخرج في عام 1970، وعقب ذلك قضى 5 سنوات في الجيش شارك خلالها بحرب أكتوبر 1973.
خلال فترة الدراسة وما بعدها من سنوات الخدمة العسكرية، كان يُثري الطيب موهبته ويلتقط الكثير من الخبرات، وقدّم أول فيلم تسجيلي له في العام 1972، وحمل اسم "جريدة الصباح"، وعمل كمساعد مع عدد من المخرجين، فعمل مع المخرج شادي عبد السلام في فيلمي "جيوش الشمس" و"المقايضة"، ومع سيد طنطاوي في فيلمي "عيب يا لولو.. يا لولو عيب" و"خدعتني امرأة"، ومع محمد شبل في "أنياب"، ومع يوسف شعبان محمد في "الرغبة والثمن"، ومع محمد بسيوني في فيلم "ابتسامة واحدة تكفي"، ومع يوسف شاهين في فيلم "إسكندرية ليه"، وعمل كمساعد لعدد من مخرجي العديد من الأفلام الأجنبية التي كان يتم تصويرها في مصر آنذاك، مثل لويس جلبرت في فيلم "الجاسوس الذي أحبني"، وجون جيلر في "جريمة على النيل"، ومايكل بانويل في "الصحوة"، وفيليب ليلوك في "توت عنخ أمون"، وفرانكلين شاخر في "أبو الهول".
رحلة الشاب شكّلت مخيلته، اختزن الكثير من الشخصيات والعلاقات والمواقف دون أن يعلم أنها ستكون وقوده القادم في رحلة النجاح، حتى أتته الفرصة وأخرج أول فيلم طويل له في عام 1982 وهو فيلم "الغيرة القاتلة"، ثم واصل مسيرته في ا?خراج من خلال عدد كبير من الأفلام التي نالت نجاحًا نقديًا وجماهيريًا، وخلال 13 عامًا فقط، قدّم 21 فيلمًا طرح خلالها رؤيته النقدية الجذرية لنظام الحكم والمجتمع ومعارضته لسياسات الانفتاح الاقتصادي والفساد والقمع، وعكس الكثير من المراحل السياسية والاجتماعية التي عاشتها مصر ومرت بها، ومنذ تقديمه أولى أعماله وحتى يوم رحيله، لم يغب عن باله وفنه تلك الرؤية الناقدة.
على يدي الطيب، بزغت نجومية عدد من أهم فناني مصر طوال تاريخها، الأول هو نور الشريف الذي رافقه منذ بداية ظهور اسم الأخير بشكل مستقل كمخرج لفيلم سينمائي، حيث كان بطلًا ل"الغيرة القاتلة"، وكذلك في ثاني أفلامه "سواق الأتوبيس" عام 1982، ليفوز نور بجائزة أفضل ممثل في مهرجان نيودلهي، ويصبح أول ممثل مصري يفوز بجائزة دولية، وينال الطيب جائزة العمل الأول في مهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس، ثم رافقا بعضهما كذلك في أفلام "الزمار" 1985، و"ضربة معلم" 1987، و"قلب الليل" و"كتيبة الإعدام" 1989، و"دماء على الأسفلت" و"ناجي العلي" 1992، و"ليلة ساخنة" 1995، ليكون مجموع أعمالهما 9 أفلام سينمائية. (يمكنك مطالعة.. 9 علامات لعاطف الطيب في سينما نور الشريف).
الطيب أيضًا كوّن دويتو فني مع النمر الأسود أحمد زكي الذي أطل بطلًا لثالث أفلامه "التخشيبة" 1984، وأفلام "الحب فوق هضبة الهرم" و"البريء" 1986، و"الهروب" 1991، و"ضد الحكومة" 1992، ودويتو ثالث مع الساحر محمود عبد العزيز، في أفلام "البريء"، و"أبناء وقتلة" 1987، و"الدنيا على جناح يمامة" 1989، ومن الفنانات ظهرت معه نبيلة عبيد في "التخشيبة"، و"أبناء وقتلة"، و"كشف المستور" 1994، وليلى علوي في "ضربة معلم"، و"البدرون" 1987، و"إنذار بالطاعة" 1993، ولبلبة التي أعاد اكتشافها من جديد في "ضد الحكومة" و"ليلة ساخنة"، ومن المؤلفين، كوّن الطيب مع بشير الديك، دويتو فني في أفلام "سواق الأتوبيس، ضربة معلم، ناجي العلي، ضد الحكومة، جبر الخواطر"، ومع وحيد حامد في أفلام "البريء، التخشيبة، ملف في الآداب، الدنيا على جناح يمامة، كشف المستور"، ومع مصطفى محرم في أفلام "الحب فوق هضبة الهرم، أبناء وقتلة، الهروب".
أعمال الطيب بمثابة سيرة ذاتية للوطن توثق حياة الطبقة المتوسطة في فترة الستينيات والسبعينيات، رحلة مثّلت "دفتر أحوال مصر" ورصدت الكثير مما عاشه المصريون.. "البريء" صوّر اعتقال المشاركين في انتفاضة الخبز عام 1977 وتعذيبهم على يد جنود بسطاء مؤمنين بأنهم يعاقبون أعداء الوطن، وفي اللحظة التي يعي فيها "الجندي/ بطل الفيلم" الخديعة، يصوّب بندقيته باتجاه الضباط، وهي النهاية التي حذّفتها الرقابة قبل أن يُسمح بعرضها بعد ثلاثة عقود.. "الهروب" يروي قصة موظّف يعمل في أحد مكاتب العمل التي فتحت أبوابها في الثمانينيات لتشغيل المصريين في بلدان الخليج، ويقدّم عقودًا مزوّرة مقابل مبالغ كبيرة، فتُدسّ المخدرات في بيته بعد فضحه الأمر، ويُقبض عليه ويهرّبه أحد الضباط الفاسدين ليشغل الرأي العام بقضية موظف هارب من سجنه، وإبعاد الأنظار عن إخفاق السلطة في مواجهة إحدى الجماعات المتطرّفة.. وفي "ضد الحكومة"ترفض السلطة الاعتراف بفشلها وتعتبر حادثة اصصدام حافلة طلاب مدرسة بعربة القطار مجرّد "قضاء وقدر" يستحق عقاب السائق وعامل سكة الحديد، لكن "المحامي / بطل الفيلم" ينجح في طلب الوزراء المسؤولين للمثول أمام المحكمة وتقديمهم إلى العدالة.. "سواق الأتوبيس" هو بمثابة مرثية لفترة الستينات في مصر، وما أعقبها من خلل في التركيبة الاجتماعية والاقتصادية بعد تطبيق نظام الانفتاح الاقتصادي، وهكذا كانت كل أعمال الطيب التي فجّر عبرها ثورة من الواقعية الجديدة، ليصبح رائدها المخلص والأوحد.
وكان عاطف الطيب مريضًا بالقلب ويحتاج لتدخل جراحي، وأقنعه طبيبه أن يجري العملية الجراحية ودخل غرفة العمليات لكن النتيجة لم تكن لصالحه، وتوفي المخرج الكبير في 23 يونيو عام 1995، وكان قد أتم تصوير آخر أفلامه "جبر الخواطر" من بطولة النجمة شريهان، وعُرض الفيلم بعد وفاته بثلاثة سنوات عام 1998.. رحل بعد مشوار فني حافل سعى فيه إلى تقديم صورة هي الأكثر واقعية عن المجتمع المصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.