"حصولي على الجائزة مسؤولية كبيرة للعمل على إنهاء معاناة النساء في العراق والعالم أجمع.. سأتعامل بكل قوة من أجل مساعدتهن على ألا يكن ضحايا لأعمال العنف في أوقات السلم والحرب"، قالت الناشطة الإيزيدية نادية مراد، في أول تعليق على فوزها بجائزة نوبل للسلام. وأعلنت اللجنة النرويجية المانحة لجائزة نوبل للسلام، اليوم الجمعة، فوز الطبيب الكونغولي دينيس موكويجي، والناشطة الإيزيدية نادية مراد، بجائزة نوبل للسلام لعام 2018؛ لجهودهما في إنهاء استخدام العنف الجسدي كسلاح في الحرب والنزاعات المسلحة. المرأة العراقية وقالت بيريت رايس أندرسون، رئيس اللجنة، إن منح جائزة نوبل للسلام لنادية مراد يهدف إلى الدعوة لعدم استخدام اغتصاب النساء كسلاح في الحرب، ولحماية المرأة خلال فترات الصراع، وتقاسم طبيب أمراض النساء موكويجي الجائزة معها، نظرا لجهوده في علاج ضحايا العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ورُشّحت نادية مراد من قبل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية رسميًا، لنيل جائزة نوبل للسلام لدورها المهم في تعريف العالم بمأساة المرأة العراقية عمومًا والنساء الإيزيديات بشكل خاص في المناطق التي احتلتها عصابات داعش الإرهابية. وصرّحت الوزارة في بيانها الترشيحي: "إننا إذ نفتخر بترشيحنا لهذه الشابة العراقية لجائزة نوبل للسلام، ندعو الرأي العام العالمي وكافة المنظمات المعنية إلى دعم ترشيحها لأنها تستحق أن تكون رمزًا لنضال المرأة ضد القوى الظلامية التي تهدف الى استعبادها والنيل من كرامتها، وتحية لكل امرأة عراقية عانت مرارة الخطف والتهجير وفقدان الأهل". كابوس غيّر حياتها نادية مراد باسي طه، هى فتاة إيزيدية عراقية من قرية كوجو في قضاء سنجار ولدت في سنة 1993، وحتى أغسطس 2014، كانت مجرد فتاة لها أحلام عادية، لكن تنظيم داعش الإرهابي استباح قريتها كوجو قرب جبال سنجار في محافظة نينوى شمالي العراق، وهو أمر غيرّ مجرى حياتها تماما لتنخرط لاحقا بنضال طويل توّجته بنيلها جائزة نوبل للسلام. نادية التي كانت تعمل في صالون تجميل وتبلغ من العمر 21 عاما آنذاك، أصبحت إحدى الفتيات الإيزيديات اللاتي تعرضن للاستعباد الجنسي من قبل مسلحي داعش، وفوق ذلك كله قتل هؤلاء المسلحون والدتها وأشقاءها، مما ضاعف من مأساتها. بقيت نادية تخضع للاستعباد الجنسي لمدة 3 أشهر في مدينة الموصل، التي اتخذها داعش عاصمة لخلافته المزعومة، لكنها لم تستلم. الهروب.. وبداية الطريق هربت الفتاة الإيزيدية من ذلك الكابوس الرهيب، وتمكنت من الوصول الى ألمانيا، وبعد علاجها، ظهرت في عدة لقاءات دبلوماسية، وحضرت جلسات لمجلس الأمن، لتصبح من أبرز الأصوات المنددة بالتطرف وباستخدام العنف الجنسي في الحروب. وأطلقت حملة استطاعت أن ترسم فيها البسمة على وجوه الآلاف من الضحايا الذين تعرضوا إلى جرائم بشعة على أيدي "الدواعش"، كما قادت مع المحامية الحقوقية، أمل كلوني، حملة من أجل محاكمة تنظيم داعش الإرهابي على جرائمه في المحكمة الجنائية الدولية. وحصلت الفتاة الإيزيدية، التي كانت تحلم بأن تصبح معلمة، على جوائز أخرى في السابق تقديرا لجهودها، منها تتويجها بلقب السفيرة الأولى للأمم المتحدة لضحايا الاتجار بالبشر وباتت مدافعة عن كرامة الناجين من هذا الفعل المشين. بعد عامين تقريبا، تم تعيينها سفيرة خاصة للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر؛ من أجل التنبيه على معاناة ما يقدر ب3400 من النساء والأطفال الإيزيديين، الذين ما زالوا واقعين بين براثن أفراد داعش المتعصبين. وقال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة وقتذاك، إنه "شرع في البكاء" بسبب ما تعرضت له، ولكن أيضا بسبب "قوتها وشجاعتها و(شعورها) بكرامتها". روت نادية في الأممالمتحدة، عن الأسر والإذلال والعنف، الذي تحتم عليها أن تعيشه هى و150 عائلة إيزيدية أخرى "لم أكن وحدي، وربما كنت أكثرهم حظا، وبمضي الوقت وجدت وسيلة للهروب، في حين لم يستطع ذلك آلاف آخرون، ما زالوا محتجزين". "أنا هنا لتمثيل أولئك الذين ذهبوا ولا يمكننا أن نعيدهم (للحياة). وبذكراهم في قلوبنا سنستمر دائما في مواصلة النضال"، تقول نادية التي دونت تفاصيل قصتها في كتاب "الفتاة الأخيرة": "لكوني ناجية من الإبادة الجماعية تقع على عاتقي الكثير من المسؤولية، كنت محظوظة لأنني نجوت بعد أن قتل أشقائي ووالدتي (...) إنها مسؤولية كبيرة وعليّ أن أتحملها، دوري كناشطة ليس فقط نقل معاناتي، بل نقل معاناة العديد من الناس الذين يعانون من الاضطهاد". وبعد مرور أربع سنوات على مأساة اختطافها من قبل الدواعش، احتفلت في أغسطس الماضي بارتباطها من عابد شمدين، وهو ناشط أيضا في الدفاع عن قضية الإيزيديين، في ألمانيا حيث تقيم هناك، وذلك بعد أن طلب يدها للزواج، عبر رسالة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كتب فيها أن قبول نادية به زوجًا لها سيكون "شرفًا كبيرًا له، وإن تعذر ذلك فإن هذا الطلب هو بمثابة اعتذار رسمي لها عما فعله بها عناصر تنظيم داعش". وردت عليه بتدوينة على "تويتر": "لقد جمعنا نضال شعبنا وسنكمل معا على هذا الطريق". ومن المرتقب أن تجري مراسم تسليم الجائزة حسب التقاليد المعتمدة في 10 ديسمبر، وهو تاريخ وفاة مؤسس الجائزة، ألفريد نوبل، وتبلغ قيمة الجائزة تسعة ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار)، وأعلنت مؤسسة "نوبل" أن القيمة المالية سترتفع 12.5% هذا العام، مع تحسن أوضاع المؤسسة المادية بعد سنوات من الزيادة في المصروفات.