استطاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يُحقق انتصارًا غاليًا على مستوى أدائه كقائد للبيت الأبيض، بعد أن تمكن من توقيع اتفاق تجارة حرة مع المكسيكوكندا، ليفي بذلك بأحد أهم وعوده الانتخابية التي أطلقها قبل خوض السباق الرئاسي عام 2016. تشكل الاتفاقية الجديدة خطوة رئيسية نحو الوفاء بواحد من الوعود الرئيسية لترامب أثناء الحملة الانتخابية، وهو ما من شأنه تحقيق مكسب خاص للإدارة الأمريكية الحالية، في الوقت الذي تعاني فيه من مشكلات واسعة على مستوى العمل السياسي والخطط الاقتصادية. قيمة اليوان.. الصين تناور بآخر كروتها في الحرب التجارية مع ترامب وأكدت مجلة بوليتيكو أن توصل وزراء التجارة من الولاياتالمتحدةوالمكسيكوكندا إلى اتفاق لتجديد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، يعد خطوة رئيسية في طريق ترامب لتحقيق الملامح الاقتصادية والتجارية العامة التي أشار لها خلال الحملة الانتخابية، كما أنه يُمهد الطريق لما من المتوقع أن يمثل صراعا للحصول على موافقة من الكونجرس على الاتفاقية قبل أن يصبح قانونًا. وكشفت إدارة ترامب للكونجرس بشكل رسمي في نهاية أغسطس، عن خططها للتوقيع على ميثاق جديد بشأن حرية التجارة مع كنداوالمكسيك، ومُنحت مهلة نهائية حتى نهاية سبتمبر لتقديم مسودة الاتفاق. وقال الممثل التجاري الأمريكي روبرت لفتايزر في أواخر أغسطس إن المسؤولين يخططون للتوقيع مع نظرائهم الكنديين والمكسيكيين بحلول نهاية نوفمبر، وهو ما جاء مناسبًا للمكسيك التي تسعى إلى توقيع الرئيس الحالي إنريكي بينيا نييتو على الاتفاق قبل تولي خلفه زمام القيادة في بداية ديسمبر. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية في وقت متأخر من يوم الأحد: "إنه فوز عظيم للرئيس وتوثيق لاستراتيجيته في مجال التجارة الدولية". وحسب مجموعة من المسؤولين الذين تم إطلاعهم على الخطوط العريضة للصفقة، فإنها تضمن وضع ضوابط تحكم واردات الألبان، وتسوية النزاعات بين الدول، والحدود على التسوق عبر الإنترنت التي يمكن أن تتم بدون ضرائب، والحدود على التهديد الأمريكي الخاص بتعريفات السيارات. من جانبه، أكد رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو وهو يغادر المكتب في وقت متأخر من ليلة الأحد أنه يوم رائع لبلاده، وقال إنه سيدلي بتعليقات أخرى في الإعلان الرسمي اليوم الاثنين. وعلى مستوى الجبهة الداخلية، تبدو الأمور مُعقدة، لا سيما أنه لن يتم إجراء تصويت رسمي في الكونجرس على المشروع حتى عام 2019، وهو ما يطرح سؤالًا مفتوحًا حول ما إذا كان المشرعون -بمن فيهم أعضاء في حزب الرئيس نفسه الذين غالبًا ما يعارضون ترامب في الأمور التجارية- سوف يساندون الاتفاق. انقسام في إدارة ترامب حول تعامله مع ملف كوريا الشمالية وحسب المجلة الأمريكية، من المتوقع أن يولي الجمهوريون اهتمامًا وثيقًا بالتفاصيل النهائية المتعلقة بتسوية النزاعات وقضايا الملكية الفكرية، بينما من المرجح أن يبحث الديموقراطيون عن معايير أكثر صرامة للعمالة والبيئة. وأشارت بوليتيكو إلى أن المشرعون من كلا الحزبين، إلى جانب مجموعات الأعمال والصناعة القوية، سيبحثون ما إذا كانت الأحكام الجديدة، مثل قواعد السيارات الأكثر صرامة، قد تؤدي إلى جعل الحياة أكثر صعوبة على الشركات المحلية بدلاً من تسهيلها. وأبرز مسؤول رفيع في الإدارة ما وصفه ب "النتيجة العظيمة" بشأن قضايا الألبان التي تم تحقيقها، وتفتح الاتفاقية سوق الألبان الكندية أمام صادرات الولاياتالمتحدة عند مستوى أعلى من حصة السوق التي بلغت 3.25٪ والتي تفاوضت عليها إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما في إطار الشراكة عبر المحيط الهادئ. وقال المسؤول أيضًا إن كندا وافقت على إلغاء برنامج تسعير خاص بمنتجات الألبان مؤخرًا والذي تضرر منه المزارعون الأمريكيون من خلال نقص الطلب على صادراتهم. وفي مقابل ذلك، تمكنت كندا من الحفاظ على أداة تسوية النزاعات، حيث أصرت كندا تاريخيًا على تشكيل لجنة دولية للحكم على ما إذا كانت الولاياتالمتحدة تستخدم بشكل غير صحيح بعض البنود الموجودة في الاتفاقية كسلاح تجاري. ووافقت كندا على تخفيض صادراتها من السيارات، وذلك بعد مجموعة الضرائب والتعريفات الجمركية التي من المتوقع أن يفرضها ترامب على استيراد السيارات لأسباب تتعلق بالأمن القومي، حسبما قال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة. بعد أسبوع مثير للجدل.. هل يسقط ترامب؟ وقالت مصادر قريبة من المحادثات إن هذا الترتيب سيشمل على الأرجح موافقة كندا على اتفاق جانبي سيُحد من صادراتها من السيارات إلى مستوى أقل من حجم التجارة الحالي. وإجمالًا، ترى الأوساط السياسية الأمريكية أن الاتفاق التجاري الذي أبرمته الإدارة خلال الساعات الماضية يمثل انتصارًا واضحًا للإدارة الحالية، والتي راهنت منذ البداية على صفقات التجارة الحرة التي تمنح الولاياتالمتحدة أسواقًا جديدة، مع إمكانية فرض تعريفات جمركية وضرائب تحُد من قدرات الواردات الأجنبية التنافسية في السوق الأمريكي.