«فقر، جهل، مرض، ظلم، صراعات سياسية، وضغوطات اقتصادية..»، أزمات تلخص حال وهموم وطننا العربي الممزق بين صراعات لا تعرف نهاية، حيث يعافر ليل نهار على أمل وضع حد لتلك الأزمات والخروج من الكبوة، ولم يكن الفن منفصلا عن هذا الواقع الأليم، إذ جسدت السينما تلك المآسي والمعاناة الإنسانية في أعمال حملت أبعادا درامية مكثفة لا تتجاوز مدتها 90 دقيقة، وكانت سببا فى الوصول بها إلى العالمية، ومشاركة مخرجي الأفلام العربية فى المحافل الدولية الأهم مثل «كان» و«الأوسكار»، بل والمنافسة على جوائزها الرسمية، والأكثر من ذلك أن بعضهم نجح فى اختطاف الجوائز وليس فقط مشاعر الحاضرين. 1- «يوم أضعت ظلي».. 3 أيام فى ضواحي دمشق يأتي على رأس تلك القائمة الفيلم السوري «يوم أضعت ظلَي» للمخرجة سؤدد كعدان، الذى شارك فى مهرجان فينيسيا السينمائي، فى نهاية أغسطس الماضي، ويتناول الفيلم المأساة التي يعيشها السوريين، من خلال (سنا) أم تعيش بصحبة ابنها الذى لم يكمل عامه العاشر، وذلك بعد سافر زوجها للعمل خارج سوريا، وفى إحدى الليالي الشتوية نفذ الفاز فخرجت تبحث عن مكان لتغيير اسطوانة الغاز فى محيط مدينة دمشق، ولكنها تجد نفسها مع مجموعة من الناشطين الهاربين من جنود التفتيش، لتوجه معهم آثار تلك الحرب لتكتشف خلال رحلة مدتها ثلاث أيام، أن الجميع فقد ظله خلال الحرب. استغرق الفيلم نحو 7 سنوات لكي يخرج إلى النور -ذلك بحسب تصريحات مخرجته ل«رويترز»- حيث استعانت خلال تصوير بممثلين سوريين أغلبهم من اللاجئين، وتم تصوير الفيلم على الحدود السورية اللبنانية وذلك لكى يعكس «يوم أضعت ظلَي» المعاناة الحقيقية التي عاشها الشعب السوري تحت الحرب. يشارك الفيلم ضمن المسابقة الرسمية بالدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي، الذي انطلقت فعالياته الخميس الماضي، ولكن لم يتمكن فريق العمل من الحضور لمشاهدة العرض الأول للفيلم عربيًا (لو عاوز تعرف السبب شوف ده)، ويأتي ذلك بعد مشاركة «يوم أضعت ظلَي» بالدورة ال 43 من مهرجان تورنتو السينمائي، بكندا. 2- «يوم الدين» معاناة إنسانية داخل مستعمرة الجذام بينما يرصد الفيلم المصري «يوم الدين» للمخرج ابو بكر شوقي، الذى شارك بالمسابقة الرسمية بالدورة ال 71 من مهرجان كان السينمائي، فى مايو الماضي، معاناة إنسانية من نوع آخر، لأفراد يعانون من العزلة والتهميش والسبب هو مرض «الجذام» وذلك من خلال رحلة يقوم بها بطل الفيلم راضى جمال، الذى يخوض تجربة التمثيل لأول مرة، هو رجل فى منتصف العمر ترعرع داخل مستعمرة الجذام، ولكنه أخذ قرارُ بالمغادرة بعد وفاة زوجته بهذا المرض، ويرافقة فى تلك الرحلة صديقه النوبي (أوباما) إلى مصر للبحث عن طريقة للوصول إلى عائلته بقنا، وخارج المستعمرة يكتشف لأول مرة حياة بكل ما فيها ويبحث عن الأمل والإنسانية والانتماء. يواصل الفيلم رحلته فى المهرجانات العالمية والمحلية، بعد أن نجح فى اختطاف أضواء «كان» لما ينتاولُه من موضوع إنساني، إذا عرض «يوم الدين» في الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي، ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، كما يشارك الفيلم فى أكتوبر المقبل، بمهرجان لندن السينمائي، وينتظر «الأوسكار» بعد أن رشح من قبل لجنة ترشيح الأفلام المصرية المشاركة في جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. 3- «تل أبيب تحترق» ما بين فلسطين وإسرائيل من فلسطين يعد فيلم «تل أبيب تحترق» للمخرج سامح الزعبي، الأبرز من بين الأفلام الفلسطينية هذا العام، وذلك بعد أن نجح الفيلم فى خطف الأنظار والمشاركة فى الدورة ال75 من مهرجان فينيسيا السينمائي، واختطاف بطلة قيس ناشف، جائزة أفضل ممثل بمسابقة آفاق الدولية، كما يشارك الفيلم فى المسابقة الرسمية بالدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي، يتناول الفيلم قصة شاب فلسطيني يدعى (سلام) ليس لدية خبرة ولكنه يصبح كاتبًا بدار الأوبرا، ويلتقى بجندي إسرائيلي ليكتشف الكثير من الحقائق، ويتعرض للعديد من المشاكل والأزمات. 4- «كفرناحوم» صرخة طفل ضد الظلم قبل أيام اختارت وزارة الثقافة اللبنانية، فيلم «كفرناحوم» للمخرجة نادين لبكي، من أجل تمثيل لبنان فى جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، ويتناول الفيلم حياة طفل يدعي (زين) لم يتجاوز ال12 من عمره، يعيش فى إحدى المناطق العربية التي بها الكثير من الأزمات السياسية والاجتماعية الطاحنة، تلك الطفل يقرر التمرد على واقعة هذة الحياة ويرفع دعوى قضائية ضد والديه، بسبب جلبه إلى الحياة المليئة بالمعاناة التي يعيشها، ونجح الفيلم فى الحصول على جائزة لجنة التحكيم من مهرجان كان السينمائي الدولي فى دورته ال71، وفى الوقت نفسه يعرض الفيلم خلال الدورة الثانية من «الجونة السينمائي» قبل أن يطير إلى «الأوسكار». 5- «الرياح الرباني» الحرب والدمار بسوريا ينضم إلى تلك القائمة الفيلم الجزائري «الرياح الرباني» للمخرج مرزاق علوش، والذي ينافس فى المسابقة الرسمية ب«جونة السينمائي» وذلك بعد عرضه فى «تورنتو»، يتناول الفيلم قصة فتاة يتم تجنيدها من قبل «داعش» مما جعلها تسافر إلى سوريا ومن ثم إلى تركيا وبطرق غير شرعية تتمكن من دخول الجزائر من أجل تفجير القاعدة النفطية هناك، ولكن الشاب الذى يرافقه فى تل العملية يأب ذلك، فماالذى سيحدث بعد رفضه تطبيق الأوامر. فى النهاية، الفن ليس فقط مادة للترفية بل فى بعض الأحيان يتخطى كل الحدود من أجل توصيل رسالة إلى العالم أجمع، وربما هذا هو الهدف الذي تسعى إليه أغلب الأعمال العربية التي حملت على عاتقها نقل معاناة الوطن العربي الذي يعاني من الفقر والظلم والمرض والحروب.