قال باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس مدير إدارة البحث العلمى بمنطقة آثار الإسكندرية، إن منطقة تانيس (صان الحجر) بالشرقية، تعد واحدة من أهم المدن الأثرية المصرية على الإطلاق فى الدلتا، ووصفها نخبة كبيرة من الأثريين وعلماء المصريات العالميين بأنها "أقصر الشمال"، لأنها كانت تلعب نفس الدور الدينى الذى لعبته طيبة العظيمة في الجنوب، مضيفا أن تانيس واحدة من أكثر المدن المصرية التاريخية شهرة على الإطلاق نظرا لورود ذكرها فى العديد من المصادر التاريخية المختلفة وفى الكتاب المقدس. وأشار عباس، في تصريحات له، اليوم السبت، بمناسبة مشروع التطوير الذى تنفذه حاليا وزارة الآثار بالمنطقة، إلى أنه أطلق عليها في اللغة المصرية القديمة "جعنت"، أما اسم (تانيس) الذي عرفت به عالميا فهو المسمى اليوناني لها، موضحا أن الملك رمسيس الثاني، وآثاره الخالدة يشكلان جزءا عظيما من الهوية الحضارية والتاريخية لتانيس خاصة ولشرق الدلتا عموما. اقرأ أيضا| المتحف الكبير يستقبل 11 قطعة من آثار صان الحجر وقال إن موقع تانيس لفت أنظار علماء الحملة الفرنسية واستشعروا قيمته الأثرية والتاريخية، فتحولت بعدها تانيس إلى هدف ثمين من قبل تجار الآثار الأوروبيين، الذين ركزوا جهودهم في اكتشاف كنوزها خلال القرن ال19، فتمكن الفرنسي جان جاك ريفو من نقل تمثالين من نوع أبو الهول من الحجم الكبير من الجرانيت الوردى إلى متحف اللوفر في باريس، وخرجت من أرضها العديد من التماثيل الرائعة التي نقلت إلى متاحف أوروبا الكبرى كبرلين وسان بطرسبرج، مضيفا أن العالمين الفرنسيين هنري سالت وبرناردينو دروفتي، تمكنا من العثور على 11 تمثالا رائعا في أرض تانيس، فأرسلا بعضها إلى باريس والبعض الآخر إلى برلين. وأوضح أن الأثرى الفرنسي الشهير أوجست مارييت، أول من قام بأعمال الحفائر الأثرية المنظمة فى موقع تانيس (صان الحجر) خلال الفترة ما بين عامي 1860 و1864، واكتشف لوحة الأربعمائة عام الشهيرة من عهد الملك "رمسيس الثاني"، والتي تحدثت عن أصول ملوك الأسرة ال19 المنتمين إلى شرق الدلتا، إلى جانب العديد من التماثيل الملكية الأخرى، والتي يؤرخ الكثير منها إلى عصر الدولة الوسطى، مشيرا إلى أن مارييت أخطأ حين اعتقد أن تانيس عاصمة الهكسوس القديمة المعروفة باسم "أواريس"، والتي ثبت لاحقا أنها تقع في موقع تل الضبعة المجاور كذلك فى شرق الدلتا، كما اعتقد أنها ربما تكون عاصمة الملك رمسيس الثاني الشهيرة في شرق الدلتا والتى عرفت باسم "بر رعمسيس"، والتي ثبت لاحقا من واقع الأدلة الأثرية أنها تقع في بلدة قنتير المجاورة في شرق الدلتا. اقرأ أيضا| محافظ الشرقية لأهالي صان الحجر: نقل المسلات يضعنا على خريطة السياحة وبين أن عالم الآثار الإنجليزي فلندرز بترى، قام بأعمال الحفائر داخل الموقع خلال الفترة من عام 1883 إلى 1886، ورسم خريطة تفصيلية للمعبد الكبير الكائن بالموقع، كما قام بنسخ نقوش الموقع وبالعديد من المجسات المختلفة، وتمكن من اكتشاف برديات من العصر الروماني تتواجد حاليا في المتحف البريطاني، مشيرا إلى أنه خلال 30 عاما ما بين 1921 و1951 تولى عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه، أعمال الحفائر الأثرية فى موقع تانيس (صان الحجر)، ومن أبرز الإنجازات الأثرية والعلمية التي قدمها إثباته أن تانيس ليست هي "أواريس" عاصمة الهكسوس أو "بر رعمسيس" عاصمة الملك "رمسيس الثاني"، كما اكتشف مونتيه المقابر الملكية لملوك الأسرتين 21 و22 في عام 1939، وهو الاكتشاف الذي لم يحظ بالتقدير العالمي المناسب له بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية في تلك الأثناء. وعن المقابر الملكية في تانيس، أوضح أن هناك عددا من المقابر بالمنطقة، 4 منها تخص الملوك "بسوسنيس الأول" (1039 - 991 ق.م)، و"آمون إم أوبت" (993 - 984 ق.م)، و"أوسركون الثاني" (874 - 850 ق.م)، و"شاشنق الثالث" (825 - 733 ق.م)، بجانب المنحوتات الرائعة التي عثر عليها في جبانة تانيس تعد من أهم المصادر لدى العلماء عن الأثاث الملكي الجنائزي خلال عصر الانتقال الثالث، وهي من أهم كنوز المتحف المصري بالقاهرة في الوقت الحالي، قائلا إن تانيس تحتوي على عدد من المعابد يقدره بعض العلماء بأنه يبلغ سبعة معابد، وكان "آمون" هو المعبود الأكبر للمدينة ومعه بقية أعضاء ثالوثه زوجه "موت" وابنه "خونسو"، وهم نفس أعضاء ثالوث مدينة طيبة العظيمة، ومن ثم فقد أطلق المؤرخون على مدينة تانيس مسمى "طيبة الشمالية"، لأنها كانت تلعب ذات الدور الديني الذي لعبته طيبة العظيمة في الجنوب. اقرأ أيضا| «خلصت الحكاية».. نقل مسلات صان الحجر الأثرية خارج الشرقية