في الوقت الذي يترقب العالم تحرير محافظة إدلب السورية التي تحولت خلال سنوات الحرب الأهلية إلى معقل للميليشيات المسلحة، على يد الجيش الوطني السوري، يستعد الغرب إلى توجيه ضربة عسكرية مجددة إلى النظام السوري لإضعافه بذريعة استخدامه أسلحة كيماوية ضد المدنيين، إلا أن الحليف الروسي يرى أن المخطط الغربي ماهو إلا دعم للإرهاب خاصة، في ظل تواجد ميليشيات على الأرض مدعومة من قبل استخبارات غربية، محذرا في الوقت نفسه من مغبة شن هجمات عشوائية داخل سوريا. وفي هذا الصدد، وجهت روسيا، تحذيرًا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاءها من توجيه ضربة عسكرية جديدة إلى النظام السوري، مشيرة إلى إن تلك الضربة ستكون عدوانًا غير مشروع، في ظل المعلومات التي تشير إلى أن مسلحي المعارضة يحضرون ل"هجوم كيماوي مزيف" لإلصاقه بالحكومة. السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنتونوف، أبلغ المسؤولين الأمريكيين بأن موسكو قلقة من تحركات الولاياتالمتحدة لشن ضربات جديدة على سوريا، مؤكدا أن الهجوم غير مشروع ولا أساس له على سوريا. تحذيرات المسؤول الروسي جاءت في ظل معلومات متوفرة حول تحضير المسلحين، وخاصة هيئة تحرير الشام لاستفزاز آخر في إدلب باستخدام مواد كيميائية سامة ضد المدنيين لإسناد المسؤولية عن هذه الجريمة إلى القوات الحكومية، بحسب "سبوتنيك". اقرأ أيضًا: لماذا تعتزم واشنطن نشر نظام دفاع صاروخي في سوريا؟ وأضاف السفير الروسي أن من وصفهم ب"الإرهابيين نقلوا إلى مدينة جسر الشغور- 8 أوعية تحتوي على الكلور، كما وصلت مجموعة من المسلحين المدربين تدريبًا خاصًا من قبل قيادة شركة عسكرية بريطانية خاصة، والتي ستقوم بمحاكاة إنقاذ ضحايا الأسلحة الكيميائية ويخططون حتى لجذب الأطفال كرهائن. فالاستفزاز يجرى إعداده بمشاركة نشطة من المخابرات البريطانية، وقد يصبح ذريعة لتنفيذ واشنطن ولندن وباريس هجمات جوية وصاروخية أخرى على البنية التحتية العسكرية والمدنية في سوريا. أما وزير الخارجية السوري الدول الغربية، فقد حذر من شن هجوم جديد على الشعب السوري، قائلًا: إن "قرار الحكومة السورية هو القضاء على الإرهاب في إدلب وفي كل مكان"، وفقا ل"سانا". ومؤخرًا، هدد جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، النظام الروسي من استخدام الأسلحة الكيمائية لاستراجاع "إدلب"، مؤكدًا أن واشنطن سترد بقوة، بحسب "روسيا اليوم". في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشنكوف، أن مجموعة من المسلحين تدربوا على التعامل مع المواد السامة تحت إشراف متخصصين من الشركة العسكرية البريطانية الخاصة "أوليفا"، وقد وصلوا إلى البلدة قبل يوم. كوناشنكوف أوضح أن المسلحين لديهم مهمة محاكاة إنقاذ ضحايا هجوم الأسلحة الكيميائية الذي كان يرتدي ملابس ذوي الخوذ البيض "المشهورين"، بحسب رأي اليوم. اقرأ أيضًا: هل تنشر روسيا أسلحة نووية في سوريا ردا على العقوبات الأمريكية؟ ويبدو أن الجانب الروسي عازم على التصدي لكافة المؤامرات التي تحاك ضد النظام السوري، خاصة أن الهجوم المزعوم المرجح تنفيذه ليس الأول، وإنما كان بداية للتدخل بشكل غير مسبوق في البلد العربي من أجل السيطرة عليه والتصدر لإيران من ناحية، والاستحواذ على ثرواته النفطية من ناحية أخرى. وتأكيدا على ذلك أيضًا، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: إن "موسكو حذرت دول الغرب بوضوح وصرامة من خطورة (اللعب بالنار) من خلال دعم استفزازات كيميائية مفبركة في إدلب". ورأى لافروف أن التهديدات الأمريكية الأخيرة، تعكس محاولة من جانب واشنطن لعرقلة مواصلة عملية مكافحة الإرهاب في إدلب، مؤكدًا على أن موسكو تتخذ مع دمشق الخطوات اللازمة لتسوية الوضع حول إدلب، عن طريق توسيع قاعدة المصالحات من الأطراف السورية المستعدة لإعلان انفصال كامل عن "جبهة النصرة". وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إطلاق مناورات عسكرية واسعة في البحر المتوسط، في تطور ربطه محللون روس مع الحشود الغربية في المنطقة، والاستعدادات لتوجيه ضربة غربية محتملة ضد سوريا. وأضافت الوزارة أن المناورات ستجري بمشاركة 25 سفينة وسفينة إسناد تابعة للأسطول الشمالي وأساطيل بحر البلطيق والبحر الأسود وبحر قزوين، بقيادة الطراد الصاروخي "مارشال أوستينوف". بينما شدد مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، على أن هناك ما يقرب من 10 آلاف إرهابي من النصرة والقاعدة في إدلب يتعين هزيمتهم، مطالبًا بضرورة تجنب الأطراف المتنازعة استخدام الأسلحة الكيميائية. اقرأ أيضًا: العدوان الثلاثي على سوريا.. مؤامرة لا تهدف إلى إسقاط الأسد السؤال هنا.. هل ستتصدى روسيا للهجمة الغربية الجديدة المزعومة على سوريا؟ ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية، أكدت أن المجموعة الهجومية المحتملة لضرب سوريا، مؤلفة من بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة، وتتألف من نحو 70 طائرة استراتيجية مدمرة، قادرة على حمل نحو 380 صاروخا مجنحا، توجد في مدارج الأردن والكويت وجزيرة كريت. وأشارت إلى عدم إمكانية التنبؤ بعواقب الاستفزازات الغربية باستخدام الأسلحة الكيماوية، لكنها لفتت إلى أنه ليس من الممكن الإفلات من العقاب كل مرة. مدير مَعهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية، الدكتور سامي نادر، قال: إن "معركة إدلب تعد الأخيرة في سوريا، نظرا لأنه بعد هذه المعركة سوف تُرسى معادلات قوة وردع سوف تكون أساسية أو مصيرية لمستقبل البلد العربي"، بحسب الشروق التونسية. الخبير الاستراتيجي أوضح أنه من وجهة نظر أمريكا، فسقوط إدلب في أَيدي النظام السوري يعني هذا عمليًا إزاحة نهائية للمعارضة السورية، والأهم من ذلك حدوث خلل أساسي في ميزان القوى بالشمال السوري، المتمركز بها عسكريا، وهو ما لن تقبل به الولاياتالمتحدة وحلفاؤها. يذكر أن واشنطن وباريس ولندن حذرت في بيان مشترك قبل أسبوع من أنها سترد بقوة على قيام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية في هجماته ضد إدلب، وذلك على غرار الهجوم الذي وقع في 14 أبريل الماضي ضد مواقع عسكرية سورية.