احتفلت كوريا الشمالية، وكوبا، أمس الأربعاء، بالذكرى الثامنة والخمسين لبداية العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث ذكرت صحيفة "رودونج سينمون" التابعة للجنة المركزية لحزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، أن "الشعب الكوري والكوبي عززوا العلاقات الودية في النضال من أجل بناء الاشتراكية". وأشارت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إلى أن كلا من كوريا الشماليةوالصين بدأتا في اتخاذ إجراءات لتعزيز علاقاتهما مع كوبا، لتُعيد تحالف القوى الشيوعية خلال الحرب الباردة، التي غالبًا ما تنتقد سياسات الولاياتالمتحدة التي لا تزال تستهدفها حتى الآن. وبدأت العلاقات بين كوريا الشماليةوكوبا، بعد أشهر فقط من ثورة 1959، التي أطاح خلالها فيدل كاسترو بحكومة مدعومة من الولاياتالمتحدة، وتقاربت فيها البلاد من الاتحاد السوفييتي. وتسبب تقارب كاسترو من الفكر الشيوعي وموسكو، في قيام واشنطن بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجزيرة الكاريبية الواقعة على بعد 90 ميلًا فقط من ساحل فلوريداالأمريكية، وتدبير العديد من المحاولات للإطاحة واغتيال زعيمها. وأشاد المقال الذي نشرته الصحيفة الكورية الشمالية بالشعب الكوبي بسبب مواجهته "الغزوات الإمبريالية"، إلى جانب "التهديد العسكري" و"الحصار الاقتصادي" وغيرها من التحركات العدائية الأخرى من واشنطن. وقالت إن الكوبيين "كانوا داعمين للكفاح من أجل العدالة لصالح الشعب الذي رفع العلم الأحمر للثورة دون عنف في وجه ضغط وعقوبات الإمبرياليين" مضيفة أنهم "يقومون بخطوات واسعة في بناء الاشتراكية، والتغلب على التحديات التي يواجهونها". اقرأ المزيد: «استفزاز خطير».. كوبا تمنع مسؤول أمريكي من دخول أراضيها هذه الإشادة جاءت بعد أيام فقط من إرسال كوريا الشمالية مبعوثها إلى كوبا للمرة الثانية في أقل من شهرين، في فترة نادرة من الهدوء النسبي بين الولاياتالمتحدة وبيونج يانج. إلا أن هذا التقارب التاريخي في العلاقات يواجه حالة من الخطر، حيث غيّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من نهجه تجاه كوريا الشمالية بعد أن هاجم حليفها الأكبر، الصين. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه كما أقدم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، على خطوة تاريخية بلقائه مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، في محاولة لتطبيع العلاقات عام 2016، اتخذ ترامب خطوة مماثلة بلقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في يونيو الماضي. وفي الوقت الذي واجه فيه ترامب انتقادات بسبب جهوده لتشويه محاولات أوباما الرامية إلى التقارب مع كوبا وإيران، فقد تواصل هو نفسه مع كوريا الشمالية، وتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يجعل الدولة الشمولية تتخلى عن أسلحتها النووية في مقابل رفع العقوبات. ووافق كيم على هذا الاتفاق، والذي يشمل تفكيك العديد من المواقع العسكرية الرئيسية، وتجميد التجارب النووية والصاروخية، وإطلاق سراح السجناء الأمريكيين وإعادة رفات الجنود الأمريكيين، الذين لقوا حتفهم في الحرب الكورية التي تمثل أول صدام مسلح في الحرب الباردة. ورفضت الولاياتالمتحدة تقديم أي تنازلات حتى يتم نزع السلاح النووي بالكامل، وهددت بإعادة المناورات المشتركة مع كوريا الجنوبية. اقرأ المزيد: قيمة اليوان.. الصين تناور بآخر كروتها في الحرب التجارية مع ترامب وفي الجمعة الماضية، ألغى ترامب بشكل مفاجئ رحلة وزير خارجيته مايك بومبيو، الرابعة إلى كوريا الشمالية، قائلًا "إنني أشعر أننا لا نحرز تقدمًا كافيًا فيما يتعلق بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية". وأضاف "بسبب موقفنا التجاري الصارم مع الصين، لا أعتقد أنها تساعد في عملية نزع السلاح النووي كما كانت تقوم من قبل، على الرغم من العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة". وكان ترامب قد استخدم العلاقات بين كوريا الشماليةوالصين، ضد بعضهما وبعض، ولكن "نيوزويك" ترى أن الخطوة الأخيرة تتمحور حول النزاع التجاري المستمر بين واشنطنوبكين، والذي وصفته بكين بأنه "أكبر حرب تجارية في التاريخ". وتحت تأثير تبادل فرض الرسوم التجارية مع الولاياتالمتحدة، والخلافات حول بحر الصين الجنوبي، التي أفسدت العلاقات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، تقاربت بكين من جانبها مع هافانا. حيث التقى رودولفو ريوس رودريجيز مدير الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الكوبية، مع مساعد وزير الخارجية الصينى تشانج جون فى العاصمة الصينية الأربعاء. وخلال المحادثات، "سلط تشانج الضوء على الوضع الممتاز للعلاقات الثنائية بين كوباوالصين، وكذلك التعاون التاريخي بين البلدين في العديد من المجالات، وتوافق الآراء الواسع حول القضايا الأساسية في الساحة الدولية". اقرأ المزيد: بعد تعثر المفاوضات مع أمريكا.. كوريا الشمالية تركز على الاقتصاد وقالت وزارة الخارجية الكوبية، إن "الطرفين أكدا التزامهما في الدفاع عن تحالفهما، ومواجهة الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها القوى الكبرى"، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة. كما عقد "لي جون هوا" رئيس إدارة المنظمات الدولية والمؤتمرات في الصين، اجتماعًا مع رودريجز، وصفته الوزارة بأنه "اجتماع أخوي يشهد على الإرادة السياسية لكوباوالصين لمواصلة تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشعبين". كما أكد الجانب الصيني مجددًا "دعم بلادهم لكوبا في الحرب ضد الحصار الذي تفرضه الولاياتالمتحدة منذ نحو 60 عاما"، فعلى الرغم من مرور نحو ستة عقود على اندلاع الثورة الكوبية، ما زال الحصار الاقتصادي الأمريكي على كوبا قائمًا. التقارب الكوبي مع كوريا الشماليةوالصين، يثير خوف الولاياتالمتحدة، من أن تحظى أي منهما بموطئ قدم بالقرب من حدودها، لتُعيد ذكريات الحرب الباردة مرة أخرى.