تعيش تركيا اليوم على وقع أزمة اقتصادية طاحنة، بعد انهيار سعر صرف الليرة التركية التي فقدت نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام، وذلك نتيجة التضخم وعجز الموازنة والحساب الجاري، وأخيرًا العقوبات الأمريكية. وهبطت الليرة التركية إلى 7.24 مقابل الدولار، خلال اليومين الماضيين، في أدنى انخفاض قياسي جديد للعملة قد يؤثر على التوازن الاقتصادي في البلد العثماني. محللون، يرون أن الهبوط الأخير في الليرة التركية، "تاريخي"، وذلك بعد يوم واحد من بيانات رسمية أظهرت أن معدل التضخم السنوي في تركيا لا يزال أعلى من 10%، وفقا لصحيفة "حرييت" المحلية. وزادت الحرب التجارية التي تلوح في الأفق بين الولاياتالمتحدةوالصين، من متاعب الليرة التركية، حيث تخطط بكين لفرض رسوم جمركية على أكثر من 100 منتج أمريكي. اقرأ أيضًا: بعد عقوبات ترامب.. هل تشتعل الحرب التجارية بين أمريكاوتركيا؟ لكن ما تسبب في تدهور الأمور أكثر، فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، بعد تهديدات من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض عقوبات كبرى على تركيا، إذا لم تطلق سراح القس الأمريكي أندرو برانسون المتهم بدعم الإرهاب، وفقًا ل"سكاي نيوز". الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصف تدهور عملة بلاده بأنها مؤامرة سياسية ضد تركيا، مؤكدا أن بلاده ستبحث عن أسواق جديدة وحلفاء جدد. أردوغان، أوضح أن هدف هذه العملية هو استسلام تركيا في جميع المجالات من المالية وصولًا إلى السياسية، ونحن نواجه مرة أخرى مؤامرة سياسية، مؤكدًا أنه إذا ضحت الولاياتالمتحدة بعلاقاتها مع تركيا فإن بلاده سترد بالبحث عن أسواق جديدة، وشراكات جديدة وحلفاء جدد، بحسب الأناضول. في حين أعلن وزير المالية التركي بيرات البيرق، أمس، صياغة خطة عمل اقتصادية سيتم تنفيذها على الفور من أجل تقليص مخاوف المستثمرين في أعقاب الهبوط لمستويات قياسية متدنية في قيمة الليرة. اقرأ أيضًا: هل تنتهي الأزمة بين تركياوالولاياتالمتحدة؟ ولم يتردد الرئيس التركي في دعم تصريحات وزير المالية حول الخطة الاقتصادية الجديدة، ليعلن عن استخدام العملة المحلية في المبادلات التجارية الخارجية مع عدد من الدول. وقال: إن "بلاده تستعد لاستخدام العملات المحلية في المبادلات التجارية البينية الخارجية، خاصة مع الصينوروسيا وإيران وأوكرانيا وغيرها من الدول التي نملك التبادل التجاري الأكبر معها، فتركيا اليوم مستعدة لتأسيس النظام نفسه مع الدول الأوروبية، إذا كانت تريد الخروج من قبضة الدولار"، وفقا ل"الشرق الأوسط". أما البروفيسور صالح يلماز، رئيس قسم التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة يلدريم بيازيد بأنقرة، صرح بأن بلاده أثبتت بتلك الخطوة امتلاكها العديد من البدائل في مجالات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا والاستثمارات الأجنبية وأيضًا القروض والتجارة الدولية. ورأى الخبير التركي أن اعتبار أنقرة مجموعة بريكس بديلاً هو أمر جيد وطبيعي، خاصة أنها تُستهدف سياسيًا واقتصاديًا في السنوات الأخيرة من قبل واشنطن والاتحاد الأوروبي، بحسب الأناضول. في السياق ذاته، أعلنت روسيا أمس إعفاء فئات من المواطنين الأتراك بينهم مقاولون ورجال أعمال من تأشيرة الدخول وهو مطلب لأنقرة منذ فترة طويلة. وتراهن السلطات التركية على الإجراءات الجديدة لأجل تحقيق انتعاش طفيف في الليرة أمام الدولار، وسط غضب عارم في الشارع من الانهيار المتواصل. اقرأ أيضًا: صراع بين أبناء الناتو| أمريكا تهدد بوقف توريد الأسلحة لأنقرة.. وتركيا تتوعد البنك المركزي التركي، أكد أنه سيراقب عن كثب عمل الأسواق وتطور الأسعار، وسيتخذ كل التدابير الضرورية لضمان الاستقرار المالي عند الحاجة، متعهدا بتوفير السيولة التي تحتاجها البنوك، وفقا ل"سبق السعودية". وقرر البنك خفض نسب متطلبات احتياطي الليرة بالنسبة للبنوك التجارية لدى البنك المركزي بمقدار 250 نقطة أساس لجميع فترات الاستحقاق، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات ستوفر نحو 10 مليارات ليرة و6 مليارات دولار وما يعادل 3 مليارات دولار من الذهب. في المقابل، كشفت وسائل إعلام تركية، عن قيام مكتب المدعي العام في إسطنبول بالتحقيق مع أشخاص يُشبه في تورطهم بأعمال تهدد الأمن الاقتصاد التركي. وتعهد المدعي العام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق جميع وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي يراها تخدم الغرض من هذا الهجوم، بحسب رويترز. وتتعرض تركيا في السنوات الأخيرة، إلى ضغوطات كبيرة من قبل وكالات التصنيف الائتماني، ولهذا تسعى إلى إنشاء وكالة ائتمانية تابعة لها للحد من تدهور الاقتصاد.