يبدو أن المغرب شعر بالقلق نتيجة التحذير الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكل المتعاملين مع إيران بعد إعادة فرض العقوبات عليها في 6 أغسطس، حيث هدد بوقف تعامله التجاري مع أي دولة تتعامل تجاريا مع طهران. هذا القلق دفع المغرب إلى الاستجابة سريعًا لتحذيرات الرئيس الأمريكي، وقررت الحكومة المغربية تعليق كل التحويلات المالية المصرفية مع إيران، وحظر استيراد السجاد والمواد الأولية من إيران، تجاوبا مع العقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران. وزارة الخارجية والتعاون الدولي المغربية وجهت وثيقة في هذا الشأن إلى القطاع المصرفي في المملكة، إثر تلقيها مذكرة من السفارة الأمريكية بالرباط بشأن العقوبات الاقتصادية الجديدة ضد طهران، وقامت الحكومة المغربية بتحذير مصارفها من مغبة التعامل مع إيران بعد دخول العقوبات الأمريكية على طهران حيز التنفيذ، بحسب صحيفة "ليكونوميست". الوثيقة أطلعت القطاع المصرفي المغربي على المواعيد التي فرضتها الإدارة الأمريكية لدخول القرار حيز التنفيذ ضد التعامل التجاري مع الأصول والاستثمارات ذات الأصل الإيراني، وقالت إن المهلة الانتقالية التي منحتها الإدارة الأمريكية، والتي امتدت 90 يوما قد انتهت يوم الإثنين 6 أغسطس الجاري. اقرأ أيضا: كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على إيران؟ وأضافت الوثيقة أن المرحلة الأولى لهذه العقوبات التي انطلقت الثلاثاء 7 أغسطس، تضم حظر التعاملات المالية، والصادرات من المواد الأولية، والبساط ذا الأصول الإيرانية، وعقوبات أيضا في قطاع السيارات والطيران التجاري، أمّا الحزمة الثانية من العقوبات، فستبدأ في 4 نوفمبر القادم، وستشمل قطاع البترول والغاز، والبنك المركزي الإيراني، وكل ما له علاقة بالقطاع المالي والتجاري، بحسب "العربية نت". تهديد وخسائر استجابة المغرب جاءت بعد أيام قليلة من تهديد ووعيد ترامب، الذي خرج بعد يوم واحد من إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران، عبر موقع "تويتر" في رسالة تحذيرية للدول المتعاملة مع إيران تجاريا، وقال ترامب "إن العقوبات المفروضة على إيران، تم توقيعها اليوم بشكل رسمي، والتي تعد الأقوى على الإطلاق"، مضيفا "أن أي شخص يتعامل تجاريا مع إيران لن نتعامل معه تجاريا". ويأتي فرض العقوبات على إيران بعد إعلان الرئيس الأمريكي في الرابع من مايو الماضي، انسحاب بلاده من خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران. ووضعت العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران عددا من الدول في موقف محرج، بعد تأكيد ترامب أن الشركات التي ستواصل العمل مع إيران، بعد بدء سريان عقوبات جديدة على طهران، لن تعمل في الولاياتالمتحدة. اقرأ أيضا: «النظام لن يسقط».. ماذا بعد تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران؟ وفي حال واصلت هذه الدول تعاملاتها التجارية مع طهران متجاهلة العقوبات الأمريكية، فإن ذلك يعرضها لخطر خسارة سوق الولاياتالمتحدة، التي تعدّ أكبر الأسواق في العالم، بحسب "هسبريس". تستهدف الحزمة الأولى من العقوبات، النظام المصرفي الإيراني، بما في ذلك شراء الحكومة الإيرانية للدولار الأمريكي، وتجارة الذهب، ومبيعات السندات الحكومية، وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن العقوبات التي تم فرضها على إيران، هي الأشد قسوة على الإطلاق، وأوائل نوفمبر المقبل، ستفرض واشنطن حزمة ثانية من العقوبات على طهران، تستهدف بالأساس قطاع الطاقة. مراقبة الانسحاب الأمريكي ويراقب المغرب منذ مايو الماضي تأثير القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي على أسواق النفط العالمية، الذي يستورد تقريبا كل حاجياته من المحروقات، مما يساهم في تدهور عجز الميزان التجاري. وأكّدت مصادر مغربية، أنه باستثناء سعر النفط الذي يمكن أن يؤثر في المغرب في حالة تدهور الوضع في المنطقة العربية بسبب القرار الأمريكي الأخير، فإن الحصار لن يؤثر في المملكة، خاصة في ظل عدم وجود مشروعات مغربية في إيران. وبلغ حجم التبادلات التجارية بين المغرب وإيران أكثر من 4 ملايين دولار السنة الماضية، ولم تتح العلاقات المتوترة بين المغرب وإيران إرساء دعائم علاقات اقتصادية متواصلة، فقد انخرط البلدان في عام 2004 في التفكير في إقامة اتفاق للتبادل الحر، إلا أن ذلك المشروع لم يُترجم على أرض الواقع. اقرأ أيضا: هل حصل المغرب على أسلحة من إسرائيل؟ علاقات متأرجحة في أول مايو الماضي قامت السلطات المغربية بقطع علاقاتها مع إيران بسبب اتهامات تفيد تسهيل عمليات إرسال الأسلحة والدعم العسكري من جانب طهران لجبهة "البوليساريو"، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية، وهو ما نفته وكذبته الخارجية الإيرانية عبر بيان لها معربة عن أسفها لقطع العلاقات الدبلوماسية، في حين دعمت قرار المملكة عدد من الدول الخليجية. هذه الأزمة في العلاقات بين المغرب وإيران ليست الأولى، وربما لن تكون الأخيرة على ما يبدو إذا ألقينا نظرة على تاريخ هذه العلاقة خلال العقود القليلة الماضية. فخلال حكم أسرة بهلوي لإيران والذي ناهز نصف قرن لم تشهد علاقات إيران بالمغرب أزمات تذكر وكانت غالبا مستقرة وثابتة وكان ينظر للبلدين باعتبارهما في صف البلدان الغربية في مواجهة المعسكر الشرقي وكان عدد من البلدان العربية يدور في فلك هذا المعسكر مثل سوريا والعراق ومصر. لكن مع نجاح الثورة الإيرانية، دخلت علاقات البلدين مرحلة التوتر والقطيعة، فقد وقف المغرب ضد الحكم الجديد في إيران إلى أن وصل التوتر إلى مرحلة قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1981 بعد إعلان المغرب، استضافة شاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي الذي لم يجد دولة تستقبله بعد الإطاحة به. اقرأ أيضا: رغم تهديدات ترامب.. دول العالم تتعاون مع إيران إلا أنه في أعقاب نهاية الحرب العراقية الإيرانية ووفاة المرشد الأعلى للثورة في إيران آية الله الخميني، وتراجع إيران عن الاعتراف بالجمهورية الصحراوية بزعامة حركة بوليساريو عادت علاقات البلدين إلى مرحلة الدفء عام 1991، بحسب "بي بي سي". لكن لم يستمر هذا الدفء كثيرا وعاد التوتر بين البلدين ووصل إلى مرحلة القطيعة مجددا عام 2009 بعد التراشق الإعلامي بين البلدين بسبب وقوف المغرب إلى جانب البحرين، بعد إعلان مسؤولين إيرانيين أن البحرين عبارة عن محافظة إيرانية إلى جانب عوامل أخرى ساهمت في القطيعة الجديدة. ظلت العلاقات الدبلوماسية شبه مقطوعة بين البلدين حتى أواخر عام 2016، وقدم سفير إيران الجديد لدى المغرب أوراق اعتماده للحكومة المغربية عام 2015 بينما قدم السفير المغربي إلى طهران أوراقه بعد ذلك بعام، منهيا القطيعة الدبلوماسية بين البلدين والتي استمرت 7 سنوات، إلا أن العلاقات لم تستمر طويلا بعد قطعها في مايو 2018.