على مدار الأشهر القليلة الماضية تصاعدت التوترات بين الولاياتالمتحدةوإيران، إلى الحد الذي أصبح فيه العالم على وشك الدخول في حرب بين الدولتين. وهددت إيران بمنع الوصول إلى أكثر طرق تصدير النفط ازدحاما في العالم، ردًّا على العقوبات الأمريكية التي فرضتها الولاياتالمتحدة بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني. وأشارت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، إلى أنه في الوقت الذي لم يكن فيه أي مؤشر على استعداد إيران لتنفيذ تهديداتها، فإن مثل هذه الخطوة من المحتمل أن تكون كارثية بالنسبة للمنطقة وأسعار الطاقة العالمية. وكانت الدفعة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران قد دخلت حيز التنفيذ، في السادس من أغسطس الجاري، وشملت فرض قيود على الصناعات التحويلية وصناعة الطيران والسيارات في إيران، ومن المقرر فرض الجولة الثانية من هذه العقوبات في 4 من نوفمبر المقبل، إذ ستحظر الشركات الدولية من التعامل مع قطاع النفط والغاز في إيران. اقرأ المزيد: «مضيق هرمز» يفجر أزمة بين روحاني والحرس الثوري وفي خضم معركة سياسية بين الحكومتين الأمريكيةوالإيرانية، أجرت قوات الحرس الثوري الإيراني صاحبة النفوذ الكبير في البلاد، تدريبات عسكرية واسعة النطاق في مضيق "هرمز"، حيث تمر ثلث إمدادات النفط في العالم. وأعرب المتشددون في البلاد عن تأييدهم للرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد أن هدد بإغلاق المعبر النفطي المهم، وهو أمر قالت قيادة الحرس الثوري إنها مستعدة لتنفيذه. وعلى الرغم من هذه التوترات المشتعلة، قال جاكوب شابيرو، كبير المحللين في مركز جيوبوليتيك فيوتشر، ومقره تكساس، ل"نيوزويك" إنه "من المشكوك فيه للغاية" أن تخاطر إيران بإغلاق الشريان الحيوي لتجارة النفط العالمية، ولكن في حال فعلت ذلك، قال إنه "ستكون هناك عواقب وخيمة". وأضاف أنه "إذا قررت إيران أن ليس لديها ما تخسره، بعد أن توقف العقوبات الأمريكية صادرات النفط الإيرانية بشكل فعال، ووضعت الحفاظ على هيبتها في صدر أولوياتها، سيكون هناك ارتفاع كبير وقصير الأجل في أسعار النفط، إذ تمر نحو 30% من تجارة النفط حول العالم عبر مضيق هرمز". إلا أنه أكد "أن الشيء المهم الذي يجب أن نأخذه في الاعتبار هنا، هو أنه سيكون هناك طفرة مؤقتة في الأسعار، فعاجلًا أم آجلًا، سيتم إعادة فتح مضيق هرمز، وربما يزيد منتجي النفط الأمريكيين من إنتاجهم، وسوف تتطلع روسيا أيضًا إلى زيادة الإنتاج"، مشيرًا إلى أن "أهم نتيجة لإغلاق مضيق هرمز، قد تكون إنقاذ الاقتصاد الروسي المتعثر". اقرأ المزيد: بعد التلويح بورقة «هرمز».. سيناريوهات التهديد الإيراني والتحركات الأمريكية ويرى شابيرو أن إيران لا يمكنها تحمل مثل هذه الخطوة، لأنها "ستؤدي إلى تدخل أجنبي"، فمن المرجح أن يتورط الجيش الأمريكي نيابة عن دول الخليج مثل الكويت والسعودية وقطر والإمارات، وهو ما قد لا يستطيع الجيش الإيراني مجابهته. إلا أن مناورات الحرس الثوري الأخيرة في مضيق "هرمز" جذبت انتباه وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، إذ قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فولت للصحفيين، الأربعاء الماضي، إن إيران "تحاول استخدام هذه التدريبات لإرسال رسالة بأن لديهم بعض القدرات". وفي الوقت الذي شهدت فيه هذه المنطقة مواجهات بين السفن الأمريكيةوالإيرانية، قال فوتيل إن التدريبات، التي شاركت فيها نحو 100 سفينة إيرانية، لم تتزامن مع أي مضايقة لأفراد أجانب. وأشارت "نيوزويك" إلى أنه بالإضافة إلى الهزيمة المحتملة في أي مواجهة مع أمريكا، سيكون للأحداث الداخلية التي تشهدها إيران دورًا في تراجعها عن هذه الخطوة، موضحة أن إيران عززت نفوذها الإقليمي من خلال دعم الحركات الإسلامية الشيعية، التي ساعدت حلفاءها في العراق وسوريا في التغلب على الحركات المسلحة وطورت قدراتها الصاروخية، لكن هذه المساعي المكلفة أثّرت على الاقتصاد. اقرأ المزيد: كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على إيران؟ ونوهت المجلة الأمركية، بأن قرار إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، تسبب في انخفاض العملة الإيرانية، وهو ما أثار حالة من الاضطراب واحتجاجات نادرة في المدن الإيرانية الكبرى. ومن الممكن أن تتسبب هذه الخطوة في تشويه سمعة إيران دوليا، فربما تتحول بعض الدول التي ما زالت راغبة في القيام بأعمال تجارية مع طهران مثل الصينوالعراق والهند، ضدها بسبب اعتمادهم على مضيق هرمز. وسيكون هذا في عكس مصلحة إيران، في الوقت الذي وجدت فيه الولاياتالمتحدة نفسها معزولة دوليًّا، بسبب قرارات ترامب الأخيرة في مواجهة إيران. ورفضت الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي، وهي الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا، الاقتناع بحجة ترامب في التخلي عن الاتفاق، الذي قال إنه فشل في كبح دعم إيران للجماعات المتشددة في الخارج، ووقف طموحاتها النووية.