يوما تلو الآخر، يتواصل لم الشمل وتوحيد الصفوف بين دول القرن الإفريقي، بعد صراعات دامية، خلفت الكثير من القتلى، لتنطوي بذلك صفحة القطيعة وتبدأ مرحلة جديدة من السلام. البداية كانت من خلال الاتفاق التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا برعاية إماراتية، والذي أنهى قطيعة مستمرة قرابة 20 عامًا، ثم لحقها اتفاق مصالحة آخر بين الصومال وإريتريا، والذي استمر نحو 15 عامًا. أمس، قام الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو بزيارة تاريخية إلى إريتريا، أنهت من خلالها قطيعة دبلوماسية بين البلدين دامت 15 عاما، ودشنت لمرحلة جديدة من العلاقات، ليس فقط بين البلدين وإنما في منطقة القرن الإفريقي. فقد وقعت إريتريا والصومال في العاصمة أسمرة اتفاقًا لإقامة علاقات ديبلوماسية وتبادل السفراء بين البلدين، وتضمن الاتفاق الذي جاء بعنوان "بيان حول العلاقات الأخوية" عزم البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء، وقعَه الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي ونظيره الصومالي محمد عبد الله محمد فرماجو، حسب الاتحاد الإماراتية. اقرأ أيضًا: «قمة أسمرة».. نهاية الحرب الباردة في إفريقيا تعيد رسم موازين القوى بيان الأخوة نص على أن إريتريا تدعم بقوة الاستقلال السياسي والسيادة ووحدة أراضي الصومال وجهود شعبها وحكومتها من أجل استعادة مكانتها وتحقيق تطلعات شعبها. وتعد هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس صومالي إلى إرتيريا منذ استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، وجاءت على خلفية تلقي الرئيس الصومالي دعوة من الرئيس الإريتري، وتطلع الصومال إلى فتح صفحة جديدة وتحسين العلاقات بين البلدين اللذين تربطهما روابط تاريخية. المتحدث باسم الرئاسة الصومالية عبد النور محمد قال: إن "بلاده مستعدة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع إريتريا"، مضيفًا أن التعاون الدولي هو مفتاح التقدم في القرن الإفريقي، وفقا للصحيفة الإماراتية. فخلال سنوات القطيعة بين مقديشيو وإريتريا، ظلت أسمرة رافضة للاعتراف بالحكومات المتعاقبة في الصومال، معتبرة إياها تابعة لإثيوبيا، غير أن عودة العلاقات الإثيوبية الإرتيرية مؤخرًا مهدت الطريق أمام تطبيع العلاقات بين مقديشو وأسمرة. اقرأ أيضًا: وسط ضغوط دولية.. هل تنجح وساطة إثيوبيا في جنوب السودان؟ كانت العلاقات قد توترت بين البلدين بسبب اتهام الصومال لإريتريا بدعم حركة الشباب المجاهدين، الأمر الذي تنفيه إريتريا، وبسبب هذا الاتهام فرضت الأممالمتحدة عقوبات على إريتريا منذ 2009 شملت تجميد أصول ومنع مسؤولين سياسيين وعسكريين من السفر، بالإضافة إلى حظر على الأسلحة. يمكن القول إن ما حدث من تقارب واستئناف للعلاقات بين كل من إثيوبيا وإريتريا مؤخرًا ثم بين الصومال وإريتريا بعد زيارة الرئيس الصومالي لإريتريا أمس، يؤكد أن منطقة القرن الإفريقى التي تضم الدول الثلاث تشكل أحد المداخل الاستراتيجية المهمة للبحر الأحمر، وتشهد حاليًا ميلاد مرحلة استقرار جديدة، تنهي عقدين كاملين من الحروب والصراعات التي استنزفت دول المنطقة، حسب رويترز. ووفقًا لخبراء الشأن الإفريقي، فإن ثمة خريطة جديدة يتم رسمها للقرن الإفريقي الذي مزقته الحروب والصراعات الداخلية على امتداد عقود طويلة، كان لها تأثيرها السلبي على الأوضاع في الصومالوجنوب السودان، وصولًا إلى تشاد، وكان لها تأثيرها السلبي على أمن البحر الأحمر، حيث نشطت عصابات القراصنة التي تهدد أمن الملاحة في مداخل البحر الأحمر. بينما رأى دبلوماسيون متخصصون في شؤون القرن الإفريقي أن الصومال يندفع نحو الخروج من خطأ الاصطفافات الإقليمية منذ إثارة مقديشو للخلاف مع الإمارات، وأن الرئيس الصومالي يسعى لدى نظيره الإريتري لإخراجه من حالة العزلة من أجل أن تكون بلاده جزءًا من تحولات واعدة ترعاها السعودية والإمارات وتساهم فيها مصر وسط ترحيب ودفع دوليين، وفقا ل"العرب اللندنية". وإذا كانت المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإرتيريا دشنت بداية مسار جديد للأمن والتنمية في القرن الإفريقي، وأوجدت حالة من الرغبة في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة شرق إفريقيا عامة، فإن المصالحة التاريخية كذلك بين الصومال وإريتريا بعد 15 عامًا من القطيعة جاءت لتكمل مثلث الاستقرار والتنمية في القرن الإفريقي. اقرأ أيضًا: رسميًا.. انتهاء الحرب بين إثيوبيا وإريتريا فيما اعتبر خبراء خليجيون أن زيارة الرئيس الصومالي تعبّر عن خروج من المأزق الذي وضعت مقديشو نفسها داخله باتخاذ الموقف الخطأ في مسألة مقاطعة السعودية ومصر والإمارات والبحرين لقطر، وأن الدبلوماسية الصومالية قرأت المشهد الجديد وفهمت أن المنطقة برمتها مقبلة على تحولات لن تستطيع الدوحة أو غيرها تعطيلها. ويرى مراقبون أن مسارعة السفير القطري في مقديشو حسن حمزة أسد هاشم إلى عقد لقاء مع وزير الخارجية الصومالي أحمد عيسى عود في أسمرة عشية زيارة فرماجو لإريتريا، يكشف عن القلق الذي يعتري الدوحة جراء احتمال التحاق الصومال بعملية إنهاء الأزمات التي ترعاها الإمارات في منطقة القرن الإفريقي، وفقا للصحيفة. وكالة الأنباء الصومالية أفادت بأن السفير القطري سلَم وزارة الخارجية سيارة مصفحة للشخصيات الهامة، وأرسلت أيضًا مساعدات مدنية وعسكرية للصومال في مسعى لاستمالة مقديشو صوب المعسكر المعادي لدول المقاطعة العربية. وأخيرًا يمكن التأكيد أن أسمرة أصبحت نقطة البداية لتدشين التوجه الجديد نحو إشاعة مناخ الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي، بما يعود بالمصلحة والنفع على شعوب القارة برمتها، كما أن شهر يوليو 2018 سيكون شهر المصالحات التاريخية بين دول مثلث القرن الإفريقي.