من حديقة البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر صحفي مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، عن توصل واشنطن وبروكسل إلى هدنة تجارية. دفعت هذه الهدنة التجارية المفاجئة العديد من المحللين إلى طرح سؤال هام، "ماذا يعني هذا بالنسبة للحرب التجارية مع الصين؟". شبكة "بلومبرج" الاقتصادية، أشارت إلى أن الخبراء توصلوا إلى إجابتين مختلفتين حتى الآن. حيث يرى أحد المعسكرين أن الصفقة بين ترامب ورئيس المفوضية الأوروبية لتعليق التعريفات الجديدة أثناء التفاوض على العلاقات التجارية، تعد محاولة متعمدة لإصلاح العلاقات مع الحلفاء، في الوقت الذي تستعد فيه الولاياتالمتحدة لنزاع طويل الأمد مع الصين. حيث قال كريشنا جوها، نائب رئيس شركة "إيفر كور"، إنه "من المحتمل أن تسعى الولاياتالمتحدة إلى التقليل من حدة التوتر التجاري مع حلفائها، من أجل زيادة نفوذها والبقاء في موقع قوي في الصراع التجاري مع الصين". وأضاف أن تقييمات الشركة، تشير إلى أنه لن تكون هناك صفقة بين الولاياتالمتحدةوالصين قبل عام 2019. اقرأ المزيد: محاولات أوروبا الأخيرة لتجنب الحرب التجارية مع أمريكا من جانبه صرح تشوا هاك بين كبير الاقتصاديين في شركة "مايبانك كيم إنج" للأبحاث في سنغافورة، بأنه من المرجح أن تشجع الهدنة الأمريكية مع أوروبا، ترامب لزيادة ضغوطه على الصين. وأضاف تشوا أنه "من المرجح أن يبدأ ترامب في التفاخر، والقول بأن تهديداته في الحرب التجارية ذات فاعلية"، مؤكدًا أن "احتمال قيام حرب تجارية شاملة بين الولاياتالمتحدةوالصين، ارتفعت بعد الاتفاق التجاري بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي". وذكرت "بلومبرج"، أن وجهة النظر الأخرى هي أن صفقة ترامب المحتملة مع أوروبا تظهر كيف يمكن التوصل إلى اتفاق مع الصين. حيث قال آندي روثمان المحلل الاستراتيجي في شركة "ماثيوز آسيا" للاستثمار، "إن استعداد ترامب للموافقة على هدنة تجارية مع الاتحاد الأوروبي يعد علامة إيجابية على أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مماثل بالتفاوض مع الرئيس الصيني شي جين بينج". وأضاف "أعتقد أيضا أن الرئيس الصيني في وضع أفضل يمكنه من الحصول على تنازلات أكثر مما تمكن يونكر من الحصول عليه، وبالتالي الحصول على نتائج أكثر واقعية من ترامب". وأشار روثمان إلى أن ذلك يرجع إلى موقف شي كزعيم وحيد لبلده، وتعهده بجعل اقتصاد الصين أكثر توجهًا نحو اقتصاد السوق. اقرأ المزيد: الحرب التجارية.. كيف ستتأثر الصين بالرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة؟ وترى الشبكة الاقتصادية، أن هناك أمرا واحدا يمكن أن يتفق عليه المحللون، وهو أنه يجب الاعتماد بشكل كامل على الهدنة التجارية بين أمريكا وأوروبا قبل اكتمالها. حيث تقول ديبورا إلمز المديرة التنفيذية لمركز التجارة الآسيوي، وهي شركة استشارية في سنغافورة، إنه "يجب علينا أن نكون حذرين"، فالاتحاد الأوروبي حصل على وعود بالبدء في المفاوضات. الأمر نفسه حدث مع الصين، إلا أنه بعد جلستين من المحادثات، انتهى الأمر بالصين في مواجهة رسوم جمركية على بضائعها بقيمة 50 مليار دولار مع احتمال فرض المزيد من الرسوم مستقبلًا". وكان ترامب قد فرض بالفعل رسوم جمركية بنسبة 25% على بضائع صينية بقيمة 34 مليار دولار، مع احتمال استهداف بضائع أخرى بقيمة 16 مليار دولار قريبا، وهو مما دفع بكين إلى الانتقام. وفي الوقت نفسه، حدد مكتب الممثل التجاري الأمريكي قائمة تضم بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار إضافية، مع التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 10٪، كما هدد ترامب باستهداف بضائع صينية تصل قيمته إلى نحو 500 مليار دولار، وهو ما يعادل قيمة الصادرات السنوية للصين تقريبًا. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن هناك القليل من علامات التفاوض بين الولاياتالمتحدةوالصين، إلا أن الوضع لا يزال غامضًا، حيث فاجأ ترامب الجميع بالمضي قدما في فرض الرسوم الجمركية، حتى بعد أن أعلن وزير الخزانة ستيفن منوشن في مايو أن الحرب التجارية "معلقة". اقرأ المزيد: ترامب يتراجع أمام الرئيس الصيني في الحرب التجارية كما رفع ترامب الحظر على قيام الشركات الأمريكية ببيع التكنولوجيا المتقدمة إلى شركة الاتصالات الصينية "زد تي إي"، كما اختار الرئيس الأمريكي فرض قيود بسيطة على الاستثمارات الصينية في البلاد. وأشارت "بلومبرج" إلى أنه في الوقت الذي لا يزال فيه المسؤولون الصينيون منفتحين على التوصل إلى اتفاق مع الولاياتالمتحدة، فإنهم غير واثقين تمامًا بنظرائهم الأمريكيين. وفي الوقت الراهن، يرى العديد من الخبراء الاقتصاديين في مجموعة "جولدمان ساكس"، أن التوقعات بحدوث انفراجة في التوترات الأمريكيةوالصينية، منخفضة. حيث ذكر تقرير للمجموعة أنه "بشكل عام، لا نعتقد أن التطورات الإيجابية الأخيرة بشأن التجارة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ينبغي تفسيرها على أنها تمثل انخفاضا في المخاطر بالنسبة للنزاع التجاري الرئيسي مع الصين، وفي الواقع، من المحتمل أن يعني ذلك العكس". ووفقًا لتقرير آخر من "جولدمان ساكس"، قد يكون تأثير هذه الحرب التجارية على نمو الصين محدودًا حتى الآن، حيث إن تراجع قيمة اليوان في الفترة الأخيرة، من المرجح، أن يعوض تأثير أول جولتين من الرسوم الجمركية الأمريكية على النمو في الصين.